لا يختلف اثنان على أن «الغيرة» موجودة داخل كل إنسان.. بدءًا من الطفل الصغير، مرورًا بالشباب، ووصولاً لمرحلة الشيخوخة.. فهي عاطفة تتوالد وتتنامى في نفوسنا. والغيرة - كما هو معروف - أنواع وأشكال. نوع محبَّب ومطلوب، كالغيرة على الدين والوطن والأهل.. والغيرة التي تنتج من التنافس بين الزملاء في كل موقع عمل أو دراسة؛ فيسعى كل واحد لتحقيق الأفضل، والفوز بالنجاح وحتى الاهتمام.. والغيرة المحببة هي التي تحدث بين الأزواج، وكذلك الأبناء أو الأطفال. وتُنتج الغيرة المرضية وغير المقبولة من عملية تنافس، يُساهم في وجودها أولياء أمور الأطفال (آباء أو أمهات). وكم من طفل صغير راح يبكي، ويصرخ بحرقة، عندما يشاهد والدته تهتم بابن شقيقتها، أو حتى تقوم بإرضاعه.. وكم من فتاة كرهت شقيقتها نظرًا إلى أن والدتها كثيرًا ما تمتدحها لتميُّزها وتفوقها؛ ما يثير في نفسها نوازع الغيرة والكراهية. وكثيرًا ما يحدث عند الزواج باثنتين غيرة شديدة بينهما نظرًا لشعور إحداهما باهتمام الزوج البالغ بها، أو لامتداحه المتكرر لها، ولو من خلال تعبير عفوي وتلقائي، لم يستطع إخفاءه؟! وكم نتج من ذلك حوادث مميتة.. فكم من زوجة اندفعت في لحظة غيرة عمياء لقتل ضرتها.. أو حتى زوجها؛ لإفراطه في تدليل ضرتها.. وكم نقلت «الجزيرة» وغيرها من وسائل الإعلام أخبارًا مؤسفة ومحزنة، حدثت نتيجة ل»الغيرة الممجوجة»، بل القاتلة. ولا يمكن أن ننسى أبشع حادثة كانت وليدة الغيرة العمياء والمميتة التي حدثت في الكويت، عندما أقدمت الزوجة الأولى على إشعال حريق في خيمة عرس زوجها بالثانية، وتسببت في كارثة، ذهب ضحيتها 44 بين طفل وامرأة، وأكثر من 100 مصاب بحروق مختلفة، بعد اضطرام النار في خيمة العرس. وقاد اعتراف خادمة، تعمل لدى أحد أقارب العريس في الزواج الكويتي، الذي أُقيم بالجهراء، إلى الفاعل الحقيقي لهذه الكارثة، الذي اتضح أنه الزوجة الأولى للعريس. ووفقًا لما نُشر حينه، فقد اعترفت الزوجة السابقة لعريس الجهراء بإضرامها النار في خيمة العرس في منطقة العيون بالكويت، وذلك بعد مواجهتها والتحقيق معها من قِبل الإدارة العامة للمباحث الجنائية. وفي بادئ الأمر نفت الزوجة المتهمة بشكل قاطع أن تكون قد حضرت في مكان العرس، كما أنكرت علاقتها بالحريق، إلا أنه بمواجهتها بأقوال الشاهدة تراجعت معترفة بقدومها من منطقة الرحاب حيث تقطن إلى منطقة العيون حيث العرس. وقد أقلها (تاكسي) إلى الموقع. وأمام التناقض في أقوالها تم التحفُّظ عليها حتى ساعة متأخرة من الليل لمواصلة التحقيق معها. وكانت تلك الجريمة نتيجة لغيرة الزوجة الأولى من قيام زوجها بالزواج عليها. وتسبَّبت غيرة سيدة سعودية متزوجة في سجن زوجها 9 أشهر، وجَلْده 100 جَلْدة، إثر إبلاغها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمغامراته العاطفية المحرَّمة، التي بدورها تحفظت على الزوج ومضبوطاته، وأحالته لهيئة التحقيق والادعاء العام، وذلك قبل وقوفه أمام قاضي المحكمة الجزئية. وهو الأمر الذي تسبب في حرمانه من قضاء شهر العسل مع الزوجة الثانية. وتعود تفاصيل القضية عندما أبلغ الزوج زوجته بأنه ينوي السفر إلى إحدى البلدان العربية للزواج من فتاة أخرى؛ فقامت الزوجة بالتحفظ على أقراص مضغوطة خلسة، كانت في إحدى حقائب سفر زوجها. التي اتضح لها بعد مشاهدتها أنها تحتوي على أفلام خليعة لزوجها مع عدد من بائعات الهوى بعدد من الدول الأخرى وهو في أوضاع فاضحة. والحديث عن الغيرة يطول، لكن من أبشعها الغيرة بين زملاء العمل الذين يكيدون لبعضهم كيدًا كريهًا نابعًا من الحسد.. فتُكتَب الخطابات الكيدية، وتُنشَر الشائعات المغرضة البعيدة عن الحقيقة.