ملحمة الزعيم الآسيوية في العام 2000م كان الهلال على موعد مع الذهب الآسيوي الذي تذوّق الزعيم طعمه ست مرات، بوصفه أكثر فريق آسيوي يحقق بطولات للقارة الصفراء. أما الملحمة التي خضناها فقد كانت أمام شيميزو الياباني في وقت رئاسة الأمير سعود بن تركي، وكان يدربنا آنذاك الروماني بلاتشي، وقائد الفريق هو الكابتن فيصل أبوثنين. ذهبنا إلى اليابان في شهر رمضان المبارك، وقد أخذنا رخصة بعدم الصيام بحكم السفر والمشقة إلا أننا نحن اللاعبين اتفقنا على قرار أن لا نفطر، وأن نصوم كلنا. ذهبنا إلى الملعب، وقمنا بالتسخين، ونزلنا للملعب وكلنا إصرار على العودة للرياض بنتيجة إيجابية. وقد لعبنا بشكل قوي جداً، وظهر الفريق متماسكاً، ولم يشعر اليابانيون بأننا لم نتناول طوال النهار الطعام والشراب؛ فلم يتفوقوا علينا بأي شيء، بل على العكس، كنا أقوى منهم في الالتحامات، وأمهر منهم في المواجهات الفردية، وأذكى منهم في التمرير واختصار المسافات. وأثناء المباراة أعطانا مدير الفريق منصور الأحمد وكذلك أخصائي العلاج فرناندو (التمر)؛ وذلك بعد أن دخل وقت المغرب ونحن في الملعب نؤدي المباراة. ووقتها كان معنا المهاجم الكولومبي (الكاتو) الذي نجح في تسجيل هدفين، كانا كفيلين بعودتنا للرياض متفوقين بهدفين مقابل واحد. كانت النتيجة مُرضية لنا، وهدفنا هو رفع الكأس في الرياض. قبل المباراة كان رئيس النادي الأمير سعود بن تركي يجلس معنا في غرف اللاعبين، ويتحدث معنا بأخوَّة غير عادية، وتواضع جم. وبعد المباراة ذهبنا في جولة حرة بطوكيو، وعند دخولنا أحد (الأسواق) قدم لنا الأمير سعود هدية رائعة، هي عبارة عن التزام سموه بكل ما نشتريه من هدايا أو أطقم رياضية وغيرها بأن يدفع ثمنها. وقد استثمرنا وجودنا في اليابان بشراء ملابس وأحذية رياضية؛ إذ تشتهر اليابان ببعض الماركات للأحذية الرياضية الخاصة بالمباريات. في الرياض، وعلى استاد الملك فهد الدولي، وبحضور أكثر من ستين ألف مشجع، كان الزعيم على موعد مع الحسم. وقد دخلنا المباراة بثقة بالفوز بالبطولة، ولاسيما أننا كسبنا الذهاب، ولكن فاجأنا الفريق الياباني بهدف مبكر. وبعد ذلك، وبإيعاز من بلاتشي، طلب مني التقدم للأمام وترك فيصل أبوثنين وحيداً في المحور. وقد فعلت. ومن كرة لعبها أبوثنين طويلة حوّلها لي (مانقو) برأسه، سددتها قوية في أقصى الزاوية هدف التعادل للهلال. وقتها لم أفرح بهذا الهدف التاريخي بما يوازي قيمته؛ لأني - وبكل صراحة - فضلت تأجيل الفرحة حتى نهاية المباراة وفوزنا بالبطولة التي تسلمنا كأسها من يد الأمير سلطان بن فهد رئيس اتحاد كرة القدم ورعاية الشباب آنذاك. تلك البطولة لها قيمة كبيرة لدى الهلاليين؛ فقد أعلنت تأهل الهلال لكأس العالم للأندية من الملعب، التي كان من المقرر أن تقام في إسبانيا بضيافة ديبرتيفولاكرونا، لكنها لم تقم لأسباب مادية. وكان لها قيمة أكبر لديّ لنجاحي في التسجيل بمباراة من العيار الثقيل، وأمام فريق صعب جداً. هذه ملحمة من ملاحم الزعيم في ميادين كرة القدم الآسيوية. وغداً سأعود للحديث عن أسطورة أخرى من أساطير كرة القدم السعودية.