كتبت مقال في قبل 12 شهرا (أبريل 2014) وكان بعنوان «استراتيجيات المملكة الاقتصادية يجب أن ترتكز على تنويع الصادرات وليس تنويع مصادر الدخل»، وذكرت بالمقال بأن « النفط لن يتوقف فجأة، ولكن لا يمكن الاعتماد على دخله بشكل كامل حتى ولو لسنة واحدة»،،،، وها نحن بعد 12 شهرا ينخفض سعر النفط إلى النصف، وسعر البرميل حاليا 50 دولارا بعد أن كان بأكثر من 100 دولار حينها. ماذا حصل للنفط؟ إنتاج النفط في دول العالم حوالي 93 مليون برميل يومياً، ويوجد زيادة في العرض ب 1.5 إلى 2 مليون برميل يومياً كانت كافية بخفض السعر إلى النصف وربما أكثر من النصف في بعض الأحيان، وستبقى الأسعار متدنية حتى يتم استهلاك هذا العرض الزائد ومن ثم سيرتفع السعر إلى حوالي 70 دولارا ما لم يكن هناك عوامل اقتصادية أو سياسية مؤثرة، المعطيات تؤكد أن العرض للنفط سيبقى مرتفعا، ولذلك صرّح الكثير من رؤساء الشركات ووزراء النفط بأن النفط لن يصل إلى 100 دولار قريباً. وبسبب تدني أسعار النفط، أوضح تقرير «الموجز البياني للاقتصاد السعودي لشهر أبريل 2015» والتي أصدرته «جدوى للاستثمار» بأن عوائد الصادرات النفطية للسعودية ستنخفض من 994 مليار ريال عام 2014 إلى 644 مليار ريال عام 2015، وهذا انخفاض بمقدار 350 مليار ريال لسنة 2015 (مليار ريال يومياً)، أي انخفاض بنسبة 35%. وفي نفس التقرير، قدر العجز ب 400 مليار ريال لعام 2015. وعند مقارنة عائد المملكة من النفط لعام 2015 بالعائد لعام 2013 يكون النقص بمقدار 567 مليار ريال،، وعند مقارنة أيضاً عائد النفط لهذه السنة سيكون أقل من عائد عام 2012 ب 621 مليار ريال، وعائد النفط لعام 2012 أكثر من مجموع عوائد النفط المتوقعة بالتقرير لعامي 2015 و 2016. المشكلة لا تنتهي هنا، ولكن الدراسة أشارت إلى أن عوائد المملكة من النفط ستكون في عام 2016 أقل من عام 2015 ب 30 مليار ريال. وكلما ازدادت المقارنة يتضح أن الوضع سيكون سلبياً بالنسبة لعوائد النفط لعامي 2015 و 2016 وربما أكثر من ذلك، فقد أشار التقرير الذي اعتمد على تقارير مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة المالية ومصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، إلى أن العائد من النفط للمملكة لعام 2015 أقل من العائد لعام 2008 ب 421 مليار ريال. انخفاضات كبيرة لعائد الدولة من النفط لعامي 2015 و 2016 عند مقارنتها بالسنوات الماضية تصل إلى ما بين 350 مليار ريال و 620 مليار ريال. هذه الانخفاضات في الأسعار ليست غريبة على النفط، وذكرت في المقال كما ذكر كثيرون بأن المملكة لا تستطيع الاعتماد على النفط بشكل مستمر، ولا يكفي تنويع مصادر الدخل، بل يجب تنويع الصادرات لكي يكون هناك عوائد للمملكة تأتي من الخارج. عموما «تنويع مصادر الدخل» هي خطوة سابقة لمرحلة «تنويع الصادرات»، ولكننا لم نصل إلى الأولى حتى نطمع بالثانية، والأهم من ذلك هو أن تسير جميع الخطط الحالية بذلك الاتجاه. نحن لا زلنا اقتصاد نفطي وتوسعنا بطيء ويعتمد فقط على النفط ومشتقاته، فالبتروكيماويات من النفط والغاز وسعرها يتأثر بسعر النفط وكذلك كمية إنتاجها، وشهدنا هذا كثيراً ونشهده حالياً. أرقام العوائد النفطية مخيفة خصوصاً أنها المصدر الوحيد للدخل، والمملكة بحاجة إلى إعادة نظر للتداعيات، الأمل بمجلس الاقتصاد والتنمية. المملكة بحاجة إلى النظر للمؤشرات الرئيسية للاقتصاد وقراءة المعطيات، وبناء الاقتصاد والتنمية بناء على ذلك. خطط تنويع مصادر الدخل وتنويع الصادرات وخفض الواردات وتوفير الوظائف الملائمة مطلب رئيسي للبناء والاقتصاد المستدام.