على الرغم من التحديات الكبرى التي واجهتها وزراة الإسكان منذ بداية إنشائها قبل أعوام قريبة، وعلى الرغم من صعوبة الإرث الثقيل الذي بدأت به مسيرتها، وعلى الرغم من الانتقادات التي لا تتوقف لأدائها، إلا أن ما تكشف عنه الوزارة من برامج ومشروعات وأرقام، يشير إلى أنها أصبحت في قلب المشهد، وأنها تحوز مع الوقت المزيد من أوراق اللعبة، وأنها مؤهلة لسحب البساط من تحت أقدام «هوامير» السوق العقارية، في زمن تتفاوت تقديراته بين المراقبين. وكان عدد من أعضاء مجلس الشورى مؤخراً دعوا وزارة الإسكان إلى العمل على تلبية الطلب المتزايد على منتجاتها، خلال مناقشة المجلس التقرير السنوي لوزارة الإسكان للعام المالي 1434/1435ه، الذي حظي باهتمام ومداخلات عدد من أعضاء المجلس، فبعد طرح تقرير اللجنة وتوصياتها للنقاش أشار أحد الأعضاء إلى أن الوزارة لم تف بالطلب المتزايد على السكن، لافتاً النظر إلى أن بعض مشاريع الوزارة لم تصل نسبة إنجازها إلى أكثر من 20%، ولفت عضو آخر إلى أن التفاوت بين إحصاءات وزارة الإسكان وصندوق النقد الدولي حول نسبة تملك السعوديين للمساكن سببه احتساب الوزارة للمنازل الشعبية ضمن إحصاءاتها، مؤكداً أن نسبة تملك المواطنين للسكن لا تتناسب مع حجم المملكة ووضعها الاقتصادي. وتابع آخر أن الوزارة في ظل الهوة المتفاقمة بين العرض والطلب التي ارتفعت إلى مليون وحدة سكنية، وتسجيل 170 ألف حالة زواج جديدة سنوياً؛ غير قادرة على الوفاء بأكثر من 10% من حاجة المواطنين سنوياً، مؤكداً أن تفاقم العجز يوجب على الوزارة أن تفكر بأسلوب غير تقليدي لحل هذه المعضلة. واستغرب أحد الأعضاء غياب الرؤية المشتركة بين الوزارة وصندوق التنمية العقارية، مطالباً بالتنسيق بين الجهتين لتجاوز أزمة تأخر مراحل تنفيذ مشروعات الوزارة الذي وصل إلى مستويات مقلقة. واقترح عضو آخر التنسيق بين وزارة الإسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية والجهات ذات العلاقة؛ لإنشاء التصاميم العمرانية المرنة التي تعالج أزمة عدم توفر الأراضي في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. من جانبه رأى أحد الأعضاء أن الأجدى العودة إلى التمويل المباشر للمواطنين عبر صندوق التنمية العقارية وترك القرار للمواطن الذي يدرك إمكانياته وحاجاته أكثر من منتجات الوزارة الجاهزة، لافتاً إلى أن الصندوق وعبر مسيرته الماضية أثبت نجاحه في دعم النمو العمراني، والأجدى دعم الصندوق ومعالجة سلبيات المرحلة الماضية ليواصل مسيرته الناجحة، مطالباً في ذات السياق بضخ جزء من مبلغ ال 250 مليار ريال المخصصة للإسكان في حساب صندوق التنمية العقارية لتسريع القروض العقارية. ودعا عضو آخر وزارة الإسكان إلى التدخل لتنظيم سوق تملك الشقق السكنية وضبط العلاقة بين الملاك والمستأجرين وبين الملاك والمطورين، لافتاً إلى أن المشاكل التي تنشأ بعد بيع الشقق تهدد السوق بوصفه أحد الحلول السكنية الناجحة للعوائل الصغيرة وذات الدخل المحدود. ورأت إحدى العضوات أن الوزارة مطالبة بتوفير السكن الملائم اجتماعياً واقتصادياً، مؤكدة أهمية قيام الوزارة بدورها تجاه إيجاد نظام تخطيط متكامل لتطوير صناعة الإسكان الملائم اجتماعيا واقتصادياً. وكانت اللجنة طالبت في توصياتها وزارة الإسكان بتقديم خططها الزمنية والمكانية والعمرانية لتوفير المنتجات السكنية للمواطنين، وبفصل قوائم الانتظار على بوابة وزارة الإسكان بحيث يعجل الإقراض للراغبين في شراء وحدات سكنية من القطاع الخاص، ودعم البند المخصص لذلك من المبالغ المعتمدة. كما طالبت اللجنة وزارة الإسكان بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والجهات المعنية، لرفع الكثافات السكانية في المدن الرئيسة التي لا تتوافر فيها أراض مناسبة لمشروعات الإسكان، كما دعتها إلى معالجة النقص في الكوادر البشرية من خلال إشغال الوظائف الشاغرة لديها، والتعاون مع القطاع الخاص لتوفير الخبرات التخصصية التي تحتاجها. صندوق النقد يمتدح «الإسكان» وكان صندوق النقد الدولي في وقت سابق نفى أن تكون نسبة تملك السعوديين للمساكن هي 36% كما جاء في تقريره الأخير عن السعودية. وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولى إن نسبة تملك السعوديين للمساكن هي 60% وإنه ينبغي قراءة تقرير الصندوق بعناية، «فنحن نقول: إن نسبة ملكية المساكن البالغة 36% تستبعد المساكن (التقليدية) منخفضة الجودة، أما النسبة الكلية لملكية المساكن فتبلغ 60% بالفعل إذا ما أدرجت المساكن التقليدية في الحساب وإن هذه المعلومات مستقاة من «تعداد المساكن» لعام 2010». وكان تقرير صندوق الدولى الاخير قد أثار الكثير من الجدل بسبب التباين بينه وبين تصريح وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي من أن نسبة تملك السعوديين للمساكن هى 60% وتأكيد الوزير أن هذا الرقم يستند لإحصائية دقيقة. وقد أنصف التقرير وزارة الإسكان بترحيب خبراء الصندوق الدولي باستهداف برنامج الإسكان لمن هم في أمسّ الحاجة إليه، وأن الحكومة تقوم بتنفيذ برنامج طموح لزيادة عرض المساكن، وسيتم توزيع الدعم على المشترين وفقا لنظام النقاط الذي سيكون في صالح من هم في أمس الحاجة، غير أنه أشار إلى أن المبالغ المصروفة سوف تستهلك جزءًا كبيرًا من الأصول المالية المتراكمة لدى الحكومة وسوف يتطلب الاستخدام الكفء لهذه الموارد ضمان أن يكون لدى المقترضين القدرة والحافز على سدادها، وأن تركز على معايير الأهلية. ** ** .. و «الإسكان» ترد وفي تعليق لوزارة الإسكان على انتقادات أعضاء مجلس الشورى السابقة، قال محمد الزميع وكيل وزارة الإسكان السعودية للتخطيط والدراسات في رده على انتقادات مجلس الشورى عن عدم التزام الوزارة بموعد التسليم إن الوزارة لم تقطع وعداً ولم تفِ به، وأن الوزارة عندما وعدت بتوزيع الوحدات في هذه الفترة وفت بوعدها، والتزمت بتسليم مشاريعها في الوقت المحدد في كل من خيبر والرياضوالقصيم. وقال «الزميع» أن الوزارة ستلتزم بتسليم المستحقين منتجاتهم وفق جدول زمني معين، مشيرا إلى ضرورة التنبه إلى أنه لا يمكن منح جميع المستحقين منتجاتهم دفعة واحدة. وأكدت وزارة الإسكان مطلع مارس المنصرم أنها ستخصص هذا العام 100 ألف منتج سكني للمستحقين بالإضافة إلى توزيع 100 ألف قرض. وكشف وكيل وزارة الإسكان للدراسات والتخطيط محمد الزميع أن الوزارة ستحدد تواريخ مناسبة لتسليم المنتجات السكنية لمستحقيها بعد تحديد الوزارة لمشاريعها من أرض وقرض في جميع مناطق ومحافظات المملكة، بالإضافة لعدد من المشاريع ستسلم هذا العام. وقال الزميع إن المشاريع في مختلف مناطق السعودية تصل إلى 400 ألف منتج سكني، سيتم وضع جدول زمني لها وسيصدر الجدول هذا العام لإظهار ما لدى الوزارة من منتجات وتوزيعها من خلال مواعيدها. وأشار الزميع إلى أن الوزارة كان لديها 46 مشروعاً في جميع مناطق المملكة، ويصل عدد الوحدات المتوفرة في هذا المشروع لقرابة 13 ألف وحدة سكنية، وبدأ التوزيع في أحد المسارحة بمنطقة جازان، مرورا بمشروع الشقق السكنية في منطقة القصيم من خلال مشروع بريدة السكني، وأخيرا في مشروع خيبر، وسيستمر التوزيع بلا توقف، بالإضافة لوحدات سكنية شبه جاهزة في بعض المشاريع. وبدأت وزارة الإسكان من خلال مشروع أرض وقرض في الرياض كأول المشاريع المكونة من 11 مشروعاً على مستوى مناطق المملكة، من خلال أراضٍ مطورة وقروض ميسرة للبناء عليها، ويصل عددها إلى 26 ألف شقة سكنية، بالإضافة لوجود مناطق أخرى تنتهج نفس الخطة، منها مشروعا أرض وقرض في جنوب وشمال مدينة جدة، ومشروع في المدينةالمنورة ومدينة تبوك، ومشروعان في مدينة الدمام، ومشروعان في القطيف والأحساء، وجميعها جارٍ العمل عليها.