وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعزيز الأمن الفكري بالتعليم خطوة رائدة لصد التيارات الغالية والانحرافات الفكرية عن الطلاب
رحبوا بتأسيس إدارة للأمن الفكري وقدموا مقترحاتهم.. عدد من العاملين في الحقل التعليمي والتربوي ل«الجزيرة»:
نشر في الجزيرة يوم 19 - 06 - 2015

أكّد عدد من العاملين في الحقل التعليمي والتربوي بالمملكة على أهمية تأسيس وزارة التعليم إدارة تعنى بقضايا الأمن الفكري بالوزارة، وأنه على الرغم من التأخر في التأسيس إلا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح لمجابهة الأفكار المنحرفة والغالية وترسيخ الوسطية والاعتدال في المجتمع التعليمي سيّما بين الناشئة والشباب. وأشاروا في حديثهم ل«الجزيرة» إلى الآثار الإيجابية التي ستسهم في ترسيخ وسطية الإسلام، وحماية الطلاب من أفكار الغلو والتطرف، وكافة الانحرافات الفكرية. كما قدّموا مجموعة من المقترحات المهمة التي ستعين على تحقيق الأهداف المرجوّة من إنشاء تلك الإدارة.. وفيما يلي نص الأحاديث.
منظومة فكرية
بدايةً تؤكّد د. هدى بنت دليجان الدليجان أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الملك فيصل بالأحساء من أهم ماترنو إليه الأبصار وتطمئن إليه الأفئدة في المجتمع هو الأمن .فيذهب كثير من المحللين والباحثين على أهمية وجود مراكز استراتيجية لقياس مؤشرات نوعية محددة في المجتمع لبناء المجتمع الآمن. فحاجة الفرد والمجتمع للأمن كحاجة الإنسان إلى الماء الذي هو عصب الحياة. وحيث يتوجه -بحمدالله- المواطنون السعوديون والمقيمون وضيوف بيت الله الحرام وزواره يجد الأمن وارفا وظلاله ممتدة في البر والبحر، مع كثرة المتغيرات والأحداث في الأوساط العربية. يدفعنا أمانا من ربنا وحفاظا على ديننا وطاعة لولاة أمرنا ورعاية لمكتسباتنا الوطنية في قراءة سريعة للمستقبل مما يعوزنا إلى بناء منظومة فكرية آمنة متكاملة وهادفة وقادرة على سد الفجوات بين الواقع والمستقبل. ومبادرة معالي وزير التعليم د. عزام الدخيل لإنشاء إدارة لتعزيز الأمن الفكري في الوزارة هي مبادرة استباقية لعلاج بعض الأخطاء الفكرية ومواجهة المد الخبيث من الأفكار المتطرفة والانتماء المزيف لجماعات إرهابية. فالطالب والطالبة في مقاعد التعليم هما نواة طيبة وبذرة خضراء ومرآة ألماسية نفيسة تعكس غراس العلم وتوجهات المستقبل، وحيثما كانت هذه البذور الطيبة يجب أن نتعاهدها بالصلاح والهدي المبين والبصيرة النافعة فهم عدة الوطن وثروته الحقيقية، وهم رجال الأمن الحقيقيون من أجل هذا كان حريا لتحقيق النجاح لهذه المبادرة أن يتولاها الأكفاء الثقات ممن لديهم العلم الأصيل على منهج الكتاب والسنة وأن يكون ملما بالممارسة الصحيحة للنفاذ إلى عقول الطلاب وتوجيهها نحو الخير وتنمية المجتمع والمشاركة في بناء الوطن والذود عن أهله وأفراده.
عماد الأمة
ويؤكّد الدكتور حمود بن محسن الدعجاني عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء أنّ الشباب هم عماد الأمة، وحصنها المنيع - بعد الله تعالى - في الدفاع عن هذه البلاد ضد أعدائها، لذلك فهم يحتاجون إلى تحصين؛ عن طريق أهل العلم الراسخين فيه الذين يبصرونهم بدينهم ويحذرونهم من التيارات الهدَّامة، والفرق المنحرفة ومن هنا تأتي أهمية الأمن الفكري في حماية النشء من الإنجرار خلف الدعوات الزائفة والشعارات الكاذبة التي تهدف للتغرير بشباب الأمة وجعلهم وقوداً لمخططاتهم الخبيثة ومعول هدم لبلدانهم، ومن أهم المؤسسات التي لها دور عظيم في توجيه شباب الأمة المؤسسات التعليمية وقد أحسنت وزارة التعليم صنعاً بتأسيسها لإدارة تُعنى بدراسات الأمن الفكري، فبارك الله في الجهود، وسدد الخطى، ووفق ولاة الأمور لما فيه صلاح البلاد والعباد إنه ولي ذلك والقادر عليه.
تحصين الفكر
ويرى الدكتور رياض بن حمد العُمري الأستاذ المساعد بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن هذا المركز خطوة جيّدة وفكرة موفّقة من قبل معالي وزير التعليم - وفقه الله - لتحصين أبنائنا من الطلاب والطالبات على اختلاف مراحلهم التعليمية، وذلك أن الوقاية والحماية خير من العلاج، فتحصين الفكر وحمايته وتوجيهه للطريق الصحيح خير من محاولة إصلاحه بعد انحرافه وتلوثه بالأفكار الهدامة والمعتقدات الخاطئة. ويؤكد د. رياض على أهمية حسن اختيار القائمين على هذه الإدارة وتمثيلها لشرائح وتخصصات تعليمية مختلفة من أهمها الدراسات الشرعية يسهم في حسن تأدية المركز لرسالته ووضع منهج تعليمي تحت هذا العنوان «الأمن الفكري» تتولى الإدارة إعداده ونشره ضمن المناهج الدراسية مع تقويمه ومتابعته وتحديثه بما يتلائم مع كل مرحلة تعليمية، وتوعية المعلم في المراحل التعليمية المختلفة بهذا الأمر «الأمن الفكري» وجعله ضمن الجوانب التقويمية في رسالته، لأن المعلم هو الجانب الأعظم في نظري ضمن العملية التعليمية فإن لم يهيء لهذا الأمر فقد تفقد العملية أهميتها، والتخطيط والتنظيم الجيد لهذه الإدارة يؤدي إلى جودة المخرجات المفيدة لهذا العمل المبارك والمثمر.
الأفكار الغالية
ويؤكّد الشيخ خالد بن حمد الخريف باحث دكتوراه في المعهد العالي للقضاء بالرياض أن في تأسيس هذه الإدارة التي تُعنى بقضايا الأمن الفكري آثاراً وثماراً كبيرة لعل من أهمها: ترسيخ مبدأ الوسطية والاعتدال بين أبنائنا الطلاب فهما مبدأ هذا الدين وأساسه. ونبذ الغلو والتطرف اللذين نهى عنهما الإسلام وحذر منهما، وتوضيح خطر الأفكار المنحرفة الغالية وما تجره على الأمة الإسلامية من الفتن والقلاقل وسفك الدماء المعصومة، وتوجيه الطلاب والطالبات إلى ما يحمله هذا الدين العظيم من العدل ونبذ الظلم الذي من أعظمه قتل النفوس المعصومة بغير حق وإهلاك الحرث والنسل، وأهمية زرع مبدأ السمع والطاعة لولي الأمر وعرض الأدلة من الكتاب والسنة التي تحث عليه، وتخريج جيل يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً، ويعرف حق المسلم على أخيه وحرمة ماله وعرضه ودمه.
جني الثمار
ويقول الشيخ عبدالهادي بن فهاد العرجاني باحث دكتوراه في المعهد العالي للدعوة والاحتساب بالرياض: إن الزمن الذي نعيش فيه الآن ليس كالزمن الذي كنا نعيشه من قبل، وما نحتاجه في زمننا هذا يختلف كثيراً عن الذي كنا نحتاجه من قبل، فليست العقول هي العقول، وليست البيئة هي البيئة، ولذلك مع هذا الانفتاح وهذه الثورة التقنية الرهيبة نحتاج إلى مواكبة هذا التطور ومسايرته وذلك من خلال الاهتمام بالناشئة فكما أننا نهتم في تعليمهم وتربيتهم وسلامة أجسادهم وحمايتهم من المخدرات والمسكرات، فكذلك هناك أمر مهم للغاية ألا وهو العناية بتحصين أفكارهم من الأفكار الهدامة كالتطرّف والغلو وكافة الانحرافات الفكرية، وهذا ما يحققه لنا - بإذن الله - هذا القرار المبارك الذي أعلن عنه معالي وزير التعليم عزام الدخيل من تأسيس إدارة تعنى بقضايا الأمن الفكري بوزارة التعليم. ويضيف الشيخ عبدالهادي العرجاني في حديثه: إننا نتطلع أن نرى ثمار هذه الإدارة في تحصين الأفكار وتثقيفها حتى لا تكون فريسة للفرق الضالة والجماعات المنحرفة وذلك من خلال غرس المفاهيم وترسيخ العلم وإظهار وسطية الإسلام وسماحة الدين وانتقاء من يتولى التعليم في هذا الشأن وهم كثر في بلادنا بفضل الله - عز وجل -، أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ويصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ويصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، وأن يحفظ ولي أمرنا سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد الأمين وولي ولي عهد وأن يجعلهم عزاً للإسلام والمسلمين.
ترسيخ الانتماء
وحمد الدكتور راشد بن طاحوس الجعيري مدير مكتب التعليم بالخفجي ورئيس المجلس البلدي الله - سبحانه وتعالى - على نعمه الكثيرة ومنها نعمة الأمن والأمان التى نعيشها في مملكتنا الغالية في ظلّ حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله وتقدم بالشكر والتقدير لمعالي وزير التعليم د. عزام الدخيل على استحداثه إدارة تعنى بقضايا الأمن الفكري بالوزارة التي نتطلع أن يكون لها الأثر الكبير على المؤسسات التعليمية في كافة أنحاء المملكة من خلال الحفاظ على الهوية الوطنية لشبابنا والعمل على تمسكهم بقيم وثوابت المجتمع وحماية عقول النشء من الغزو الفكري والانحراف الثقافي والتطرف الديني والحفاظ على مكتسبات الوطن والوقوف ضد من تسوّل له نفسه بالإخلال بالأمن الوطني. وتوقع د. الجعيري أن يحدث تأسيس إدارة الأمن الفكري حراك كبير في الوسط التعليمي بإظهار وسطية الإسلام واعتداله وتوازنه، وترسيخ الانتماء لدى الشباب لهذا الدين الوسط واعتزازهم لهذه الوسطية. مؤملاً أن يمتد هذا الأثر إلى تحصين الشباب ضد الأفكار المنحرفة والهدامة والمتطرفة ويعمل على جعل المؤسسات التعليمية مؤسسات مفتوحة على محيطها الاجتماعي مما يساعد على إيجاد المواطن الصالح المتكيف مع قيم وثوابت وتطلعات مجتمه.
المؤسسات التربوية
ويبيّن الأستاذ عبدالإله بن صالح العشيوان المشرف التربوي بمكتب الرائد بتعليم الرياض أن التحديات التي تحاصرنا والمخاطر التي تقترب من أمننا، تتطلب إفاقة لما يجب أن تفعله مؤسساتنا التعليمية تجاه مسئولياتها التربوية، ولا بد من مناقشة جادة لتعزيز الأمن الفكري من خلال تلك المؤسسات التعليمية، وإعداد خطط عملية لتفعيل دور المعلمين والمعلمات وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات دون أن تقتصر على إقامة محاضرة أو عقد ندوة ثم ينفض عنها الحاضرون بغير طائل. والتربية هي المدخل الأنسب للتغيير والتصحيح، فالتربية هي المعنية بتكوين المفاهيم والقيم والمثل العليا الصحيحة وتعزيزها في أذهان الناشئة وهي المسؤولة عن بناء الاتجاهات وضبط مسارها، ولا بد أن تقوم المدرسة والجامعة بنصيبها في إطار يتم التخطيط له بشكل علمي ومدروس، وفي شراكة مع الأسرة، والمسجد، ووسائل الإعلام وغيرها من المؤسسات ذات الصلة. والهدف مساعدة الشباب على ترشيد وعيهم وحماية عقولهم من الأفكار المنحرفة التي تصيبهم بخلل عقدي، وغلو ديني، وانحلال خلقي، وانحراف سلوكي وعنف دموي. ولقد كانت عناية النبوة بالمفاهيم بارزة في الكثير من أحاديثها مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - (المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم)، فالمؤمن في التعريف النبوي من كان واحة أمن لمجتمعه في أرواحهم وممتلكاتهم وهذا بعد مجتمعي جديد في مفهوم الإيمان صادر من فم النبوة.
إجراءات التفعيل
وأكد العشيوان على أن الحاجة تتطلب الشروع في بعض الإجراءات لتفعيل دور المؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات: أولا: تضمين الأمن الفكري في المناهج التعليمية في سياقها الملائم، فمع أهميته نجده غير منصوص عليه، ولذا فلا بد من إدخال المصطلح وقضاياه والتأكيد عليه في كل مقررات التعليم العام، كما يمكن أن يدرج كمتطلب جامعي. إن علماء الأصول جعلوا من أهداف الشريعة الغراء (حفظ العقل)، وهو مقصد أعم في دلالته من (الأمن الفكري)، وبينوا الأحكام التشريعية التي تحقق هذا المقصد. ثانيا: تطوير كفايات المعلمين وقناعتهم في طرق التدريس، وأساليب التعامل، وصقل مهاراتهم وتوعيتهم بالتحديات الفكرية التي تتعرض لها الأمة الإسلامية، ليكون أقدر على تحقيق الأهداف مع طلابهم من خلال آليات الحوار المتعاطف. إن تقديم نماذج واقعية وتدريبات عملية وسيلة أفضل لاكتساب المهارات، ونذكر هنا النموذج الرائع الذي قدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حواره مع الشاب الذي فاجأ مجلسه بطلب غريب هو أن يأذن له في الزنا، أما من كانوا في المجلس فلم يحتملوا ذلك فأقبل القوم فزجروه، وقالوا: مه مه! لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب من الشاب أن يقترب منه، وحاوره دون أن يورد له آية أو حديثا، إنما سأله: (أترضاه لأمك....؟) ثم ختم الحوار بلمسة حانية ودعاء خالص (فوضع -يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه». والنتيجة نجاح النبي - صلى الله عليه وسلم - في اقتلاع الفكرة الغريبة من رأس الشاب دون أن يضطر إلى تحطيم هذه الرأس. ثالثاً: العناية بالأنشطة الطلابية، وتطوير برامجها؛ ويمكن من خلالها تنمية بعض القيم الاجتماعية لدى الناشئة مثل المسؤولية، والتسامح وروح الانتماء من خلال ندوات ومشاهد وحوارات مع تبصير الطلاب بالتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية عامة ومجتمعاتهم خاصة. وتكوين الفكر الناقد، وتشجيعهم على إبداء آرائهم، وتصحيح المفاهيم الخاطئة. ونحن نعرف كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعنى بالشباب من خلال أنشطة بناءة في التعلم والبناء والرياضة والفروسية، وكان مسجده ساحة عامرة بكل هذه الأنشطة، كما كان يتابع أية أفكار متطرفة، ويعالجها في حينها بأسلوب (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا) فعندما بلغه أن نفراً من أصحابه قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، حمد الله وأثنى عليه وقال: «ما بال أقوام قلوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني». إن الأمن ثمرة غالية للإيمان والعمل الصالح، وليس وليد أمنية حالمة أو جعجعة فارغة، وذلكم ما وعد الله تعالى المؤمنين: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}.
خطط وإستراتيجيات
ويقول الأستاذ صالح بن ناصر العُمري مدير ثانوية عرقة إن في إنشاء مثل هذه المراكز يعود نفعها على الوطن والمجتمع وبالتالي ستكون المرجع الأساس لتعزيز مفهوم الأمن الفكري لدى أبنائنا، وتتمحور مسؤوليتها المنشودة والملقاة عليها تتمثل في وضع خطط واستراتيجيات ومسارات موجهة لحمايته من انحراف العقيدة أو الثقافة. وأضاف العُمري بقوله: ما ننشده من هذا المركز هو دعم المؤسسات التعليمية كافة والمدارس على وجه الخصوص في أداء رسالتها تجاه وطنها ومجتمعها.. فالمدارس هي المكان الملائم لغرس مفهوم العقيدة الصافية والبعد عن ما يشوبها، فالمدارس لم تُعد للتعليم فقط، بل لنشر ثقافات مجتمعية صالحة تعود مخرجاتها نفعاً للوطن، من خلال تنمية شعور ومسؤولية الطلاب تجاه دينهم ووطنهم والتصدي لكل الأفكار الدخيلة والهدامة البعيدة عن مبادئ ديننا ومجتمعنا وعاداتنا، والتي يسعى لتكريسها من لا يريد خيراً لهذا البلد. وبالتالي سنجد أن هذا المركز قد ساعد في تحصين أبنائنا من كل الأفكار الدخيلة ووجدنا مخرجاته شباباً صالحاً مستقيماً واعياً لكل مسؤولياته تجاه وطنه.
الفكرة الرائعة
ويشير الأستاذ علي بن عايض الأسمري مدير ابتدائية وادي حنيفة بالرياض أن فكرة هذه الإدارة فكرة رائعة، وفق الله من تبنّاها وأسّسها وحبّذا أن هذه الإدارة أنشئت من قبل هذا الوقت، ولكن بصدق النية والعزيمة وتوفيق الله - جل علاه - ستحقق أهدافها - بإذن الله -، وأتوقع متابعة أعمال جماعة الأمن الفكري في المدارس، وتحديد أماكن الخلل الفكري ومعالجتها أو إبعادها عن التعليم، وكشف الشبهات للطلاب وتوضيحها من أجل سد ودحض كل من يتسلل من خلالها، إن هذه الإدارة بمثابة الكشاف للطلاب والسدر الذريع لأصحاب الفكر الضال ومعالجة القضايا الفكرية علاجاً فكرياً وتربوياً.
اختطاف العقول
ويبدي الأستاذ عايض بن محمد العصيمي مدير مجمع مدارس تحفيظ القرآن الكريم بالخفجي سروره وسرور الجميع في مجتمعنا بالخطوة الرائدة الرائعة التي أعلن عنها معالي وزير التعليم د. عزام الدخيل بتأسيس إدارة تعنى بقضايا الأمن الفكري بالوزارة، إذ نجح معالي الوزير بفكرته وتوقيتها في وقت اختطفت عقول شبابنا من بين أيدينا من قبل أعداء الوطن المتربصين بنا السوء، ولاشك أن الأمن الفكري بأبسط عبارة : هو السلوك ومنهج الوسط والاعتدال والإستقامة في كل شؤون الحياة لكل فرد في مجتمعنا « لذا جاءت فكرة إنشاء هذه الإدارة الهامة.
ينبغي لنا جميعاً بجميع أطيافنا الحرص والمحافظة على الوحدة الوطنية من خلال حفظ عقول طلابنا وأولادنا ونبذ كل الأفكار المتطرفة وتحصين عقول الطلاب والطالبات في مدارسنا ونشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ العنف والفساد ومحاربة التطرف والإرهاب والغلو ودعاة هذه الآفكار الفاسدة بحكمة وتعقل وحزم وعزم وتحقيق الوحدة الوطنية.. ولن تتحقق الوحدة واللحمة الوطنية إلا إذا تظافرت تلك الجهود والعطاءات في صرح التعليم من معالي الوزير وهو على رأس الهرم حتى نصل للمعلم في غرفة فصله بين طلابه لصناعة عقول الأجيال القادمة «إذ أن الفصل هو المصنع الحقيقي للأجيال» ومروراً بكل المسؤولين في التعليم يتأكد هذا كله في هذا الوقت الحرج الذي ظهر وبرز فيه التطرف وعمل الجماعات السرية والمعلنة مع ظهور الفتن والبلاء والحروب في المجتمعات من حولنا لذا كان لزاماً بنا جميعاً أن نحافظ على وحدتنا وآمننا وأن نحارب ونقطع تلك الآيادي الخفية التي تسعى لتمزيق نسيجنا ووحدتنا الوطنية وأن نعزز الآمن الوطني والآمن الفكري في مدارسنا وصروحنا التعليمية للبنين والبنات على حد سواء.. فوطننا أمانة الجميع كلنا رجال آمن نحرس آمن وطننا وآمن عقول طلابنا وشبابنا.. فليس الآمن مقصوراً على رجال الآمن فقط بل حتى المعلم رجل آمن في فصله وحارس للعقول آخذا بأيدي طلابه ومن استرعاهم لطريق الجادة والصواب والصراط المستقيم .. والعقول إذا نضجت تكون كفيلة بحفظ آمن وطني وبناءه ومحاربة آعدائه.
عقل الطالب
ويشير العصيمي إلى أن الأمن الفكري يعتني ويتعلق بالعقل «عقل الطالب» لأن العقل آلة الفكر والتفكر.. وهذا العقل أساس التعليم والمعرفة المعنية به وزارة التعليم تحقيق الأمن الفكري بكل مراحلة وبناء العقول ونضجها وبناء جيل معتدل محباً لوطنه الغالي وقادته الرشيدة وفياً لمجتمعه على أيدي مختصين نفسياً ودينياً وقانونياً وتربوياً. إن على المؤسسات التعليمية دوراً مهم لن يقوم به غيرهم من الاهتمام بالأجيال الناشئة وتغذية عقولهم بالمعارف والمفيد وتحصين أفكارهم من التيارات المشبوهة التي تسمم عقولهم وتأكل الآخضر واليابس وتبيد الخير وتفسد الوطن. لابد لكل شخص في التعليم أن يفهم دوره الحقيقي في العملية الآمنية الوطنية .. يجدر بنا أن نتعلم معرفة ودراسة أيسر أبجديات الآمن الفكري ونشر مبادئه في مدارسنا ومقرراتنا وأن يكون واقعاً وإحساساً ملموساً ومحاولة فهم وتفهيم أبنائنا وبناتنتا وجيلنا القادم الوسطية التي حث عليها الإسلام الوسطية والإعتدال في كل شيء عندها يكون لتعليمنا وجهدنا مع جيلنا القادم معنى وواقع مفرح ومثمر.
فريق مستقل
وتمنى الأستاذ ياسر بن سعد بن سعيد المعلم بثانوية عرقة أن لا يقحم الطاقم التعليمي في الميدان في هذا المشروع لأن زامر الحي لا يطرب وأريد أن يكوّن فريقاً مستقلاً يدير وينفّذ ويتحمل أعباء الفكرة حتى يؤتي ثمارها، وإن كان ولا بد من تعاون في الميدان فيكون بحصر الشباب الذين لديهم ميل فكري والبعث بأسمائهم إلى هذه الجهة وهي تحاول دراسة حالاتهم والظهور بنتيجة. كما أن من الواجب دراسة حالات الشباب الذي انحرفوا فكرياً سواءً كانوا موجودين في السجون أو قضي عليهم والاستفادة من أهاليهم بحيث لمعرفة الأسباب التي أوصلتهم لهذه المرحلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.