قبل أيام، انتهت المرحلة الثالثة من الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، في ولاية نيفادا، حيث تقبع عاصمة القمار العالمية، لاس فيجاس، وأختها مدينة رينو، وقد فازت المرشحة هيلاري كلينتون على منافسها الوحيد، برني ساندرز، بفارق غير كبير، ولكنها احتفلت مع معسكرها كثيراً وطويلاً، فقد أصبح ساندرز حلماً مزعجاً بالنسبة لها، بعد ما فازت عليه بصعوبة بالغة في ولاية ايوا، ثم سحقها في ولاية نيوهامشير، وستكون المحطة القادمة، ولاية جنوب كارولينا، من أهم المحطات بالنسبة لهيلاري، وقد تخدمها شعبيتها لدى السود، وهم شريحة لا يستهان بها، في هذه الولاية التي شهدت معارك طاحنة، أيام الحرب الأهلية، وقاتلت بشراسة، ضد تحرير السود، قبل أكثر من قرن ونصف، أما في الجانب الجمهوري، فقد كانت الانتخابات التمهيدية، للمرحلة الثالثة، في ولاية جنوب كارولينا، وقد فاز بها المرشح، دونالد ترمب، وجاء ثانيا عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، السيناتور ماركو روبيو، وهو النجم الصاعد، والمفضل للحزب الجمهوري حالياً. المرشح، جيب بوش، الذي كان الجمهوريون يعولون عليه لإنقاذ الحزب، واصل فشله الذريع، وحل رابعاً، وبنسبة متدنية، في ولاية جنوب كارولينا، وذلك رغم أنه استعان بكل ما يملك، فقد استنجد بتاريخ أسرة آل بوش، ورافقه والده، الرئيس جورج بوش، وأخوه، الرئيس بوش الابن، في حملته الانتخابية، في هذه الولاية الجمهورية تاريخياً، كما شاركت والدته، ومع ذلك فقد بات واضحاً أن الشعب الأمريكي ضاق ذرعاً بهذه الأسرة، وليس مستعداً أن يغامر مجدداً لانتخاب واحد من أفرادها، وعلاوة على ذلك، فإن جيب بوش لم يقدم ما يشفع له على الإطلاق، فقد كان يفتقد الحماس، والكاريزما، والخطب المثيرة، وباختصار، فقد كان كارثة ماحقة على نفسه، وعلى أسرته، وعلى الحزب الجمهوري، ولذا قرر الانسحاب من السباق الرئاسي، وحسناً فعل. الجمهوريون يعيشون أزمة كبرى، فالمرشح المتألق شعبياً، حتى الآن، هو دونالد ترمب، وترمب شخص غير مرغوب فيه لدى المؤسسة الجمهورية، لأنهم يعلمون أنه قد جاوز كل الحدود بتصريحاته العنصرية، ومواقفه غير المتزنة، وبالتالي فهم يعلمون أن احتمالية فوزه أمام المرشح الديمقراطي ضئيلة، خصوصا إذا ما كان هذا المرشح الديمقراطي هو هيلاري كلينتون، بما تحمله من تجربة وتاريخ سياسي، ولذا فإن كبار منظري الحزب الجمهوري وقادته يدعمون ثاني أفضل المرشحين الجمهوريين حاليا، أي السيناتور ماركو روبيو، الذي تسير حملته على ما يرام، وتزداد شعبيته يوماً بعد يوم، فهو محافظ، ولكنه أكثر اعتدالاً، وأكثر حكمة من ترمب، ويبدو أن المؤسسة الجمهورية ستقف بكل قوتها خلفه، على أمل أن يتجاوز الشعبية الكبيرة لترمب، ويصبح هو المرشح الجمهوري، وهذا ما سيضفي المزيد من الإثارة على الانتخابات التمهيدية في المحطات التالية، وهي التي كانت مثيرة منذ بدايتها، وذلك لأول مرة منذ زمن غير قصير، فلنواصل المتابعة.