يذكر التاريخ الرياضي جيدا الحارس الأسطوري محمد الدعيع، كونه واحدا من بين أفضل حراس كرة القدم في العالم، وسيد حراس القارة الصفراء، فضلا عن أنه عميد الحراس الدوليين حتى وقتنا الراهن، يصنفه الآسيويون بحارس القرن وفقا للإنجازات التاريخية التي حققها مع منتخب بلاده بما فيها مشاركاته المونديالية، وتلك التي حققها مع ناديه الهلال، وعلى رأسها البطولات الآسيوية الثلاث. وفيما يخوض فريقه الذي أمضى معه أفضل سنواته الرياضية نزالا مفصليا في القارة الأسترالية ضد ويسترن سيدني على نهائي دوري أبطال آسيا يسترجع معنا فصولا من ذكرياته التاريخية ومواقفه مع البطولات السابقة، متطرقا عبر حواره ل «عكاظ» لواقع الدوري السعودي وأبرز تحديات اتحاد القدم في الفترة المقبلة وجملة من المواضيع، فيما يلي تفاصيلها: اليوم يخوض الهلال ذهاب النهائي الآسيوي، ماذا يعني لك ذلك بصفتك حارس القرن الذي عاصر غالبية البطولات الهلالية؟ شعور جميل، ولا أخفيك أنه محفوف بالقلق والتوتر رغم يقيني وثقتي بالهلال إدارة ومدربا ولاعبين، ولكن أن تكون متفرجا هذا يجعلك في موقف لا تحسد عليه؛ لأنك لا تملك إلا الدعاء والأمنيات الجميلة لهذا الفريق الذي تحب. هل تذكر أول لقب حققته مع الزعيم قاريا؟ بالتأكيد هي لحظات لا تنسى، تشرفت بتحقيق البطولة الآسيوية مع الهلال 3 مرات عام 1420 في بطولة الأندية أبطال الدوري أمام جابيليو الياباني، وكأس السوبر الآسيوية عام 1421 أمام شيميزو الياباني، وكأس آسيا للأندية أبطال الدوري عام 2002، وأذكر أنه عندما لعبنا ضد جابيليو الياباني كنا متأخرين حتى الدقيقة 84، وأتى هدف التعادل في الدقيقة 90، وامتدت لأشواط إضافية وحسمناها بالهدف الذهبي عند الدقيقة 12 من الشوط الإضافي، وبالمناسبة هي الدقيقة التي دائما ما أكون متفائلا بها، آخر بطولة كانت مباراة صعبة جدا، خصوصا أنها على أرضنا وبين جماهيرنا، وهو ما أدخلنا في ضغط نفسي مزعج جدا، لكن تمكنا ولله الحمد من حسمها لصالحنا في نهاية الأمر. أما ذكريات مواجهتنا مع شيمزو الياباني، فكانت مرهقة ومتعبة، حيث كانت مباراة الذهاب في شهر رمضان المبارك، ورحلتنا كانت من الرياض إلى مانيلا، ومنها إلى طوكيو، وصولا إلى مدينة شيميزو بالحافلة، وكانت المسافة بينهما 8 ساعات، فكانت رحلة شاقة علينا، وأمضينا فيها بالمجمل قرابة ال35 ساعة، ناهيك عن فارق التوقيت الذي يرهق الجسم ويقلل من تركيزه، لعبنا المباراة ونحن صيام، وعند (د 35) من الشوط الأول واذكر حينها عندما أعطانا أخصائي العلاج الطبيعي البرازيلي فرناندو تمرا وأفطرنا داخل الملعب والمباراة جارية وفزنا فيها 2/1، سجل المحترف الكولومبي الكاتو ونواف التمياط، وعدنا إلى الرياض عبر مانيلا، ومكثنا في المطار قرابة 8 ساعات، وبعد عدة أيام لعبنا مباراة الإياب وكنا متأخرين بالنتيجة حتى سجلنا التعادل وأحرزنا اللقب. وفي عام 2002 حققنا بطولة كأس آسيا للأندية أمام شونبك الكوري اذكر حينها عندما أضاع حسين العلي ركلة جزاء وحزن كثيرا، لكننا وقفنا معه وشددنا من أزره حتى عاد وسجل هدف الفوز، وفي نفس وقت تلك البطولة توفي والد سامي الجابر والتحق بالمعسكر متأخرا، فكانت ظروفنا صعبة للغايه ولم تأتنا تلك البطولات إلا بالتعب والقتالية داخل الملعب، لكن هذا الأمر زاد من إصرارانا والحمد لله الذي استطعنا اجتيازها بنجاح. ماهي قراءتك لحظوظ الهلال في إحراز البطولة الفارية السابعة أمام ويسترن سيدني الأسترالي؟ في الحقيقة، الظروف الآن مهيأه للهلال أن يحرز لقب البطولة أكثر من أي وقت مضى، حيث إن الإدارة لم تقصر، فقد أحضرت مدربا على مستوى عالٍ، ويعد من أفضل المدربين، كما أن المحترفين الحاليين في صفوف الهلال يقدمون مستويات مميزة مع الفريق، وكلهم يخدمون الفريق بشكل لافت، ابتداء من البرازيليين ديقاو ونيفيز والكوري كواك والروماني بينتلي، وباعتقادي أنهم يعدون من أفضل الأجانب، فحظوظ الهلال قوية جدا بإحراز البطولة، والهلال فريق إذا ما وصل للنهائي يضع كل ثقله فيه ولا يخسره بسهوله، والفريق بشكل عام قريب جدا من تحقيق البطولة، وهي بيد اللاعبين، فمتى ما كانوا بيومهم وقاتلوا بقوة أنا واثق من أنهم سيحققون البطولة، والفريق الأسترالي سيحضر للرياض إيابا قبل المباراة ب 48 ساعة عن طريق دبي، وهذا سيؤثر سلبيا عليه فينبغي استثمار ذلك. فأرى أن فترة يومين ليست كافية للتأقلم على الأجواء، بالإضافة إلى تأثيرها على النوم بحكم فارق التوقيت بين السعودية وأستراليا الذي سيكون مرهقا بالنسبة لهم؛ لأن الجسم يحتاج إلى 6 أو 7 أيام حتى يتأقلم على الأجواء الجديدة، مع الأمور الأخرى كبرنامج التغذية وما إلى ذلك. كيف ترى خطوط فريق الهلال ومدى إنسامجها مع بعضها؟ الخطوط متكاملة، من الحراسة للهجوم، ففي الحراسة هنالك عبدالله السديري يقدم مستويات ممتازة، وفي الدفاع أجنبيان مميزان، وبالمحور يوجد بينتلي وسعود كريري، وعلى الأطراف نجد سالم والعابد وصانع لعب أجنبي، والهجوم ياسر والشمراني، بالمجمل الفريق متماسك، والعمود الفقري للفريق منسجم وقوي، حيث أن أي فريق يملك عمودا فقريا قويا لا يمكن الخوف عليه. تقييمك للمدرب الروماني ريجيكامف ؟ مدرب ذكي، ويعرف كيف يقرأ المباراة بشكل جيد، ويمتلك الحنكة في كيفية التعامل مع ظروف المباراة، وأرى أنه قادر على تحقيق اللقب. هدوء وتركيز ما الذي تخشاه على الهلال؟ أخشى أن لا يكون لاعبو الهلال في يومهم ومن ظروف المباراة، وظروف المباراة لا يمكن التنبؤ بها كركلة جزاء مبكرة أو طرد لا سمح الله، لكن هذا الأمر يعتمد على التركيز والهدوء، ولاعبو الهلال على قدر من المسؤولية ويعرفون كيف يتعاملون مع مباريات الحسم، ومتى ما رأينا روحهم وحماسهم وتركيزهم أثق بأن الكأس سيكون من نصيبهم ولن يغادر الرياض، وأسأل الله التوفيق لهم. ما الفرق بين حظوظ الهلال إبان إشراف المدرب البلجيكي جريتس والمدرب الحالي ريجي؟ أيام جريتس لم نكن مستعدين بشكل جيد للبطولة، وخرجنا من الفريق الإيراني بخسارة ذهابا وإيابا، لكن في هذا الموسم نرى المراحل التي تجاوزها الهلال، وإخراجه للسد والعين اللذين يعدان من أبرز الفرق في القارة الآسيوية يعزز من تفاؤلنا. أين ترى خطورة وتميز الفريق الأسترالي، وفي المقابل نقاط الضعف؟ طبعا الفريق الأسترالي يميزه القوه الجسمانية والكرات الهوائية العرضية، وأنا واثق بأن المدرب ريجي لن يغفل هذه النفطة ووضعها ضمن حساباته في المواجهة، بينما نقاط ضعف الفريق الأسترالي نجد أنهم بطيئون في الحركة ولا يملكون مهارات مثل لاعبين الهلال، ومتى ما استغلت سرعة نقل الهجمة من الخلف للأمام سيكون حضور الهلال أفضل، ومتى ما فعل اللاعبون هذا السلاح سيحققون نتيجة إيجابية في الذهاب إن شاء الله. وبماذا تطالب لاعبي الزعيم؟ بالقتالية داخل الميدان واللعب بإصرار وعزيمة، فالبطولات والإنجازات تحتاج تضحيات داخل أرض الملعب، أقول لهم: عملوا ما عليكم فعله ودعوا الباقي على المولى عز وجل، حتى إذا أحرزتم نتيجة سلبية لا سمح الله، فسيكون الجميع واقفا معكم ويشد من أزركم، كرة القدم لا يمكن أن تتنبأ بنتائجها، وأحيانا تؤدي جيدا وتخسر، وأحيانا لا تقدم مستوى وتفوز، وبالأخير لا يهم المستوى، المهم أن يحققوا نتيجة إيجابية، خصوصا أن المباراة ذهاب وإياب، وهذه فرصة لا تعوض، فإذا أخفقت في سيدني، لديك فرصة أخرى للتعويض في الرياض. نصيحة للسديري ما الذي دار بينك وبين الحارس عبدالله السديري قبيل مغادرة الفريق لأستراليا؟ جلست مع السديري في معسكر الفريق لمباراة الشباب قبل مغادرة بعثة الهلال لأستراليا بيومين، وحذرته من انعكاس ترشيحه لجائزة أفضل حارس في آسيا بشكل سلبي عليه وتؤدي إلى تشتيت تركيزه، وهذه الأمور حدثت لي في كأس آسيا 96، عندما رشحت قبل المباراة النهائية أنا وحارس منتخب الإمارات محسن مصبح لجائزة أفضل حارس في بطولة أمم آسيا، أذكر حينها دخلت المباراة النهائية ضد منتخب الإمارات تحت ضغط غير طبيعي وفزنا بالبطولة، وفي نفس الوقت فزت بجائزة أفضل حارس، وحين عودتنا للرياض سألني الأمير فيصل بن فهد رحمه الله عن كأس الجائزة، فأجبته أنه مع الأمتعة، وهو ليس مهما المهم كأس البطولة، وطالبت السديري بأن لا يفكر في هذه الجائزة وأنها لا تقدم ولا تؤخر، الأهم هو تحقيق اللقب، وأخبرته بأن منزلي ممتلئ بالكؤوس، ولكنها لا تفيد بشيء عكس البطولة التي يسجلها التاريخ، فمن باب الحذر قمت بإسداء النصائح والتعليمات للسديري، وان شاء الله يحافظ على نظافة شباكه ومستوياته متطورة وممتازة، وكلي ثقة بأن يكون عنصرا فعالا في تحقيق هذا الإنجاز. ما هي رؤيتك لمستقبل الكرة السعودية مع الاتحاد الحالي؟ بداية نستبشر خيرا بهذا الاتحاد الجديد، وكلنا نتمنى أن تعود الكرة السعودية كما كانت، لكن تختلف الأجيال من جيل إلى آخر، فالمقارنة صعبة جدا، وإذا قارنا جيل صالح النعيمة وماجد عبد الله ويوسف الثنيان بجيلي أنا وسامي الجابر وفؤاد أنور وسعيد العويران وفهد المهلل، المشكلة بالجمهور، فهم يريدون مهاجما كماجد عبدالله، وقائدا كصالح النعيمة، ومهارة كيوسف الثنيان، وهذا أمر من الصعب جدا تكراره، وهذا الجيل لن يتكرر، وإذا رأينا الجيل الحالي فنرى أنه متشبع من قيمة العقود العالية، فنجد أن اللاعب عمره قرابة ال18 عاما وفي رصيده 3 أو4 ملايين، ما ينهي طموحه، فالطريق للمنتخب سهل جدا مجرد برزوه بمباراة أو اثنتين يتم ضمه للمنتخب وبابه مفتوح، وهذا عكس ما كانت عليه الأمور سابقا، فأنا من اللاعبين الذين حققوا كأس العالم للناشئين وانتظرت واجتهدت سنوات طويلة حتى تواجدت في عرين المنتخب. من ترشح للفوز ببطولة دوري عبداللطيف جميل؟ لا استطيع أن أرشح أحدا بالوقت الحالي، فالدوري لم يلعب إلا في 7 جولات فقط، والدوري هذا الموسم أقوى عن ما كان عليه في السابق، فنجد الشباب والاتحاد والنصر والهلال ثم الأهلي العائد بقوة مؤخرا، وتصعب من عملية التكهن بالبطل حتى الفيصلي أظهر مستويات ممتازه جدا ويزاحم الكبار على المقدمة، عكس السنوات الأخيرة التي دائما ما نجد الهلال كفريق ثابت على المنافسة بالدوري، فتارة نجده ينافس الاتحاد، وتارة الشباب، وتارة الفتح والشباب، وهذا حسب معطيات السنين ال10 الأخيرة، والفريق صاحب النفس الطويل والذي يملك دكة بدلاء ممتازة سيكون هو البطل.