جوزيف بايدن هو نائب الرئيس الأمريكي باراك اوباما، وكان قبلها سيناتورا من ولاية ديلاوير الصغيرة، وقد خدم في مجلس الشيوخ لمدة طويلة، والحق يقال: إنه يعد واحدا من أفضل أعضاء مجلس الشيوخ، ومن يمكن أن ينسى مداخلاته في لجنة الشؤون القانونية في مجلس الشيوخ، وذلك أثناء استجواب اللجنة لمرشح المحكمة العليا من قبل الرئيس جورج بوش الأب، في عام 1990، القاضي الأسود كلارانس توماس، فقد قامت حينها حرب شعواء بين الجمهوريين والديمقراطيين، فالجمهوريون كانوا مصرين على تثبيت توماس كقاض في المحكمة العليا، بينما كان الديمقراطيون، بزعامة جوزيف بايدن، يحاولون عرقلة الترشيح، خصوصا بعدما اتهمت فتاة سمراء القاضي توماس بالتحرش بها جنسيا، وتعتبر تلك المداخلات من عتاة أعضاء مجلس الشيوخ من أدبيات « المداولات « التي لا تنسى، وانتهى الأمر بالطبع بإقرار مجلس الشيوخ لتعيين القاضي توماس عضوا في المحكمة العليا، ولا يزال فيها حتى اليوم. جوزيف بايدن شخصية سياسية غريبة الأطوار، إذ يصح أن يقال عنه: إنه يتمتع بحس إنساني، خصوصا وأنه ليس من طبقة الأثرياء، بل سليل أسرة من الطبقة الوسطى، وله مواقف تشهد بذلك، ولكن في ذات الوقت له زلات لسان توحي بأنه عنصري، وإضافة إلى ذلك فإن مواقفه السياسية غريبة هي الأخرى، فقد تصدر المشهد السياسي ذات يوم، وأصر على ضرورة تقسيم العراق !!، وهذا رغم أنه من الداعين إلى ضرورة دعم الحراك الديمقراطي في العالم الثالث، ما يعني أن تقرر شعوب الدول الأخرى مصيرها، بدلا من أن يقررها السياسي الغربي، والحقيقة أن موقفه من احتلال العراق كان حدا فاصلا في مسيرته السياسية، وقد توقف المراقبون كثيرا عنده، وأعادوا النظر في كامل مسيرة هذا السياسي الذي مر عليه وقت عصيب، وكاد أن ينتحر في بداية حياته السياسية، وذلك بعد وفاة زوجته وابنته في حادث سير مؤلم. بعد أشهر طويلة من السجالات والتكهنات، أعلن جوزيف بايدن بأنه لن يترشح للرئاسة في 2016، وهذا أمر غريب، فقد جرت العادة، عدا في حالات قليلة، أن يترشح نائب الرئيس، كما فعل ريتشارد نيكسون، نائب الرئيس ديويت ايزنهاور، وكما فعل بوش الأب، نائب الرئيس ريجان، وألبرت قور، نائب الرئيس بيل كلينتون، ولكن يبدو أن الحزب الديمقراطي لا يرغب في أن يشتت الجهود بين مرشحين مرموقين، هيلاري كلينتون وجوزيف بايدن، بل يوحدها خلف المرشحة الديمقراطية الأبرز، هيلاري كلينتون، ولكن هذا الأمر لن يروق للمراقبين السياسيين، ولا للكوميديان، فجوزيف بايدن شخصية سياسية مشوقة، وله فلتات لسان مشهودة، كما أن له تصرفات غير محسوبة، مثل تحرشه بشكل غير لائق بزوجة وزير الدفاع في إدارة اوباما، آش كارتر، وبالتالي فإن غيابه عن مشهد الانتخابات كمرشح سيفقد العرض الانتخابي كثيرا من الإثارة، وكمتابع للحراك السياسي الأمريكي فإنني أعترف بأن إعلان بايدن عن عدم ترشحه للرئاسة أصابني ببعض الإحباط، ولكن لعل المرشح الجمهوري، وعازف القيتار، مايك هاكابي، يعوضنا عن غياب بايدن، فلنواصل متابعة المشهد.