توقع اقتصاديون أن تنقل «رؤية المملكة 2030» الاقتصاد السعودي من الاستهلاك إلى الإنتاج عبر تنويع مصادر الدخل والانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط. وقال الاقتصادي الدكتور عبدالحفيظ محبوب أن السعوديين كانوا يترقبون الرؤية المستقبلية لوطنهم، مشيراً إلى أننا بحاجة لنعيد النظر في أداء الكثير من القطاعات الاقتصادية, فمثلاً نحن ننفق في السياحة سنويا خارج السعودية ما يفوق 70 مليار ريال وتخرج أموالنا إلى خارج السعودية كتحويلات عمالة الوافدة بمبالغ تجاوزت سقف ال200 مليار ريال، وقد فشلت العقلية الاقتصادية التقليدية في خلق بيئة اقتصادية مواتية لاستثمار هذه الأموال داخل الاقتصاد السعودي، وما أكثر المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد، بدءًا من مشكلة البطالة الهيكلية في بلد يعج بالعمالة الوافدة ويعاني أزمة الإسكان. مضيفاً بأن هناك عدداً من المرتكزات التي تحدث عنها الأمير محمد بن سلمان أمس الأول وسط طموحات عالية تسابق أحلام كل متابع، ورهان على كسب تحدي التحول إلى اقتصاد متنوع لا يعتمد على النفط، وكل دول العالم تنتظر هذا الحديث. مشيراً إلى أن رؤية الأمير محمد بن سلمان أعطت إطاراً عاماً للأهداف، والإصلاحات، والعمل الجاد، نحو تطور اقتصاد قادم يرتكز على العنصر البشري، ويستشرف المستقبل، ونقل الاقتصاد السعودي من الاستهلاك إلى الإنتاج عبر تنويع مصادر الدخل لعالم ما بعد النفط. فالمشروع أكبر من التفاصيل وهو برنامج يتحدث عن الحيز الأكبر لجزيرة العرب ليس فقط على مستوى الهوية بل على مستوى الإنتاج، والتحول من الدولة الراعية إلى دولة صناعة الإنسان المنتج. وأشار محبوب إلى أن الانتقال إلى عالم ما بعد النفط يهدف لتحقيق الإنتاجية والكفاءة، وهي رؤية ذات دلالات كبيرة وأبعاد إستراتيجية ستجني المملكة ثمارها باقتصاد إنتاجي متنوع، لكن وفق مراقبة وتقارير ربع سنوية كما ذكر الأمير محمد بن سلمان. منوهاً بأن إعادة الهيكلة ليس في المسمى بل في نقل مؤسسات الدولة من الممارسة التقليدية إلى نظرة أخرى أعمق، ليست قصيرة المدى تتمحور فقط حول ترشيد وكفاءة الإنفاق، بل هي نظرة أوسع من ذلك بكثير تنتقل إلى رسم مستقبل بإدارة ذات سمة عهد جديد حيث تمتلك السعودية جبهات عدة وفاعلية مستمرة. فالدولة ستتجه بشكل جاد إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، بل ستتجه نحو التخصيص الذي يتصف بالحوكمة والشفافية العالية حتى يجعل الفساد أصعب بسبب الحوكمة وتعزيز الرقابة. وتابع: نحن قادرون على إنشاء دولة جديدة بإنتاج جديد حيث تمتلك السعودية كفاءات عالية جدا قادرة على قيادة هذا التحول من الإدمان على البترول وهو ما عطّل التنمية. فالرؤية الجديدة قادرة على إعادة هيكلة الاقتصاد ومؤسسات الدولة وهناك خطط طموحة حيث تهدف الرؤية إلى رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص إلى 65%، ورفع نسبة تملك المساكن من 47% إلى 53%، ورفع نسبة الصناعات العسكرية من 2% إلى 50% بعد ربط الصفقات العسكرية بالصناعات المحلية، والتوجه نحو الصناعات المعدنية التي أهملت فترة طويلة أو استغلت استغلالاً سيئاً خصوصا وأن السعودية تمتلك عدداً كبيراً جدا من المعادن، تلقائيا سوف تقضي هذه الرؤية الطموحة التي كشفت عن القوى الكامنة في الاقتصاد السعودي على البطالة من دون إستراتيجية القضاء عليها التي وضعتها الدولة، بل سنحتاج إلى كفاءات أجنبية للمشاركة في النهضة الجديدة الواعدة التي غابت خلال الفترة الماضية. ويستطرد قائلاً: نحن بصدد تنوع في الاستثمارات الجغرافية وتنوع في عملية الاستثمار أي أن يكون التنويع شاملاً بعيداً عن استثمارات وزارة المالية التقليدية السابقة التي تعتقد أنها قادرة على تسييلها وقت الحاجة إليها، لكن النظرة اختلفت في الرؤية الجديدة. من جهته قال الدكتور عبد الله المغلوث عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض أن الرؤية الجديدة تستهدف التوجه نحو التنمية الشاملة في التنمية والاقتصاد والحياة الاجتماعية. مشيراً إلى أن المملكة قامت مسبقاً بإجراءات وإصلاحات مهدت لهذا الطريق من خلال التوسع لإنشاء هيئات مستقلة وإجراءات فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وإيجاد توازن في الإيراد والإنفاق في موازنة الدولة. وأضاف المغلوث أن مقابلة سمو ولي ولي العهد أكدت أن هناك 3 مرتكزات تسعى المملكة من خلالها إلى وضع إجراءات وآليات لكي تحقق أهداف التحول الوطني والتي يتضمن منها برامج وهو طرح 5% من أرامكو بهدف تعزيز الاقتصاد بالإضافة إلى جوانب فنية والقصد من الفنية هو الاستثمار العائد من جراء بيع أسهم أرامكو بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل بالإضافة إلى أن قيمة الأسهم ستدخل في الصندوق السيادي والذي أرى أنه سيغير خريطة الاستثمارات السيادية والذي سيعتبر أكبر صندوق سيادي في العالم. كما أن هناك توجه للاستفادة من أصول الدولة واستثمارها سواء كانت بالبيع أو الاستثمار. وهذا التحول خطوة مشجعة لاستقطاب أكثر من 140 مليار دولار كاستثمارات أجنبية، وهذا التحول قد يعزز فرص الاستثمار وفتح فرص وظيفية لأكثر من مليون مواطن وتجعل المملكة نمراً اقتصاديا. وأشاد المغلوث بكلمة سموه حول تعزيز وتحسين الإيرادات من وضع 70 بنداً لتحقق أكثر من ترليون ونص وأن البطاقة الخضراء ستمكن العرب والمسلمين من العيش في المملكة وفقا لضوابط وإجراءات تحقق هذه الرؤية. إلى ذلك قال المحلل الاقتصادي محمد عبدالرحمن العزيب إن رؤية المملكة 2030 جريئة وموفقة وتعتبر الأولى من حيث الفكرة في الاقتصاد السعودي، وهي رؤية لتحديد السياسة الاقتصادية والاجتماعية مستقبلا والتحول كلياً من الاعتماد على النفط إلى ما بعد النفط, مضيفا بأن المملكة تملك من العقول والأفكار والموارد التي تؤهلها بأن تكون دولة منتجة ومصنعة وقادرة على التقليل من الاعتماد على البترول في المستقبل وأن الدول التي سبقت المملكة بالصناعة والاعتماد على مواردها كانت مجرد فكرة واليوم تحصد هذه الدول أفكارها على أرض الواقع من صناعة وتقدم وازدهار والمملكة لا ينقصها شيء في جميع المجالات إلا أن تنطلق رغم التحديات التي ستواجها في البداية لكون فكرة تنويع الاقتصاد جديدة, وأضاف: سيجلب هذا التوجه الجديد الاستثمار الأجنبي ليكون شريكً أيضاً ودعماً إضافياً في التحول الاقتصادي وتطويره مثلما فعلت دول كثيرة بجلب الاستثمارات لبلادها وهنا تكون الإستراتيجية نقطة تحول حقيقية. من جانبه قال الدكتور عبدالله عبدالرحمن باعشن بأن الرؤية ستعمل على رفع كفاءة الأداء الاقتصادي ورفع كفاءة أجهزة الدولة بشكل عام وقياس المخرجات مما يعطي إستراتيجية لآلية رقابة اقتصادية مباشرة على النتائج مضيفا بأن الرؤية ركزت على استثمار الإمكانيات المتاحة لدى المملكة لصناعة مستقبل اقتصادي متطور كما أن الرؤية تطرقت إلى الاستثمار في جزء من قيمة شركة أرامكو ويهدف هذا القرار لدفع عجلة الاستثمارات المتنوعة المستقبلية.