ضيّقت العقوبات الغربية وأسعار النفط المتراجعة الخناق على الاقتصاد الروسي الذي يعاني أصلاً من حالة ركود، وأعلن البنك المركزي الروسي أن انكماش الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015 سيصل إلى 4 في المائة، وتوقع استمرار الركود لثلاث سنوات مقبلة في ظل تواصل انخفاض أسعار النفط العالمية. كما أن عجز الموازنة العامة للدولة الروسية بلغ أكثر من 5 في المائة في ظل سعر أربعين دولارًا للبرميل. والأسبوع الجاري، وصل سعر النفط إلى أقل من ذلك. وتؤكد التوقعات الرسمية وغير الرسمية في روسيا أن الموارد المالية لصندوق الاحتياط للدولة ستنفد خلال العام 2016. وتُشير صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الروسي يُقيّم بالدولار، وليس بالروبل الروسي، تراجع بنسبة لا تقل عن 40 في المائة في 2015. وهذا بالطبع يعود إلى التراجع الكبير للعملة الوطنية الروسية مقابل الدولار الأمريكي واليورو على خلفية الانخفاض الكبير في أسعار النفط، الذي تمثل عائدات تصديره مع الغاز عصب ميزانية الدولة. في الوقت نفسه، تراجعت الدخول الحقيقية للسكان في الربع الثالث من العام المنصرم ب 10 في المائة. وتذكر صحف روسية أن عدد حالات الانتحار بلغت في 2015 نحو 22 ألف حالة، يعود سبب معظمها إلى تراكم الديون على المنتحرين وفقدانهم وظائفهم.ورأى غيرمان غريف رئيس مصرف «سبيربنك»، أكبر المصارف الروسية، أن سعر صرف الروبل قد يصل إلى 80 روبلا للدولار، فقط في حال هبوط أسعار النفط إلى 25 دولارًا للبرميل.وقال غريف المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين «عندما يكون سعر النفط عند مستوى 30 دولارًا للبرميل، نرى سعر صرف الروبل عند مستوى 75 أو 76 أو 77 روبلا للدولار، وفي حال بلغ سعر النفط 25 دولارًا للبرميل سيكون الروبل عند مستوى 80 روبلا للدولار».وذكر غريف أن مصرف «سبيربنك» بدأ ب «اختبار الإجهاد» تحسبًا لهبوط أسعار النفط إلى 25 دولارًا للبرميل. ويرى المصرفي الروسي أن أسعار الخام لن تبقى عند مستوى 30 دولارًا للبرميل أو أقل من ذلك لفترة طويلة من الزمن. وقال غريف: «تضمنت خطة أعمالنا سيناريو متشائم افترض أسعار النفط عند مستوى 30 دولارا، وفي بداية العام الحالي أصبح هذا السيناريو أمرًا واقعيًا. وبالطبع بدأنا باختبار سيناريو 25 دولارًا للبرميل، لكن هذا سيناريو صعب جدا».وأشار رئيس مصرف «سبيربنك» إلى أن كل شيء سيتوقف على مدة بقاء أسعار النفط عند مستوى 30 دولارًا للبرميل أو أدنى، معتبرًا أن استمرار وضع كهذا (سعر برميل النفط عند 30 دولارًا للبرميل) سيكون مؤلمًا بالنسبة للاقتصاد الروسي. وتجدر الإشارة إلى أن وتائر هبوط أسعار النفط تبقى في الفترة الراهنة أسرع من وتائر تراجع الروبل أمام الدولار. من جهتها، تستعد الحكومة الروسية لخفض نفقات الميزانية بنحو 10 في المائة نتيجة الهبوط الحاد لأسعار النفط في الأسواق العالمية، ما يعكس حرص الحكومة على اعتماد ميزانية تتماشى مع الواقع الاقتصادي المتردي. وأعدت الحكومة الروسية ميزانية عام 2016 بناء على سعر برميل النفط الروسي ماركة «يورالس» 50 دولارًا للبرميل، وأن يبلغ متوسط سعر صرف الروبل الروسي 63.3 روبل للدولار الواحد، إلا أنه ومع انخفاض سعر البرميل إلى نحو 30 دولارًا، بات من الضروري إجراء اقتطاعات في الميزانية.