يبقى لكل من يقول في شأن إن لم يكن في اختصاصه، أو يتُوغل في ثقافته، فإنها تبقى آراءً يعتريها الصواب، والخطأ..، ولا يعوَّل في التحليل لأي حدث إلا على ما يقول أحدهما.. بينا كل الناس تتفاعل مع الأحداث، وتتخرص لها الأسباب، وتتوقع لها النتائج..، وتقول فيها كل الذي تزدحم به منافذ القول.. ويتفرد الوطن بسلامه، وبسلمه، بأمنه، وبراحته، من سوره وسقفه، إلى ترابه ومائه بكل الأقوال فيه..!! الكل مجتمع في فهمه، والعلم به، والاختصاص بشأنه، والإيغال في الثقافة بنبضه، من دواة العِرق، إلى مقلمة العظام، ومن نسيج اللحاف، إلى وسن الراحة.. الوطن هذا الذي نقول كلنا فيه،.. كالبحارة نغنيِّه، وكالولهين نترنم به، وكالحبالى نتشوق مُحيَّاه،.. وككل الذي لا يستكين في النبض ولا في الوريد،.. ولا يهجع في العين ولا في العصب،..!! هو الهمُّ والحب، وهو الفكر والقلق، وهو الزيتون والوردة، وهو الزيت والقنديل، وهو الشاهد والمشهد،.. وهو السراج في نماء الجذر، وامتداد البحر،.. في هذه المرحلة، من أجله لا رائحة تعمِّر الحس، ولا طعم يحفز الشهية، ولا فكرة توقظ من نوم، ولا جرح يوخز من ألم إلا هو.. هو لغة كلِّ ترتيل، وهمُّ كلِّ ترتيب،..!! العلم له، والعمل من أجله،.. له خفقة الهوى، ورسل الهواء،.. له الصوت، والصمت، البَرَد والحرقة، السكينة والقلق..!! فلنبقيه المفتاح لصبح يقظتنا،.. والمفتاح لليل هجعتنا،.. والماء في قدح عطشنا، والثلج في كوب خوفنا،.. والنبض في وهج لمحتنا،..!! لنقول فيه كل ما عندنا،.. نردده قصيدتنا، نبسطه على طاولات نقاشنا، وفكرة تأملنا، ومدى حلمنا، وغاية أمنياتنا، كيف نحميه،.. كيف نطهره،.. كيف نرعاه،.. ونحدو في قوافله. ؟!!