الرجال اليوم اجتمعوا عند حواف الأرض، رده الشاب اليافع يخرج من منزله يتبعه والده، وأعين أمه تسرق النظر من شقوق نافذتها الخشبية ذات الرائحة العطرية. سعد يطرق على الزير بعصي تشبه أصابع العم فاضل، تلك الأصابع الممتلئة بالخشونة والوجع، يصعد رده فوق جذع العرعر، يمسك بيده اليمنى جنبته اللامعة، الرجال يتقافزون ويستنشقون رائحة البارود.. يقف رده على الجذع خائفا يترقب، يصبغ روحه بقساوة الأرض، ويشحن ذاته بنكهة الرجولة، تمر الشفرة الحادة فوق أجزاء جسمه، وبسرعة البرق، يختطف المطهر ما يلوثه من فوق جسمه، تتسابق الزغاريد، وتتكرر الأهازيج. يهز رده «جنبيته» كطائر مذبوح، الدم ينتثر فوق الجذع، وابتسامات البرق، وتمتمات الشرق، تتغنى برجولة رده، ذلك الذي لم يغمض جفنه، وذاب الخوف فيه من أول عرق لآخر عرق يختفي الجميع، ويختفي المطر، ويبقى صوت رعد وحيد في السماء الغائمة...