وصفت دراسة طرحت بأعمال الجلسة الثانية في فعاليات منتدى الرياض الاقتصادي، مساهمة قطاع المعلومات في الناتج المحلي للمملكة ب «المتواضعة»، وتقدر بنسبة 1% من إجمالي الناتج. ودعا المشاركون في المنتدى لتأسيس كيان مؤسسي للاقتصاد المعرفي يكون قادراً على تفعيل أداء الأجهزة المتعددة المعنية بتنمية الاقتصاد المعرفي، والتنسيق في بناء رؤية مستقبلية لخريطة طريق واضحة المعالم قابلة للتنفيذ. جاء ذلك خلال مناقشات دراسة: «تطوير قطاع تقنية المعلومات كمحرك ومحفز للتنمية والتحول إلى اقتصاد المعرفة»، في ثاني أيام أعمال المنتدى التي تعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-. وشهدت الجلسة مناقشات متعمقة من جانب جمع من المتخصصين والمهتمين بقطاع تقنية المعلومات واقتصاد المعرفة في الجلسة التي رأسها المستشار بالديوان الملكي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر، وبحضور وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور محمد السويل. وطالبت بالعمل على تطوير الأطر التشريعية والقواعد التنظيمية لأنشطة قطاع تقنية المعلومات بما يعزز تنافسية القطاع، ويدعم الحضور الفعال للشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل مناخ ملائم للاستثمار في هذا القطاع. ودعت الدراسة التي استعرضها المشرف على الدراسة الدكتور عبدالرحمن العريني، وشارك في نقاشها الدكتورة نجاح القبلان عضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة، في توصياتها الختامية الهادفة إلى تطوير وتفعيل قطاع تقنية المعلومات كمدخل لتحول اقتصاد المملكة نحو اقتصاد المعرفة، بالتوافق مع الخطط الوطنية الخمسية لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، دعت إلى السعي لتدعيم المكون التصنيعي لمنظومة قطاع تقنية المعلومات، بما يسمح بتوطين التقنية بالمملكة، وتصويب الاختلال الناجم عن غلبة أنشطة التوزيع والتوكيلات التجارية، ولا سيما مع توفر فرص واعدة عديدة لإقامة صناعة وطنية في هذا القطاع في مجالات شتى تتوفر مقوماتها بالمملكة. خبرات احترافية ونادت الدراسة بتوفير متطلبات قطاع تقنية المعلومات من الخبرات الاحترافية المطلوبة؛ لمواجهة العجز الحالي في التخصصات المهنية ومتطلبات القطاع المستقبلية من المهارات البشرية، وهو ما يقتضي التخطيط الجيد لمنظومة التعليم بالمملكة لضمان توافق مخرجاتها من الخبرات التقنية مع متطلبات سوق العمل في قطاع تقنية المعلومات، كما أوصت بتنويع منتجات تقنية المعلومات والتوجه نحو تسويق المنتجات الحديثة وتعميمها في كافة القطاعات الرئيسية، وبخاصة تطبيق نظام الحوسبة السحابية في مجال التعليم الجامعي، إضافة إلى المطالبة بتنشيط المعاملات الإلكترونية لمتاجر التجزئة. وطالبت الدراسة بتطبيق نظام إحصائي متكامل للقطاع واقترحت له مسمى «نظام الحسابات الفرعية للقطاع»، بهدف مواجهة قصور البيانات والمعلومات المتعلقة بقطاع تقنية المعلومات، وكذلك معالجة المثالب الناجمة عن عدم وضوح تصنيفات أنشطة القطاع ومنتجاته، بما يمكن من التعرف السليم على حجم القطاع والتحليل الدقيق لإنجازاته وتأثيراته الاقتصادية. تسريع قطاع التقنية وطرحت الدراسة رؤيتها بشأن تبني المملكة لإستراتيجية تمكنها من التحول من اقتصاد يعتمد على مصدر أحادي رئيسي وهو البترول، إلى اقتصاد متقدم يرتكز على المعرفة والتقنية، وأطلقت عليها «رؤية 30/30»، وتعني التخطيط لتقدم المملكة من موقعها الذي تحتله حالياً، وهو المركز الخمسين عالمياً في مجال اقتصاد المعرفة من إجمالي 145 دولة بحسب الدليل العام لاقتصاد المعرفة، واحتلال المركز الثلاثين ضمن أهم الدول في القطاع بحلول عام 2030م. وتستند الرؤية إلى تسريع نمو قطاع تقنية المعلومات بمعدلات تتراوح ما بين 10% و15% سنوياً، حتى عام 2030، مع النهوض بكفاءة الأداء لمجابهة تحديّات ومعوّقات تطوير نشاط القطاع، وتعزيز إسهاماته الاقتصادية من حيث نسبة المشاركة في الناتج المحلي الإجمالي، والنمو الاقتصادي، وتوظيف العمالة الوطنية، وتحسين الإنتاجية، والتطوير المعلوماتي والمعرفي للاقتصاد الوطني لزيادة تنافسيته، ونشر المعرفة وردم الفجوة الرقمية. ورأت الدراسة أنه يأتي في مقدّمة آليّات التحرّك لتنفيذ هذه الرؤية إعادة هيكلة القطاع بما يُفيد تصويب الاختلالات القائمة، وأبرزها غلبة النشاط التجاري، وضعف المكوّن التصنيعي وهيمنة الشركات الكبيرة على السوق وخاصة في المناقصات الحكومية، واختلال هيكل مكوّنات القطاع لصالح مكوّن الأجهزة، وسيادة الأنشطة التقليدية للقطاع واقتصارها على السوق المحلية، فضلاً عن تحيّز سوق العمل لصالح العمالة الوافدة. وشددت الدراسة على تسريع معدل نمو قطاع تقنية المعلومات على نحوٍ مستدام التحرّك بالتوازي على محورين متكاملين، يتعلق أولهما بمواجهة التحديّات التي تُحِد من تنامي عرض منتجات القطاع والارتقاء بجودته، وعلى رأسها قصور الكوادر الاحترافية الوطنية، والمعوّقات المرتبطة بأمن المعلومات وسرعة وجودة الإنترنت ذات النطاق العريض، وإجراءات وشروط الاشتراك في المناقصات الحكومية، ويتعلق ثانيها باتخاذ التدابير اللازمة لتنشيط طلب القطاعات الرأسية على منتجات تقنية المعلومات، وفي مقدّمتها القطاع الاستهلاكي، والقطاع الحكومي، والقطاع التجاري، والخدمات التعليمية والصحية. مطالبة بمعدلات نمو مرتفعة وطالبت الدراسة بالإسراع بمعدلات نمو مرتفعة للطلب على منتجات قطاع تقنية المعلومات، لإمكان إحداث زيادات ملموسة في اسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي، والنمو الاقتصادي، ومستويات التوظيف والإنتاجية، ومن أهم المجالات الواعدة لأنشطة القطاع التي تتمتّع بوجود طلب فعّال، برمجيّات تطبيقات نُظم المنشآت، وخدمات التخزين المتطوّرة، وحلول أمن المعلومات بالنسبة لقطاع الأعمال الكبيرة. وتشتمل على خدمات مراكز الاتصالات والمعلومات والتطبيقات المتنوّعة على أجهزة الحاسب والهواتف المتنقلة والذكية للقطاع الاستهلاكي، وصناعة البرمجيّات ومكوّنات الحاسب ومُلحقاته، وأشباه الموصّلات والرقائق الإلكترونية بالنسبة للمكوّن التصنيعي للقطاع، وبرمجيّات تصميم المحتوى والمناهج وطرق التدريس، وتقويم قدرات الطالب ونظم الحوسبة السحابية في التعليم الإلكتروني والتعليم المُدمج. وحول حجم مساهمة قطاع تقنية المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، قالت الدراسة إن مساهمته متواضعة تقدر بنسبة 1%، وترتفع في حالة تحييد قطاع النفط إلى نحو 2.2%، وإذا أضيف قطاع الاتصالات لتقنية المعلومات فإن المساهمة ترتفع إلى 3% من الناتج الإجمالي، في حين تصل هذه المساهمة في ماليزيا 12%، و10% كوريا الجنوبية، والهند، و8% فنلندا، و7% أستراليا، و5% سنغافورة. وبينت أن مساهمة الاتصالات وتقنية المعلومات معاً تبلغ نحو 9% في النمو الاقتصادي المحقق، منها 5.2% لقطاع الاتصالات، و3.8% لقطاع تقنية المعلومات، وتأتي مُعظم مساهمة هذا الأخير من نشاط الأجهزة بنسبة 85%، واعتبرتها الدراسة مساهمة منخفضة بالمقارنة بنسبة 16% في حالة أستراليا، و17% كوريا الجنوبية، ولفتت إلى أن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وظف نحو 130 ألف فرد بنسبة 1% من جملة العاملين بالمملكة، مقارنة بنسبة 10% مع كوريا الجنوبية، و5% - 6% في حالة فنلنداوأسترالياوسنغافورة. 4 ركائز للاقتصاد المعرفي ولفتت الدراسة إلى أن الاقتصاد المعرفي يرتكز على أربع ركائز أساسية تتمثل في التعليم والتدريب، الاتصالات وتقنية المعلومات، الابتكار والبحث والتطوير، الإطار المؤسسي والمناخ الاقتصادي، فضلاً عن التمثيل المناسب للجوانب الثلاثة الرئيسية لتطوير قطاع تقنية المعلومات وهي الجانب المؤسسي والتنظيمي، الجانب التطويري لقدرات القطاع، والجانب التنشيطي للطلب على منتجات القطاع، مع تنويع الجهات الإشرافية على المبادرات بحسب طبيعة كلّ منها والمهام الموكلة للقائمين عليها، من منطلق المسئولية المشتركة في دعم دور القطاع في بناء الاقتصاد المعرفي. ورأت الدراسة أن المملكة تمتلك عوامل قوة تساعدها في التحول السريع إلى اقتصاد المعرفة، منها توافر إرادة وطنية قوية لإحداث التغيير في البُنيان الاقتصادي للمملكة من اقتصاد أُحادي النشاط إلى اقتصاد حديث قائم على التقنية والمعرفة، كما يتمتع الاقتصاد السعودي بمزايا نسبية تتمثل في الاستقرار الاقتصادي، ووفرة الطاقة منخفضة التكاليف. كما تمتلك المملكة عوامل الانفتاح الاقتصادي والمناخ الجاذب للاستثمار، وتوافر الكيانات التقنية والمعلوماتية، والقاعدة البشرية الفتية الداعمة لجهود التحوّل للاقتصاد المعرفي، إضافة إلى تزايد الإنفاق الحكومي على مشاريع قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات مع تنامي المعاملات الحكومية الإلكترونية، وتنامي الإنفاق العائلي والخاص على منتجات القطاع بمعدلات تربو على 15% سنوياً. وأشارت الدراسة إلى أن نقاط الضعف تتمثل في قصور الأطُر التنظيمية للقطاع وعدم نضج السوق، ونقص المهارات البشرية الوطنية، وضَعف التوطين التقني مع ارتفاع درجة التركز السوقي، والفجوة الرقمية، وضعف فاعلية حاضنات الأعمال ورأس المال الجريء في تنمية الشركات الصغيرة. وتوقعت الدراسة مع تقديراتها لمعدل نمو الإنفاق على تقنية المعلومات (9.4% سنوياً)، أن ترتفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 1.5% عام 2015م، إلى نحو 3.4% عام 2030م، كما توقعت أنه في حالة ارتفاع معدل نمو الإنفاق على تقنية المعلومات إلى 12% سنوياً، تتصاعد مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 5%، وفي حالة تواصل نمو العمالة بالقطاع بمعدل 3.5% سنوياً، توقعت أن تزداد فرص التوظيف من 40 ألف فرد عام 2015 إلى نحو 68 ألف فرد عام 2030، وقد يزداد العدد إلى 82 ألفاً حال ارتفاع معدل نمو العمالة إلى 4.8% سنوياً. انتاج التقنية وكانت مناقشات المتداخلين والمشاركين أكدت ضرورة التركيز على الصناعة المعرفية وتطويرها وتوطينها واستثمارها لخدمة التنمية، من خلال الاستغلال الأمثل للمعلومة والتقنية والعامل البشري ورأس المال بهدف زيادة الإنتاج المعرفي، وأكدوا أن تفعيل قطاع تقنية المعلومات والاتصالات الذي يعد المحرك الرئيسي للاقتصاد المعرفي، يتطلب تنشيط الطلب على منتجات القطاع، وتذليل المعوقات وتعزيز روابط القطاع مع القطاعات الأخرى الداعمة لركائز الاقتصاد المعرفي. ولفت المشاركون إلى أن الدول المتقدمة اتجهت بقوة للاعتماد على اقتصاد المعرفة القائم على إفرازات العقول المبدعة والمبتكرة، واستثمار ما تنتجه من فرص عمل واسعة أمام الطاقات الشبابية والإبداعية، واستشهدوا باقتصادات عالمية عديدة نهضت كنتاج لتطور هذا القطاع مما أصبح لها حظوة كبيرة على الخريطة العالمية، فدولة مثل كوريا لم تكن قبل أقل من عقدين بهذا الحضور العالمي الحالي، وكذلك سنغافورةوفنلندا وغيرها من الدول التي كان لقطاع تقنية المعلومات الدور المحوري في نهضتها اليوم. وأضاف المشاركون إن خطط التحول إلى المجتمع المعرفي تتطلب الاهتمام كذلك بمخرجات التعليم والمناهج ذات العلاقة بتقنية المعلومات، وربطها بسوق العمل وتوفير فرص التدريب للخريجين، إضافة الى تشجيع الابتكارات للتحول من مجتمع مستخدم للتقنية إلى مجتمع منتج لها، وتحفيز قطاع الأعمال للاستثمار في مجال تقنية المعلومات، مؤكدين أهمية بناء الأجيال القادرة على استيعاب الثقافة المعرفية من خلال تطوير المناهج والاستثمار في التقنية، وتحفيز ودعم الشركات العاملة في مجال الابتكار والإبداع، وإنشاء مراكز لإدارة المعرفة باعتبارها أحد أهم مكونات الاقتصاد المعرفي. عدد من المشاركين في المنتدى