شبه جزيرة الفاو (العراق) - رويترز - تتلألأ الزعانف والخياشيم لتعكس بريقاً فضياً في ضوء الفجر، فيما يفرغ صيادون عراقيون ما رزقوا به من الأسماك، فرحين بالعودة من مياه يحرسها اثنان من ألد أعداء العراق السابقين: ايران والكويت. ويقول صيادون إنهم كثيراً ما يواجهون مشاكل مع القوات البحرية الكويتية والايرانية التي تنظم دوريات على الحدود البحرية المتنازع عليها، وأحياناً يتم القبض على بعضهم. وقال خليل عبود، وهو صياد كان يقف بين اكوام من السمك معروضة للبيع في مراسي القوارب إن «المشكلة هي الحدود. هي ليست محددة وهذا يعرضنا للمنع او السرقة او الضرب». ويتفق ياسين ياسر معه في هذا. ويقول وهو يتنقل بمهارة فوق الالواح المتهالكة بين الزوارق والمرسى «حين نخرج يلاحقنا الجميع، الكويتيون والايرانيون». وكانت السيطرة على ممر شط العرب المائي الممتد بين ايران والعراق ويصب في الخليج أحد الأسباب الرئيسية في الحرب بين الدولتين في ثمانينات القرن الماضي. ولم تتم تسوية النزاع على الحدود. وفي عام 2007 اعتقلت ايران 15 بحارا بريطانيا لأنهم دخلوا مياهها الإقليمية، فيما أكدت بريطانيا انهم كانوا في المياه العراقية. ولم تحدد الكويت والعراق حدودا بحرية بعد منذ حرب عام 1990. ويقول البعض عند المراسي إن الكثير من الايرانيين ينظرون الى العراقيين بعداء وإن الكويتيين ما زالوا يشعرون بمرارة بسبب الحرب التي شنها العراق عليهم. وقال ابو احمد الذي كان يشتري السمك: «يعاملوننا بهذه الطريقة بسبب الحروب. أتظن انهم سيبتسمون لشخص ربما يكون قد قتل والدهم او شقيقهم؟». ولا تزال ذكريات حرب ايران - العراق قوية في الفاو. ويطل وجه زعيم الثورة الايرانية الراحل اية الله روح الله الخميني المتجهم على الجانب الاخر من المياه عند مراسي الفاو من لوحة في الجمهورية الاسلامية. غير ان بعض الصيادين قالوا إن العلاقات مع ايران لم تكن متوترة دوما. وأضافوا أن التوتر ظهر بعد الفوضى التي عانى منها العراق بعد سقوط الرئيس السابق صدام حسين عام 2003. وكانت الميليشيات تسيطر على معظم الجنوب، حيث انتشر التهريب. وقال الصياد عبدالخالق: «كانت علاقتنا بهم جيدة لكن التلويح باليد تحية الذي كنا نلقاه حين كنا ندخل الى مياههم تحول الى صفعة»، مضيفا انه اعتقل في ايران ثلاث مرات لدخوله مياهها. وأضاف ان «العراقيين بدأوا يسرقون زوارقهم. كان هناك تهريب مخدرات. انهم يحاولون حماية اراضيهم.» والقوات البحرية العراقية صغيرة وتهتم بحماية مرافئ النفط التي تدر معظم العائدات اكثر من حراسة الصيد ووقف المهربين. ولا يلعب العراقيون سوى دور صغير في حماية المرافئ. وتحرسها في الاساس قوات بحرية غربية بناء على طلب بغداد وهذا ما يزعج ايران التي تخوض صراعاً مع الغرب. وأشار احد الصيادين الى أنه من التبعات الاخرى لسقوط صدام «رفع الدعم عن الصيد الذي قلل من هوامش الربح، ما اضطر الصيادين الى المجازفة في مياه قريبة من المياه الايرانية والكويتية التي يعتبرونها اكثر ثراء ويعبرون إليها املا في صيد سريع وسهل. وقال ياسر: «يجب ان ندخل مياههم. الجائع يفعل اي شيء ليطعم نفسه». عند مراسي الفاو مجموعات من الصبية والشبان يحملون سلالا منتظرين الصيادين آملين في جني القليل من المال من تفريغ السمك. ولم تعد هناك فرص تذكر في الفاو التي كانت خضراء بالنخيل ذات يوم وسوّتها سنوات الحرب بالارض. وخيّر بعض الصيادين الهروب من المخاطر فباعوا زوارقهم او تركوها للصدأ. لكن عباس سعيد (15 عاما) بدا حريصا على أن يحل محلهم على رغم ان الايرانيين أوسعوا عمّه ضربا وأصيب بإعاقة في احدى ذراعيه. وقال: «أريد أن أكون صيادا. يجب أن أكون صيادا... لا شيء متاحا غير ذلك».