من الطبيعي أن يخشى الإنسان المرض، فقد جَبَلَنا الله على حفظ الذات، ولهذا ليس غريباً أن يتجنب المرء مواطن العدوى، ويسعى للتشافي إذا أصابه المرض، وقد جرب البشر أنواعاً من الوصفات والخلطات حتى صارت علاجات ناجحة، وهنا تنطبق المقولة: درهم وقاية خير من قنطار علاج. يخشى الناس أمراضاً كثيرة، وهناك وقاية بإذن الله من أكثرها، فمن يخشى المرض هذا فإن الوقاية في الطريقة الفلانية، ومن يخشى المرض ذاك فالوقاية في العلانية، غير أن هناك شيئاً واحداً يصلح أن يكون وقاية لعدد هائل من الأمراض، وهو في نفس الوقت علاج، ألا وهو الرياضة. وهنا أسألك أيها القارئ الكريم، خاصة من يعانون فوبيا الأمراض، ما هو المرض الذي تخشاه؟ هل تخاف من أمراض القلب؟ أولاً ابتعد عن التدخين والأطعمة السيئة، لكن أفضل ما يمكن أن تعمله هو الرياضة اليومية المستمرة، فيُجمِع الأطباء أن الرياضة القلبية هي جيش مسلح كامل يحارب أمراض القلب بإذن الله، وتوضيحاً فإن كلمة «الرياضة القلبية» تعني التي تزيد ضربات القلب مثل المشي السريع والهرولة والسباحة وقفز الحبل وكرة القدم إلخ. الرياضة تخفض ضغط الدم، وتقلل الكولسترول، وتقوي عضلة القلب، وتخفض الوزن .. كلها عوامل متعلقة بأمراض القلب. هل تخشى مرض السرطان؟ إذاً خذ هذا الخبر: مرض السرطان ضعيف أمام الرياضة! وجد الأطباء أن من يُكثرون الرياضة قلَّ لديهم سرطان القولون بقرابة النصف، والنساء اللائي يتريّضن كثيراً انخفض بينهن سرطان الرحم بقرابة النصف، أما سرطان الثدي فإنه يرتعد خوفاً من الرياضة، ذلك أن النساء اللاتي أكثرن من الرياضة وجدنَ أن الحركة سَحَقَت سرطان الثدي بينهن لنسبٍ وصلت إلى 80%! الرجال الذين يتريضون كثيراً وباستمرار قلَّ لديهم سرطان البروستاتا، وفي 21 دراسة طبية وجد العلماء أن الرياضة خفضت سرطان الرئة بقرابة الخُمس. هل تود أن تنجو من السكري الذي عصف بنا؟ بعد أن تعدّل غذاءك وتكثر من شرب الماء فإن أفضل شيء هو الرياضة، فقط 120 إلى 150 دقيقة من الرياضة في الأسبوع تحميك، حيث تُحسّن الرياضة من حساسية الإنسولين وقدرة الجسم على التعامل مع سكر الدم (غلوكوز)، وكذلك تخفض الوزن. ولا يلزم الرياضة الشاقة لهذا بل المشي فقط نصف ساعة في اليوم وقى الناس من السكري بنسبة 30%. في عصرنا هذا كثرت الأمراض النفسية، ومرض الاكتئاب هو السبب الأول في الانتحار في العالم، إلا أن دراسة طبية واسعة وجدت أن الرياضة من عوامل الوقاية من الاكتئاب، وهي أيضاً أفضل علاج له إذا كنتَ مصاباً، بل إنها أقوى من مضادات الاكتئاب وبلا أعراض جانبية. ماذا تخشى أيضاً؟ تصلب المفاصل؟ التدهور العقلي والخرف، وعلى رأسها الزهايمر؟ ارتفاع الضغط؟ ضمور العضلات؟ ضعف الجسم؟ مشاكل التوازن وكثرة السقوط؟ السمنة؟ ألم الظهر؟ هشاشة العظام؟ الجلطة؟ نقص المناعة؟ الانفلونزا؟ كل هذه بلا استثناء يمكن أن تحميك منها الرياضة المستمرة. وحتى لو كنت مصاباً بها فإن الرياضة من أقوى علاجاتها، إن لم تكن أقواها على الإطلاق. الوقت ليس متأخراً .. ابدأ اليوم!