شدد منتدى الرياض الاقتصادي على ضرورة العمل على تطوير قطاع تقنية المعلومات كمدخل لتحول اقتصاد المملكة إلى اقتصاد المعرفة وتدعيم المكون التصنيعي لمنظومة قطاع تقنية المعلومات، بما يسمح بتوطين التقنية بالمملكة وتصويب الاختلال الناجم عن غلبة أنشطة التوزيع والتوكيلات التجارية، ولا سيما مع توفر فرص واعدة عديدة لإقامة صناعة وطنية في هذا القطاع عبر مجالات شتى تتوفر مقوماتها بالمملكة. ودعا المنتدى خلال جلسات اليوم الثاني برعاية خادم الحرمين الشريفين إلى تطبيق نظام إحصائي متكامل للقطاع واقترحت له مسمى «نظام الحسابات الفرعية للقطاع»، بهدف مواجهة قصور البيانات والمعلومات المتعلقة بقطاع تقنية المعلومات، وكذلك معالجة المثالب الناجمة عن عدم وضوح تصنيفات أنشطة القطاع ومنتجاته، بما يمكن من التعرف السليم على حجم القطاع والتحليل الدقيق لإنجازاته وتأثيراته الاقتصادية. واستعرض المنتدى دراسته التي حملت عنوان «تطوير قطاع تقنية المعلومات كمحرك ومحفز للتنمية والتحول إلى اقتصاد المعرفة» مطالبًا بضرورة تأسيس كيان مؤسسي للاقتصاد المعرفي قادر على تفعيل أداء الأجهزة المتعددة المعنية بتنمية الاقتصاد المعرفي، والتنسيق في بناء رؤية مستقبلية لخريطة طريق واضحة المعالم قابلة للتنفيذ. وطالبت الدراسة التي شهدت مناقشات متعمقة من متخصصين ومهتمين بقطاع تقنية المعلومات واقتصاد المعرفة في الجلسة التي رأسها المستشار بالديوان الملكي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر بحضور وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور محمد السويل بالعمل على تطوير الأطر التشريعية والقواعد التنظيمية لأنشطة قطاع تقنية المعلومات بما يعزز تنافسية القطاع، ويدعم الحضور الفعال للشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل مناخ ملائم للاستثمار في هذا القطاع. ودعت الدراسة التي استعرضها رئيس الفريق المشرف على الدراسة الدكتور عبدالرحمن العريني وشارك في نقاشها الدكتورة نجاح القبلان عضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة، في توصياتها الختامية الهادفة إلى توفير متطلبات قطاع تقنية المعلومات من الخبرات الاحترافية المطلوبة لمواجهة العجز الحالي في التخصصات المهنية ومتطلبات القطاع المستقبلية من المهارات البشرية، وهو ما يقتضي التخطيط الجيد لمنظومة التعليم بالمملكة لضمان توافق مخرجاتها من الخبرات التقنية مع متطلبات سوق العمل في قطاع تقنية المعلومات. كما أوصت بتنويع منتجات تقنية المعلومات والتوجه نحو تسويق المنتجات الحديثة وتعميمها في كافة القطاعات الرئيسة، وبخاصة تطبيق نظام الحوسبة السحابية في مجال التعليم الجامعي، إضافة إلى المطالبة بتنشيط المعاملات الإلكترونية لمتاجر التجزئة. وطرحت الدراسة رؤيتها بشأن تبني المملكة لإستراتيجية تمكنها من التحول من اقتصاد يعتمد على مصدر رئيس وهو البترول، إلى اقتصاد متقدم يرتكز على المعرفة والتقنية، وأطلقت عليها «رؤية 30 - 30»، وتعني التخطيط لتقدم المملكة من موقعها الذي تحتله حاليًا، وهو المركز الخمسين عالميًا في مجال اقتصاد المعرفة من إجمالي 145دولة بحسب الدليل العام لاقتصاد المعرفة، واحتلال المركز الثلاثين ضمن أهم الدول في القطاع بحلول2030م. واستندت الرؤية التي طرحتها الدراسة إلى تسريع نمو قطاع تقنية المعلومات بمعدلات تتراوح ما بين10 في المائة و15 في المائة سنويًا، حتى 2030، مع النهوض بكفاءة الأداء لمجابهة تحديّات ومعوّقات تطوير نشاط القطاع، وتعزيز إسهاماته الاقتصادية من حيث نسبة المشاركة في الناتج المحلي الإجمالي، والنمو الاقتصادي، وتوظيف العمالة الوطنية، وتحسين الإنتاجية، والتطوير المعلوماتي والمعرفي للاقتصاد الوطني لزيادة تنافسيته، ونشر المعرفة وردم الفجوة الرقمية. وقالت الدراسة: إنه يأتي في مقدّمة آليّات التحرّك لتنفيذ هذه الرؤية إعادة هيكلة القطاع بما يُفيد تصويب الاختلالات القائمة، وأبرزها غلبة النشاط التجاري، وضعف المكوّن التصنيعي وهيمنة الشركات الكبيرة على السوق وخصوصًا في المناقصات الحكومية، واختلال هيكل مكوّنات القطاع لصالح مكوّن الأجهزة، وسيادة الأنشطة التقليدية للقطاع واقتصارها على السوق المحلية، فضلاً عن تحيّز سوق العمل لصالح العمالة الوافدة. وطالبت دراسة منتدى الرياض الاقتصادي بالإسراع بمعدلات نمو مرتفعة للطلب على منتجات قطاع تقنية المعلومات، لإمكان إحداث زيادات ملموسة في إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي، والنمو الاقتصادي، ومستويات التوظيف والإنتاجية، ومن أهم المجالات الواعدة لأنشطة القطاع التي تتمتّع بوجود طلب فعّال، برمجيّات تطبيقات نظم المنشآت، وخدمات التخزين المتطوّرة، وحلول أمن المعلومات بالنسبة لقطاع الأعمال الكبيرة. وحول حجم مساهمة قطاع تقنية المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة قالت الدراسة: إن مساهمته متواضعة تقدر ب1 في المائة، وترتفع في حالة تحييد قطاع النفط إلى نحو 2.2 في المائة، وإذا أضيف قطاع الاتصالات لتقنية المعلومات فإن المساهمة ترتفع إلى 3 في المائة من الناتج الإجمالي، في حين تصل هذه المساهمة في ماليزيا 12 في المائة، و10 في المائة كوريا الجنوبية، والهند، و8 في المائة فنلندا، و7 في المائة أستراليا، و5 في المائة سنغافورة. وبينت أن مساهمة الاتصالات وتقنية المعلومات معًا تبلغ نحو 9 في المائة في النمو الاقتصادي المحقق، منها 5.2 في المائة لقطاع الاتصالات، و3.8 في المائة لقطاع تقنية المعلومات، مشيرة إلى أن معظم مساهمة هذا الأخير جاء من نشاط الأجهزة بنسبة 85 في المائة، واعتبرتها الدراسة مساهمة منخفضة بالمقارنة بنسبة 16 في المائة في حالة أستراليا، و17 في المائة كوريا الجنوبية، لافتة إلى أن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وظف نحو 130 ألف فرد بنسبة 1 في المائة من جملة العاملين بالمملكة، مقارنة ب10 في المائة في كوريا الجنوبية، و5 في المائة - 6 في المائة في فنلنداوأسترالياوسنغافورة. وتطرقت الدراسة إلى أن الاقتصاد المعرفي يرتكز على 4 ركائز أساسية تتمثل في التعليم والتدريب، الاتصالات وتقنية المعلومات، الابتكار والبحث والتطوير، الإطار المؤسسي والمناخ الاقتصادي، فضلاً عن التمثيل المناسب للجوانب الثلاثة الرئيسة لتطوير قطاع تقنية المعلومات وهي الجانب المؤسسي والتنظيمي، الجانب التطويري لقدرات القطاع، والجانب التنشيطي للطلب على منتجات القطاع، مع تنويع الجهات الإشرافية على المبادرات بحسب طبيعة كلّ منها والمهام الموكلة للقائمين عليها، من منطلق المسؤولية المشتركة في دعم دور القطاع في بناء الاقتصاد المعرفي. وتوقعت الدراسة مع تقديراتها لمعدل نمو الإنفاق على تقنية المعلومات (9.4 في المائة سنويًا)، أن ترتفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 1.5 في المائة عام 2015م، إلى نحو 3.4 في المائة عام 2030م، كما توقعت أنه في حالة ارتفاع معدل نمو الإنفاق على تقنية المعلومات إلى 12 في المائة سنويًا، تتصاعد مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 5 في المائة، وفي حالة تواصل نمو العمالة بالقطاع بمعدل 3.5 في المائة سنويًا، توقعت أن تزداد فرص التوظيف من40 ألف فرد عام 2015 إلى نحو 68 ألف فرد عام 2030، وقد يزداد العدد إلى 82 ألفًا حال ارتفاع معدل نمو العمالة إلى 4.8 في المائة سنويًا.