منذ أكثر من سنتين أعلنت وزارة الإسكان عن بدء العمل في إسكان الرياض الجديد، وتحقيق أحلام مستحقي الدعم السكني في العاصمة، بعد أن أكدت الوزارة بأن مشروع شمال غرب المطار، سيوفر ستة آلاف قطعة أرض مجهزة بالبنية التحتية، ويُمنح المستحق قرضاً مالياً لبناء مسكن العمر عليها، مع أن الأرقام تشير إلى أن مستحقي الإسكان الحكومي في الرياض، والمنطبقة عليهم الشروط، يزيدون عن مائة ألف مواطن. بعد ذلك أعلنت الوزارة عن موقع الأرض المخصصة لسكان الرياض، واتضح أنها مجرد 2200 قطعة أرض مجهزة للبناء، بعد توفير الخدمات الأساسية من سفلتة وإنارة وكهرباء وماء وخلافه، وهي بلا شك خطوة مهمة، رغم أنها احتاجت لأكثر من سنتين، لتجهيز الموقع للبناء فقط، لكنها ماذا تشكل بالنسبة لاحتياج أكثر من مائة ألف مواطن، صحيح أنها ستخصص للأكثر احتياجاً، كالأرامل، وكبار السن، ومن لديهم عدد أكبر من أفراد الأسرة، لكنه رغم ذلك، يظل الرقم صغيراً، إنه نقطة في بحر انتظار المواطنين المحتاجين! هذا الرقم يكشف أننا لن نحل مشكلة الإسكان بهذه الحلول الصغيرة جداً، وطالما أننا اكتشفنا جذر المشكلة، وهي عدم توفر الأراضي المعدة للبناء، والواقعة ضمن النطاق العمراني، فإن الحل الأسرع لدى الوزارة هو التمدد الرأسي للإسكان بدلا من التمدد الأفقي غير المجدي، فلا جدوى إطلاقاً من تهيئة ملايين الأمتار، وتجهيزها بالبنية التحتية، فهي لن تحسم الأمر، ففي الدمام والخبر مثلا، هناك مخططات كاملة مخصصة لبناء العمائر ذات الطوابق المتعددة، بينما في الرياض لا يمكن التمدد الرأسي إلا في القطع التجارية، الواقعة على شوارع الستة والثلاثين متراً مربعاً، وحتى هذه لا يسمح بالبناء أكثر من ثلاثة أدوار تقريباً، وهذا ربما ما جعل الرياض تعيش أزمة تملك سكن، خاصة مع النمو السكاني والهجرة إلى العاصمة من القرى والمدن المحيطة، لأسباب العمل والدراسة والتجارة! هناك مئات الآلاف من الأمتار المربعة داخل النطاق العمراني، بل إن العمران تجاوزها إلى عشرات الكيلومترات، ومع ذلك بقيت دون أن يمسها شيء، ولم يُساءل أصحابها، خاصة أن الأرض لا تأكل ولا تشرب، ومع الزمن تزداد قيمتها، فما الذي يجعل هؤلاء يبادرون ببيعها؟ لا يوجد سبب لذلك! ماذا لو كانت هذه الأراضي مخططة لإقامة بنايات أدوار متعددة؟ ماذا لو تم تخطيط شقق سكنية بمساحات كبيرة تصل إلى أربعمائة متر مربع، تحقق احتياجات الأسرة السعودية الكبيرة؟ وتوزعت هذه البنيات على جنوبالرياض وشمالها، وغربها وشرقها، بطريقة مدروسة للتوزيع السكاني؟ أعتقد أن ذلك سيحل الكثير من مشكلات الإسكان للأسر المستحقة.