في أي دولة حول العالم، تعتبر عملية طباعة و سك العملات من المهام الرئيسية للبنوك المركزية إلا أن المهم أن هذه العملية ليست ذات دلالات اقتصادية فقط، بل لها دلالات سياسية و اجتماعية و تاريخية لا تقل أهمية عن دلالاتها الاقتصادية (و خصوصاً في الدول الناشئة) حيث ترتبط هذه العملية باسم الملك أو الرئيس على مر الزمن و بالفترة التي حكم بها و بالظروف الاجتماعية التي تمر بها البلد، حتى أصبحت العملات في تصميمها و ما تحتويه من رسومات و صور هو في حقيقة الأمر مصدر رئيسي لثقافة و تاريخ الدول و نشأت على إثر ذلك هواية «جمع العملات». الآن مع اقترابنا من مرور خمسة أشهر على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة، فمن الطبيعي أن نتوقع قيام مؤسسة النقد العربي السعودي في أي وقت مستقبلاً بإصدار عملات ورقية و معدنية جديدة للريال السعودي إحتفالاً و تأريخياً لهذه المناسبة العزيزة على أي مواطن سعودي، إلا أننا حتى الآن لم نشاهد أي تصريح رسمي من مسؤولي المؤسسة يلمح (و لو من بعيد) إلى وجود نية بهذا الصدد آخذين في الاعتبار أن مسألة إصدار عملات جديدة بتصاميم جديدة ليست بالمسألة السرية التي تنطوي على مخاطر اقتصادية بأي حال من الأحوال. هنا يلفت انتباهنا إلى أن آخر إصدار ورقي من الريال السعودي كان في عام 1433ه بتوقيع معالي المحافظ الحالي لمؤسسة النقد الدكتور فهد المبارك (و بالصدفة هو نفس العام الذي تم تعيين معاليه محافظاً) بينما الإصدار الورقي السابق له كان في عام 1430ه بتوقيع معالي المحافظ السابق الدكتور محمد الجاسر، مما يعطي إشارات أولية إلى أن مؤسسة النقد على أي حال ستقوم بإصدار جديد للعملة الورقية في 1436ه دون الخوض في مسببات ذلك كل ثلاثة أعوام، و يصبح هذا الامر لا مفر منه إذا ما علمنا أن مليكنا المفدى تولى مقاليد السلطة منذ عدة شهور ليعكس الوضع السياسي و الاقتصادي الجديد للمملكة. ما يهمنا كمواطنين من الإصدار الجديد هو أن تكون الفئات مدروسة بشكل أفضل من السابق مع تجربة «غير موفقة» لإصدارين من فئة «200» ريال و فئة «20» ريال سرعان ما تم إلغاؤهما بعد سنوات قليلة من الطرح، و أعتقد أننا الآن بحاجة لإصدار فئة «1,000» ريال آخذين في الحسبان أن تأثير التضخم في المملكة على الريال السعودي خلال أكثر من عشرين عاما جعل من القيمة الحقيقية لفئة «500» ذلك الوقت تزيد عن القيمة الحقيقية الحالية لفئة «1,000» ريال و هذا بحد ذاته سبب مقنع لأهمية هذه الفئة الجديدة في هذا الوقت، إلا إذا كان لمؤسسة النقد هدف آخر تسعى لتحقيقه يتعلق بتشجيع التداول الإلكتروني للنقد على حساب التداول الورقي للنقد.