أفكر أن أخرج.. أغير من نمط الرتابة.. الشوارع الفسيحة.. تكتظ بالسيارات المتوقفة جراء الازدحام.. شرطي المرور بلا صفارة.. الشمس تميل نحو الغروب.. يتمدد ظل البنايات.. وعند مفترق الطرق تكون شهقة صوتكِ أنصاف للنخلة الباسقة عند الاستدارة. معاناة ارتدى معطفه الثقيل.. الدراجة الهوائية المركونة بالقرب من السياج.. بلل هيكلها ضباب صباحي.. فرن الصمون أشعره بالدفء.. صوت مذياع يصدح بأدعية متكررة.. الرغيف الساخن يفتح الشهية للمضغ.. طفلته التي تحبو.. تبكي.. تريد حليباً من بقرة جارهم المتخم. ذكريات يخطو بتأنٍ في الزقاق العتيق.. تفوح روائح ذكريات لا تتوقف عن النبض.. ذاك دكان جده.. على بُعد دارين.. عاش أول قصة حُب.. ما زال الشباك يراقص نظراته.. شم عطر بخور.. تابع الطابوق المرصوف.. قبل ان ينهي جولته.. لمح ابتسامة خلف ذاك السور.. وصوت يندهه.. نبرات سمعها كثيراً.. تختلط في ذهنه مسارات تتلاقى عند رهبة متوجسة.. يستفيق.. جده يغلق باب المحل.. يمضي في الاتجاه الاخر.. ترتفع داخله هلوسة مفزعة. صياد ضوء ينعكس على سطح النهر.. يفجر شعاعا حاداً.. جسر منحنٍ نحو الضفة الأخرى.. يخفي تحته ظلاً يغطي سحب ماء.. الخيط الذي سحب السمكة من خياشيمها.. يعود لصياد غادر قبل صلاة الظهر.. لن يرجع إلا عند صلاة الفجر عندها تكون الأسماك قد رحلت.. ومياه كثيرة غادرت النقطة بلا عودة ترجى. أرق متوارث تتهادى نسمة باردة.. ما بين باب لم يوصد.. وجسدي المنكمش تحت وطأة انحسار الدثار.. في الزاوية قطة بيضاء تموء بصوت ضعيف.. المصباح المعلق أعلى الجدار ضوؤه متذبذب لعدم استقرار التيار.. يأتي نداء من الغرفة المجاورة : أما زلت مستيقظا أم عدت إلى النوم.. أتحسس فكي الأعلى لم تبقَ سوى أربع أسنان لا تجيد المضغ.. يعاود السؤال : الصمت يكرس مواء خافت. شذى الفلاة الصوت المنساب عبر بوابة الوجد.. لا يمكن ان يكون سيلا في فلاة.. نبراته تُحيي قلوبًا جَفّ نسغُها..أو احتمالاً لهالةٍ مستديرة يغفو فيها القمر.. حيث تضطجع زهرة بلون بصلي.. يفوح عطرها في أرجاءٍ لا تنُسى معالمها.. ابتداءً هي حصيلة نبتةً سُقيت بذات الماء الذي غَمر الصحراء. - صالح خلفاوي