تتعدد أساليب الفنانين عندما تلتقط أعينهم مظاهر الجمال في الطبيعة، يلتقون في قاسم مشترك هو الجمال، لكن الأمر يتحول إلى مشاعر وأحاسيس تجاه ذلك الشكل أو المنظر ولتكن الزهور أو الورود مثالا لهذا التنوع في التعبير بين فنان وآخر، وقد أبدع الفنانون مهما اختلفت أساليب تنفيذ لوحاتهم لهذا العنصر فمنهم من نثلها طبقا للأصل ومنهم من سخر أسلوبه الفني وطوعه لإبراز جماليات الشكل دون الاعتماد على الأصل وإنما التقاطه كعنصر ليعيد صياغته وتوظيفه على اللوحة. ويلاحظ أن الفنان بيكاسو رسم المزهرية بأسلوبه التكعيبي محطما بهذا التكوين القيم الفنية في بناء اللوحة وهو الأسلوب الذي عرف به في كل لوحاته، لكنه أخرج اللوحة للمتلقي بملامح مختلفة تحمل الأحساس والجمال في التكوين دون مطابقة للواقع. أما الفنان سلفادور دالي فقد أخذها حلما كما هي لوحاته لمعروفة التي يعتمد فيها على الخيال المطلق فوضع الوردة بكل جمالها في وضع غير مألوف بأن جعلها تسبح في الفضاء بين الأرض والسماء له فيها معاني كثيرة قد يكون منها سمو مكانتها في نفسه. مركزا على تفاصيلها ومهملا تفاصيل ما يقع على الأرض من منازل وخلافها، شاعرية سلفادور لا تتوقف عند حد ولا يترك للمتلقي سهولة تفسير المعنى أو أن يمر مرور الكرام على اللوحة دون أن يتعمق ويبحث ويطرح التساؤلات، فنان غامض في أبعاد فكرة اللوحة صريح وصادق في التعامل مع دقة تنفيذها، لا يرتجل بقدر ما يحترم إمضاؤه على اللوحة عند قناعته بها. يأتي الفنان فان جوخ بمزهريته زهور دوار الشمس التي كانت ولا زالت محط أنظار العالم بألوانها الذهبية التي أخذت مساحة من الاهتمام وروي عنها الكثير من الروايات وعلاقتها بالموروث الصيني وما حظيت به من أسعار خيالية جعلت للمتاحف التي تقتنيها أهمية كبرى كما كانت مصدر كسب كبير لتجار الفنون. هذا التنوع في التعبير والطرح لا يمكن أن يلغي جمال الزهور أو الورود بقدر ما يمنحها الأهمية خصوصا إذا كان من قام بتوظيفها في أعماله عباقرة الفن ورواده.