عانت الوزارات والمؤسسات العامة في الدولة لسنوات طويلة من عدم وجود توصيف للوظيفة وشروط شغلها، وأصبحت كثير من الجهات الحكومية تفصل الوظيفة على مقاس الموظف لا العكس؛ الأمر الذي أسهم في ازدياد البطالة المقنعة في الدولة، وأصبح الموظفون كما لو كانوا يستلمون مرتباتهم من وزارة الشؤون الاجتماعية، وليس من جهات تحصل على أداء وإنجاز مقابل مرتب شهري تدفعه لموظفيها! في المقابل دخلنا قبل بضع سنوات مشروع الملك عبدالله للابتعاث، وأصبحنا لا نكاد نجد بيتاً لا يوجد فيه مبتعث للدراسة في الخارج، وهذا أمر رائع؛ سينعكس أثره على الوطن في السنوات القادمة، لكن سلبياته بدأت تظهر في عدم حصول بعض المبتعثين عند عودتهم على وظائف تناسب مجالاتهم وجهدهم الطويل في الدراسة، فأصبحت الدولة تدفع على تخصصات قد لا تكون مطلوبة في القطاع الحكومي أو الخاص! مؤخراً بدأت الشكوك تدور حول مشروع الابتعاث، وأنه قد يتم إيقافه، لكن المفاجأة أنه استمر في مرحلة جديدة ومختلفة، وهي أن المبتعث يرتبط بجهة ما قبل ابتعاثه، يوقّع معها على العمل لديها حين يعود من الدراسة. ورغم أنه تم تدشين هذه المرحلة، وبدأ التقديم عليها، وعلى الجهات المشاركة فيها، إلا أنه لم يزل يحيط بها الغموض؛ فهل يتم ابتعاث الدارس على حساب الجهة التي وقع معها كجهة مستفيدة؟ وهل هذا يعني أنه موظف لديها يخضع للابتعاث؟ وهل سيحصل على نصف راتبه المقرر كما كان الموظف المبتعث سابقاً؟ المؤشرات تقول ذلك، خاصة بعد أن نشرت معظم الجهات المشاركة في الاتفاقيات شروطها لقبول الملتحقين في برنامج الابتعاث. وإذا كان ذلك هو الواقع فهو حتماً خطوة رائعة في مشروع الدولة، وهو تخطيط استراتيجي مدروس للمستقبل. أما إذا كانت الضمانات هشة في مثل هذه الاتفاقيات، ووزارة التعليم هي من سيتكفل بهؤلاء المبتعثين، فقد يفشل البرنامج في مرحلته الجديدة في عدم وفاء هذه الجهات بالتزاماتها تجاه هؤلاء المبتعثين! من جهة ثانية، قد يثير البعض تساؤلاً آخر: هل الابتعاث الذي وقّعت لأجله هذه الجهات يتعلق بالابتعاث الخارجي وحده؟ دون الابتعاث الداخلي في جامعات المملكة؟ أظن أن ثمة أسئلة كثيرة تمت إثارتها حول برنامج وظيفتك وبعثتك؛ كان من الطبيعي أن يعقد وزير التعليم مؤتمراً صحفياً يجيب فيه عن أسئلة الإعلام والمبتعثين! وإذا كان التقديم والتأخير يحمل دلالة ما فإن تقديم الوظيفة على الابتعاث في مسمى البرنامج (وظيفتك وبعثتك) يعني أن التوظيف يسبق الابتعاث؟ وليس العكس؟ أليس كذلك؟