تزخر منطقة القصيم بعدد من مواقع التراث العمراني المميزة التي تم ترميمها وتأهيلها بجهود من المجتمعات المحلية، وعدد من الجهات الحكومية وفي مقدمتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ووزارة الشئون البلدية والقروية. ومن أبرز هذه المواقع قرية المذنب التراثية التي تعد قرية تراثية متكاملة تشهد العديد من الفعاليات على مدار العام، وذلك بعد الانتهاء من ترميمها. وتعتبر بلدة «المذنب» التراثية نموذجاً حياً وشاهداً باقياً على التخطيط العمراني والسكني السائد في منطقة نجد في الماضي، فالبلدة بمبانيها وشوارعها وسوقها وجامعها الكبير تجسد صورة نموذجية للتجمعات السكنية المتناثرة وسط نجد. ويعود تاريخ البلدة إلى أكثر من 700 عام مضت، وقد تم إعادة تشغيلها وتهيئتها من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع بلدية محافظة المذنب لتتحول إلى أحد المواقع السياحية في منطقة القصيم، وحققت القرية جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني كأول مدينة تراثية متكاملة تم تشغيلها دون تدخل أو إعادة بناء بالموارد الحديثة. تتوسط القرية ساحة يحيط بها 33 معرضاً، كانت سوقاً لمدينة المذنب منذ ما يزيد عن 150 عاماً مضت، وحولتها بلدية محافظة المذنب إلى محلات يعرض فيها الهواة أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية، ويقع بالجهة الجنوبية منها مدرسة ابن دخيل التي تم بناؤها عام 1313 ه وما زالت بنفس هيئتها، ويجاورها سجن المدينة الذي يعاقب به المخطئ من قبل قاضي المذنب خلال تلك الفترة أو من يحكم عليهم بحكم شرعي ينفذ فيه ذلك الحكم ويقع على مساحة لا تزيد عن 12 مترًا مربعًا، بالإضافة إلى بيت غيلان الذي بني عام 1227ه، وكان مقراً للقضاء طوال تلك الفترة، مقسماً ما بداخله إلى عدة أقسام لتنفيذ الحكم على المتخاصمين ليتحول بعد ذلك إلى قصر تاريخي يحيط به عدد من النزل الريفية، وتمتد الممرات المزينة بكل ما هو أثري على أكثر من 348 موقعاً للمنازل القديمة، تحتوي القرية على ساحة تحيط بها أبراج المراقبة الخاصة والمحيطة بالقرية التراثية من كافة الجهات الأربع، حيث يقع بجانبها بئر ماء يتم استخراج الماء منه عن طريق السواني. وتضم البلدة العديد من المعالم والمواقع، ومن هذه المعالم «سوق المجلس» ويقع إلى الشرق من قصر «باهلة» الذي يرجع إلى القرن العاشر الهجري، وقد ارتبط قصر «باهلة» بالمسجد وبينهما شارع عرضه 16 ذراعا (8 أمتار) ويقع بابا القصر في مواجهة المسجد الجامع من الناحية الشمالية الغربية. وتبدو مساحة السوق كبيرة نسبة إلى حجم العمران في تلك الفترة، ويمثل السوق رمز النشاط الاقتصادي ومركز تجمع سكان البلدة والقرى المجاورة لها خاصة يوم الجمعة. ونظرا لأهمية الموقع فقد قامت بلدية المذنب وفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة القصيم على بقاء السوق مفتوحاً بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، حيث تعرض فيه الكثير من البضائع والتحف القديمة إضافة إلى المأكولات الشعبية، ويحظى بقدوم عدد من الزوار والسياح ويقام فيه العديد من المناسبات الاجتماعية والفعاليات السياحية في الإجازات الرسمية.