يظلُّ تاريخ المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رمزية وطنية للمملكة العربية السعودية، فيعلق في أذهان أبناء الوطن تلك التضحيات الأول، التي قادها المؤسس. وعلى الرغم من أن كثيراً من الدراسات والأعمال العلمية تناولت تاريخ الملك عبدالعزيز بمختلف المصادر واللغات؛ إلا أنه يبقى التاريخ الأكثر حضورًا وحيويةً بين موضوعات التاريخ الحديث والمعاصر على المستويات كافة (العالمي، الإقليمي، المحلي)، ذلك لما يحتويه من أهمية وعمق، وما صارعه المؤسس من أحداث جسام؛ جعلت منه الاسم الأبرز بين المؤثرين في حركة التاريخ الحديث والمعاصر سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً. وانطلاقًا من أهمية تاريخ الملك عبدالعزيز أقامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مؤتمرًا عالمياً قبل حوالي ثلاثين عامًا عن تاريخ الملك عبدالعزيز، وبمقاييس مصادر المعرفة في تلك الفترة من سنة 1406ه - 1986م؛ كان تسابق الباحثين غير مسبوق في تناول تاريخ الملك عبدالعزيز من أساتذة الجامعات والمتخصصين في التاريخ الحديث والمعاصر، ومن جنسيات مختلفة. وقد خرج المؤتمر العالمي الأول عن تاريخ الملك عبدالعزيز في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتوصياتٍ عدَّة؛ ومنها إقامة مؤتمر عالمي ثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز. وبعد ثلاثين عامًا من ذلك التاريخ؛ رأت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلةً بكرسي الملك عبدالعزيز لدراسات تاريخ المملكة تحقيق توصية المؤتمر الأول بإقامة المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز. وقد صدر الأمر السامي الكريم بالموافقة على إقامة المؤتمر تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالتنسيق مع دارة الملك عبدالعزيز. وحدِّد موعد المؤتمر خلال الفترة 20-21 جمادى الأولى 1436ه الموافق 11-12 مارس 2015م. حيث سيقام حفل الافتتاح في رحاب الجامعة يوم الأربعاء. وحول إقامة المؤتمر ومحاوره وأهدافه والمشاركين فيه؛ التقت صحيفة الجزيرة الأمين العام للمؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز (أستاذ كرسي الملك عبدالعزيز لدراسات تاريخ المملكة المُكلف بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) الدكتور طلال بن خالد الطريفي... وكان لنا معه الحوار الآتي: * حبّذا لو تشرح لنا من أين جاءت فكرة عقد هذا المؤتمر؟ - فكرة عقد هذا المؤتمر تعود إلى عام 1406ه الموافق لعام 1986م، عندما افتتح الملك الرَّاحل فهد بن عبد العزيز المؤتمر العالميِّ الأول عن تاريخ الملك عبد العزيز منذ ثلاثين عاماً تقريباً. وبناءً على ما تمَّ تحقيقه من نتائج مهمة في ذلك المؤتمر؛ حيث كان من توصياته عقد مؤتمر عالميٍّ ثانٍ؛ ارتأى كرسي الملك عبد العزيز لدراسات تاريخ المملكة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة عقدَ المؤتمر العالميِّ الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز والدعوة إليه. حيث صدرت الموافقة السامية رقم (45837) بتاريخ 14-10-1432ه على عقده بجامعة الإمام بالتنسيق مع دارة الملك عبد العزيز من أجل التطرُّق إلى ما استجدّ من معلومات ودراسات ووثائق محلية وعربية وأجنبيّة عن تاريخ الملك عبدالعزيز والمملكة العربية السعودية في عهده. ثم صدرت الموافقة السامية رقم (30571) بتاريخ 23-6-1433ه على رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لهذا المؤتمر؛ مما أضاف على هذا المؤتمر مزيداً من الأهمية والعالميَّة. * من خلال ما فهمت من كلامك أنَّ فكرة انعقاد المؤتمر جاءت استمراراً للمؤتمر الأوَّل. إذاً، بماذا سيختلف هذا المؤتمر الحالي عن السابق؟ - لا شكَّ أنَّ هناك فارقاً كبيراً بين المؤتمر الأول؛ الذي انعقد خلال الفترة 11 - 16 ربيع الأوّل 1406ه وهذا المؤتمر الثاني الذي سينعقد بحول الله خلال الفترة 20-21 جمادى الأولى 1436ه. إنَّ المؤتمر الأوّل كان ناجحاً بكلِّ المقاييس، وأبحاثه ومصادر المعرفة - حينها - كان لها قوة وصدى واسع قبل ثلاثين سنة؛ لكنَّ مصادر المعرفة قد تغيَّرت حالياً؛ ممّا سهّل للباحثين الوصول إليها؛ لذلك ستجدون أنَّ أبحاث المؤتمر الثاني أكثر عمقاً من الأوَّل، ولا نريد المقارنة بين الاثنين، فالمؤتمر الحالي يُعَدّ استكمالاً واستمراراً للمؤتمر الأول وامتداداً لجهود السابقين. ولمعلوماتكم أيضاً في هذا الصدد أنَّ مَن وضعوا أساس هذا المؤتمر الحالي هم أنفسهم الذين وضعوا أساسات المؤتمر الأوّل، وقاموا به في 1406ه، ونحن استكملنا هذا الجهد وهذا العمل العلمي. كما أنَّ من توصيات المؤتمر العالميِّ الأوَّل إقامة مؤتمر عالميٍّ ثانٍ، كما أنَّ الجهود التي تبذل في المؤتمر الثاني والعمل على توصياته لا تقل عن المؤتمر الأول بدءاً من الإعلان عنها حتى نهاية المؤتمر. وأشير أخيراً في هذا المجال إلى أنّه من غير العدل المقارنة بين المؤتمرين؛ لأنَّ لكلِّ مؤتمرٍ منهما خصوصيته التي تختلف عن الآخر من جهة الزمان وتطوّر وسائل المعرفة. * ما الذي تهدفون إليه من خلال انعقاد المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز؟ - هناك أهدافٌ عديدة وضعناها نصب أعيننا، ونسعى جاهدين إلى تحقيقها. منها: تقديم دراسات تاريخية وحضارية حديثة عن تاريخ الملك عبدالعزيز وإلقاء الضوء على مزيد من جوانب شخصيته وصفاته القيادية؛ التي مكنته من تأسيس المملكة العربية السعودية. ومنها أيضاً: إبراز الدور الإقليمي والإسلامي والدولي للملك عبدالعزيز والمملكة العربيّة السعودية في عهده. كما هدفنا إلى معرفة ملامح النقلة الحضارية التي شهدتها المملكة العربية السعودية، وكيف جرى التطور الحضاري والاجتماعي والعمراني فيها. ونسعى من خلال هذا المؤتمر إلى تقوية الانتماء الوطني بطرح نماذج من إنجازات هذا البلد وأهمية تحقُّق الوحدة الوطنية فيها وإدراك إيجابياتها على الوطن والمواطن . وكما ذكرت سابقاً فإنَّ هذا المؤتمر هو استكمالٌ لما بُدِئ في المؤتمر العالمي الأول عن تاريخ الملك عبد العزيز من رؤى وأفكار ومقترحات. ومن الأهداف التي نسعى لتحقيقها أيضاً توفير موضوعات متخصصة في فترة تاريخ الملك عبد العزيز والمملكة العربية السعودية في عهده يستفيد منها طلاب الدراسات العليا وطالباتها. * كيف كانت استعداداتكم لإقامة هذا المؤتمر؟ - في الحقيقة أنَّ العمل بالمؤتمر بدأ منذ أربع سنوات تقريباً منذ ساعة إعلانه؛ بل وقبل ذلك. والعمل كان مجهداً ومضنياً؛ ولكنَّ متعة العمل فيه أنستنا ذلك التعب والجهد. حيث كانت اجتماعات اللجنة العلمية تتوالى على مدى السنوات الأربع، كذلك لجانه الأخرى التحضيرية والتنظيمية، وحتى ما قبل انعقاد المؤتمر بأيام؛ حيث كانت تنعقد الاجتماعات باهتمام بالغ النظير، وبمتابعة لأدقَّ تفاصيلها، واستمرت انعقاد تلك الاجتماعات بمتابعة من مدير الجامعة بالنيابة الدكتور فوزان بن عبدالرحمن الفوزان؛ الذي كان رئيسا للجنة المؤتمر التحضيرية فالتنظيمية بعد توليه إدارة الجامعة بالنيابة، حيث حرص على متابعة آخر استعدادات المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز ساعة بساعة ولحظة بلحظة. كذلك كان لرئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الأستاذ الدكتور عمر بن صالح العُمري (أستاذ كرسي الملك عبدالعزيز لدراسات تاريخ المملكة الأسبق) الجهد المشكور والمميز في إخراج أبحاث المؤتمر والعمل على فحصها واختيار المناسب منها مع أعضاء اللجنة العلمية كافة. فعملُ تلك السنين الأربع، وما رافقها من إعداد وعمل وبحث وتنسيق وتنظيم سيتلخص في أيام معدودة هي أيام المؤتمر؛ لكي يظهر هذا المؤتمر بالصورة التي تعكس ما وصلت إليه الجامعة من مكانة علمية وتنظيمية عالية. * ما المحاور التي سيتناولها هذا المؤتمر؟ - حاولنا اختيار المحاور التي لم يتطرق إليها المؤتمر العالمي الأول عن تاريخ الملك عبد العزيز، فكما قلنا سابقاً إنَّ المؤتمر الحالي استمرارٌ للمؤتمر السابق، ويهدف إلى استكمال ما بُدئ به في المؤتمر الأول، ومن العبث تكرار المكرّر؛ لذلك كانت محاور المؤتمر المنعقد حالياً جديدة، وحاولت أيضاً الإلمام بجميع جوانب حياة الملك عبدالعزيز الإنسانية والقيادية والإدارية والعسكرية متزامنةً مع توحيد المملكة العربية السعودية وبناء نهضتها المعاصرة. من هنا قُسِّمت محاور المؤتمر إلى تسعة: فالمحور الأول تناول شخصية الملك عبد العزيز ومنهجه. والمحور الثاني تناول توحيد المملكة العربية السعودية وبناءها. فيما تطرَّق المحور الثالث إلى التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي شهدتها المملكة في عهد الملك المؤسس. وأما المحور الرابع فقد تناول موضوع خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدّسة. بينما تحدّث المحور الخامس عن القضايا العربية والإسلامية آنذاك. وكذلك فإن المحور السادس درس الدبلوماسية والسياسة الخارجية. وتحدثنا في المحور السابع عن أبناء الملك عبد العزيز ورجاله. وكان المحور الثامن يُلقي الضوء على المصادر والدراسات التي عاصرت وتناولت شخصية الملك عبدالعزيز. أما المحور التاسع والأخير فكان تحت اسم الملك عبدالعزيز رؤية عالمية. * حين تمَّ الإعلان عن المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز والدعوة إليه كيف كانت الأصداء تجاهه؟ - عندما طرح كرسي الملك عبد العزيز لدراسات تاريخ المملكة فكرة عقد المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز؛ حظي هذا الاقتراح باهتمام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتبنَّت مسؤولية عقد هذا المؤتمر وتنظيمه. ثم وجدنا أنَّ الاهتمام بعقد هذا المؤتمر يكبر بعد الموافقة السامية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمؤتمر، وهذا إن دل على شيء، فيدل على مدى الاهتمام الكبير من أعلى سلطة في البلاد بهذا المؤتمر، كما يدلُّ على حماس جامعة الإمام على أهمية انعقاد هذا المؤتمر، وهذا بلا شك كلُّه أصداء إيجابية لفكرة عقد هذا المؤتمر. وأما عندما تمَّ الإعلان عنه فلاحظنا اهتماماً واسعاً من الباحثين والمؤرخين والدارسين بهذا المؤتمر من خلال الكمِّ الهائل من الدراسات والأبحاث التي أُرسِلَتْ للمشاركة في المؤتمر. هذا ما دفعنا إلى تأخير عقده قليلاً لدراسة الأبحاث المشاركة وانتقاء الأفضل منها؛ وليكون انعقاد المؤتمر بالصورة الأمثل التي نسعى إليها. * ذكرت أنَّ الأصداء كانت إيجابيةً للمؤتمر، وأنَّ كمّاً هائلاً من البحوث قد عُرضتْ للمشاركة، فما المعيار الذي وضعتموه لقبول تلك الأبحاث؟ - عندما تم الإعلان عن المؤتمر، بدأت اللجنة العلمية المخوَّلة في انتقاء الأبحاث أعمالها منذ ثلاث سنوات؛ حيث أخذت تستقبل المشاركات بعد أن أعلنت نشرتها الخاصة للمؤتمر التي تضم محاور المؤتمر، كما تتضمن الضوابط العامة للأبحاث وأوراق العمل التي تقدّم للمشاركة. وقد وصل للجنة العلمية ما يقارب (400) مشاركة، وانتخب منها ما يقارب (100) للمشاركة في المؤتمر، وتعدُّ تلك المشاركات أبحاثاً أصيلةً وعلميةً، فهي من الأبحاث الجديدة في مجال تاريخ الملك عبدالعزيز. فالمعايير التي اتخذتها اللجنة لقبول الأبحاث كانت بالالتزام بمحاور المؤتمر التسعة، وبتوفُّر شروط البحث العلمي ومعاييره، والاتسام بالأصالة والمنهجية والجدة في الموضوع والعرض، ومراعاة سلامة اللغة والأسلوب ووضوح الدلالة، والالتزام بعلامات الترقيم وبحواشي كل صفحة. كما اشترطت اللجنة ألا يكون البحث قد سبق نشره، أو قدم إلى جهة أخرى للنشر، وألا يكون مستلاً من رسالة علمية أو كتاب منشور. وهناك معايير أخرى موضحة في نشرة المؤتمر نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: إرفاق نماذج واضحة من الأشكال التوضيحية والصور والوثائق والمخطوطات إذا تطلَّب البحث ذلك، ومنها إرسال السير الذاتية للباحث المشارك يوضح نشاطه العلمي والعملي، ومنها ما يتعلَّق بكيفية التوثيق وصفحة المصادر والمراجع، ومنها أيضاً ما يتعلق بعدد الصفحات وحجمها ونوع الخط ومقاسه وكيفية تخطيط الصفحة. فمعايير المشاركة تعدُّ معايير عامة كأيِّ مؤتمر علمي، واللجنة العلمية حرصت في هذا المؤتمر على الجدة والأصالة في البحوث؛ ما جعلنا نعتذر عن عددٍ كبيرٍ من البحوث المقدمة للمشاركة؛ كونها تخلو من إضافات لتاريخ الملك المؤسس. * إذاً ، اللجنة العلمية كان عليها حصّة الأسد من العمل والجهد، حبذا لو تعرِّفنا أكثر عن هذه اللجنة؟ - صحيح، إنَّ العبء الأكبر في العمل في هذا المؤتمر والإعداد له وقع على عاتق اللجنة العلمية، فهي التي كانت تستقبل الأبحاث، وتدرسها دراسة علمية؛ تتأكد فيها من جدّتها وأصالتها، كما تتأكد من صحة المعلومات وسلامتها في تلك المشاركات، وعلى عاتقها تمَّ تدقيق تلك الأبحاث لغوياً، كما حاولت دراسة سير المشاركين الذاتية والتأكد من نشاطهم العلمي والعملي. وهذا كله عملٌ طويلٌ وشاق. وأعضاء اللجنة جميعهم من أصحاب المقامات العلمية الرّفيعة، وتاريخهم العلمي يشهد بكفاءتهم وريادتهم، لذلك نشكرهم فرداً فرداً بدءاً من رئيس اللجنة العلمية سعادة الأستاذ الدكتور عمر بن صالح العُمري أستاذ التاريخ الحديث بالجامعة، مروراً بأعضاء اللجنة معالي الأستاذ الدكتور إسماعيل بن محمد البشري مدير جامعة الجوف، وسعادة الأستاذ الدكتور حمود بن محمد النجيدي أستاذ التاريخ الإسلامي بالجامعة، وسعادة الأستاذ الدكتور عبد اللطيف بن محمد الحميد أستاذ التاريخ الحديث بالجامعة، وسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الربيعي أستاذ التاريخ الإسلامي بالجامعة، وسعادة الدكتور ناصر بن محمد الجهيمي أمين عام دارة الملك عبد العزيز المساعد، وسعادة الدكتور محمد بن عبد الله الفريح أستاذ التاريخ الحديث المساعد بجامعة الملك سعود، وأمين عام المؤتمر، وسعادة الأستاذ بندر بن محمد الحجي المحاضر بالجامعة. وقد كان قسم التاريخ والحضارة بالجامعة هو أساس الكفاءات التي شاركت في اللجنة العلمية للمؤتمر وأمانته العامة. * حدِّثنا - إذاً - عن المشاركين في المؤتمر الذين قُبِلت مشاركاتهم بعد تحقيقهم للمعايير المطلوبة؟ - هناك حوالي مئة مشارك من مختلف الدول ومن جنسيات متعدِّدة، ونسبة المشاركين من خارج المملكة بلغوا ما يقارب 50 % من غير السعوديين ما بين عرب وغيرهم من عدة دول، نذكر منها: مصر، والمغرب، والسودان، والعراق، والأردن، والصين، والهند، وفلسطينَ، وليبيا، واليمن، وسوريا، ومقدونيا، والولايات المتَّحِدةِ الأمريكيَّةِ، وتركيّا، وإيران، ومن دول أخرى.. وجميع هؤلاء المشاركين ذوي سير علمية مرموقة في بلدانهم وجامعاتهم التي يعملون بها، وأبحاثهم التي قدَّموها ستضيف بلا شك إضافات علمية جديدة في تاريخ حياة الملك عبد العزيز. وأما عن المشاركين من داخل المملكة فمنهم من أصحاب المقامات الرفيعة علمياً وأكاديمياً، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: معالي الدكتور فهد بن عبدالله السماري المستشار بالديوان الملكي، وأيضاً معالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل وزير الشؤون الإسلامية السابق، وفضيلة الأستاذ الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد باكستان، وغيرهم من أصحاب المكانات العلمية المرموقة في المملكة العربية السعودية. * فماذا عن المشاركات، وما الجديد الذي فيها؟ - من يتابع العناوين الموجودة في قائمة البحوث المشاركة يلاحظ جدة الموضوعات المتناولة، حيث إنها في الغالب تعدُّ موضوعات جديدة في تاريخ الملك عبدالعزيز، وكما أشرنا إليها سابقاً فإن اللجنة العلمية وضعت معايير محددة، واشترطت الالتزام بالمنهجية العلمية والأمانة العلمية، وغير ذلك من ضوابط البحث المعروفة والمشهورة لدى المتخصصين والباحثين. ولا يمكن في هذا اللقاء عرض جميع عناوين البحوث كاملةً ولكن سأكتفي بأمثلةٍ عن كل محور من محاور المؤتمر ليعرف القارئ والمهتم بتاريخ المملكة العربية السعودية مدى جدة الموضوعات المشاركة. ففي محور الملك عبد العزيز الشخصية والمنهج؛ فإن معالي الدكتور فهد عبدالله السماري يشارك ببحث «الملك عبد العزيز رؤية بانورامية» وبحث للألباني Idriz Ismaili بعنوان: « King AbdulAziz An example of an unprecedented leader» باللغة الإنجليزية، وآخر للأستاذ الدكتور أحمد بن عبدالعزيز البسام بعنوان: «جوانب من مظاهر ترابط القيادتين السياسية والدينية في عهد الملك عبدالعزيز»، وفي محور التوحيد وبناء الدولة يشارك أ.د سليمان بن عبدالله العقيل ببحث «التوحيد والعقد الاجتماعي عند الملك عبد العزيز: قراءة سوسيولوجية للعقد الاجتماعي عند توحيد المملكة العربية السعودية»، وبحث للدكتور محمد بن عبدالرحمن الشيحة بعنوان: «الحوار في مجالس الملك عبدالعزيز»، وفي محور التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية نجد بحثاً مهماً لمعالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل بعنوان «عناية الملك عبد العزيز بتحقيق الأمن العقدي والفكري»، وبحثًا للأردني الأستاذ الدكتور عبدالفتاح حسن أبو علية بعنوان: «ظاهرة الفقر في نجد والحجاز وموقف الملك عبدالعزيز منها»، وللأستاذة الدكتورة دلال بن مخلد الحربي بعنوان: «الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على المملكة العربية السعودية: (الظاهرة والمعالجة) (1348 1352ه/ 1929 1933م)»، ونجد في محور خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة بحثاً تحت عنوان «الطرق البحرية بين مصر والحجاز ودورها في نقل الحجاج في عهد الملك عبد العزيز» يقدمه أ.د. محاسن الوقاد من جمهورية مصر العربية، وللشيخ محمد بن حسين الموجان «الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس أول دار لكسوة الكعبة المشرفة في مكةالمكرمة»، وكذلك نجد في محور أبناء الملك عبد العزيز ورجاله بحثاً الأستاذة فوزية العجمي عنوانه «اأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي»، وللأستاذ عبدالمجيد بن محمد العُمري «رواد العمل السياسي والدبلوماسي في عهد الملك عبدالعزيز: السفير فوزان السابق أنموذجًا»، وأما في محور القضايا العربية والإسلامية، يقدم الهندي Prof. Mohammad Gulrez «Reconstruction of Religious Thought in Saudi Arabia During King Abdul Aziz›s Regime and its Impact on Freedom Movements in India» وهناك بحث «مساعي الدعوة والإعلام في جزر الملايو في عهد الملك عبدالعزيز: الرشيد والسوركتي والأيوبي نموذجًا» للدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الشبيلي، كما قدّم أ.د أحمد بن يوسف الدريوش بحثاً بعنوان « العلاقات السعودية الباكستانية منذ عهد الملك عبدالعزيز آل سعود إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز»، وللتركية Dr. Burcu KURT «1914 Negotiation of Najd Question and Its Impact on Internal Affairs of the Basra Province»، وللأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالقادر بوتشيش بحث بعنوان «منهجية الملك عبدالعزيز في بناء السلام العالمي»، وبحث للأمريكي Dr. George WeI «»National Building and Saudi Arabia-Chinese Relations in the 1930-1940: Promoting Foreign Relations for Common Religious Interest ضمن محور الدبلوماسية والسياسة الخارجية، كما تقدم أ.د نجلاء رأفت سالم من جمهورية مصر العربية بحثاً تحت محور المصادر والدراسات عنوانه «الملك عبد العزيز في المصادر العبرية»، وأخيراً فهناك في محور الملك عبد العزيز رؤية عالمية نجد بحثاً جديداً أعدّه أ.د سمير عبد الحميد نوح من جمهورية مصر العربية بعنوان «شخصية الملك عبدالعزيز: رؤية يابانية». فالمتابع لهذه العناوين يلاحظ مدى جدتها وأصالتها، وعلى تلك الشاكلة تمضي جميع أبحاث المؤتمر. * ما آخر استعداداتكم قبل بدء المؤتمر؟ وهل أنهيتم اللمسات الأخيرة؟ - إن اللجنة التنظيمية واللجان الأخرى وجميع العاملين في هذا المؤتمر حريصون كلَّ الحرص على ظهور المؤتمر بالشكل اللائق؛ الذي يليق باسم المؤتمر الذي يتناول تاريخ الملك عبدالعزيز، وهو مؤتمر عالمي؛ وبالتالي يجب أن يكون المؤتمر بتنظيمه يحقق شروط المؤتمرات الدولية والعالمية؛ لذلك حرص مدير الجامعة بالنيابة الدكتور فوزان بن عبدالرحمن الفوزان على الوقوف على آخر استعدادات اللجنة التنظيمية للمؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز، وذلك من خلال اجتماعات اللجنة التنظيمية؛ حيث تم مناقشة آخر الاستعدادات والتجهيزات المتعلقة بالقاعة الرئيسة والقاعات المساندة والتنظيم، إضافة إلى ترتيب المدعوين والضيوف. فمدير الجامعة مهتم شخصياً بالمؤتمر ويسعى جاهداً إلى ضرورة ظهور المؤتمر بالصورة التي تعكس ما وصلت له الجامعة من مكانة علمية وتنظيمية. * لندخل الآن في أجواء المؤتمر، كيف ستجري أيام المؤتمر؟ وما الأنشطة التي أعددتموها؟ - تستمر أعمال المؤتمر خلال يومين، من 20 إلى 21-5-1436ه الموافق 11-12-3-2015م. تجري في خلاله 19 جلسة، وفي كلِّ جلسة تتناول محوراً من محاور المؤتمر، تبدأ الجلسة الأولى (الافتتاحية) في قاعة الشيخ عبدالعزيز التويجري الساعة 6:15 وتنتهي الساعة 7:30، حيث ستكون هذه الجلسة - إن شاء الله - برئاسة معالي الأستاذ الدكتور سعيد بن عمر آل عمر مدير جامعة الحدود الشمالية، وتتناول محور الملك عبد العزيز الشخصية والمنهج. ويشترك في هذه الجلسة خمسة مشاركين، يعرضون بإيجاز ملخصات أبحاثهم والنتائج التي توصلوا إليها والمقترحات التي يقترحونها. وعلى مثل ذلك تستمر جلسات المؤتمر الأخرى، وتتزامن ثلاث جلسات في وقت واحد؛ حيث تقدّم تلك الجلسات المتزامنة في القاعات المساندة (ب) في مبنى المؤتمرات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والقاعة المستديرة إضافة إلى القاعة الرئيسة. وكلُّ جلسة من الجلسات تكون تحت رئاسة شخصية علمية مرموقة لها مكانتها الأكاديمية المعروفة. في اليوم الأول (الافتتاح) تعقد 6 جلسات على فترتين: الأولى من الساعة 6:15 حتى الساعة 7:30 مساءً. والثانية: من الساعة 7:45 حتى الساعة 9 مساءً. وفي اليوم الثاني تُعقد 13 جلسة مقسمةً إلى جلساتٍ صباحية وجلسات مسائية. والجلسات الصباحية تبدأ من الساعة التاسعة على 4 فترات من الساعة 9:00 صباحاً حتى الساعة 10:15 صباحاً. ومن الساعة 10:30 حتى الساعة 11:45 صباحًا. ومن الساعة 12:45 ظهراً حتى الساعة 2:00 ظهراً. وتختتم أعمال الجلسات الصباحية بحفل غداء على شرف ضيوف المؤتمر الكرام. بينما أوقات الجلسات المسائية في اليوم الثاني هي مواعيد يوم الافتتاح نفسها. وتعقد الجلسة الختامية مساءً في اليوم الختامي، حيث يرأس مدير الجامعة بالنيابة الدكتور فوزان بن عبدالرحمن الفوزان هذه الجلسة، ويلقي من خلالها كلمةً، كما يُعلَن فيها البيان الختامي مع توصيات المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز، ثم يُنهي المؤتمر أعماله بحفل عشاء على شرف الضيوف والمشاركين. * ماذا عن المشاركة النسائية في المؤتمر؟ وكيف كان فيه دور المرأة السعودية الباحثة؟ وهل تطرَّقت أبحاث المؤتمر لموضوع المرأة السعودية في عهد الملك عبد العزيز؟ - للباحثات دور لا يقل أهميةً عن دور الباحثين، ومن أجل ذلك حرصنا في المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز على تفعيل مشاركة الباحثات، فكان عدد الباحثات المشاركات حوالي عشرين باحثةً، وغالبيتهن من المملكة العربية السعودية؛ أي أنَّ أبحاثهن تمثِّل أكثر من 20 % من أبحاث المؤتمر. وإنَّ أبحاثهن كانت مميزةً، ولا أقول هذا من باب المجاملة، بل كان واقعاً ملموساً، والموضوعات التي طرحتها الباحثة السعودية تحديداً كانت موضوعات جديدة وفريدة وتربط بين بعض القضايا الاجتماعية الآنية في عصرنا الحالي والقضايا نفسها في عهد الملك عبدالعزيز، كالبحث الذي قدَّمته الأستاذة نورة بنت مشبب القحطاني والذي كان عنوانه «مكافحة المخدرات في عهد الملك عبد العزيز»، وبقية مشاركات الباحثة السعودية كانت كلُّها على تلك السوية المميزة بالطرح. وبالنسبة للشق الثاني من سؤالك، إذا تناولت أبحاث المؤتمر المرأة السعودية في عهد الملك عبد العزيز، فإنَّ الباحثة الأستاذة تغريد بنت خيري الحكمي قدمت بحثاً بعنوان «عناية الملك عبد العزيز بالمرأة في ضوء الشريعة الإسلامية»، كما قدّم أ.د. بدر بن ناصر البدر بحثاً عنوانه «عناية المملكة العربية السعودية تعليم المرأة القرآن الكريم» ، وهذان البحثان كانا من ضمن محور التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. فإذاً كان للمرأة السعودية في عهد الملك عبد العزيز حضورها في أبحاث المشاركين. * الشباب بسمة المستقبل، وعليهم تنعقد آمال المجتمع في بناء نهضته والسّعي في تطويره، فهل كان للشباب حضوره في المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز؟ وأخصُّ تحديداً الشباب السعودي من الباحثين. - لا شكَّ أنَّ الشباب هم العمود الفقري لأيِّ أمة من الأمم، ودائمًا ما نحفزهم لتقديم ما هو مميز، فعملنا بالأساس هو بناء الأجيال، وفتح طرق المستقبل الصحيحة لهم. وكما يقول الشاعر: وأصلاً، هذا المؤتمر، لم يكن لينعقد إلا من أجل مخاطبة الأجيال الجديدة، وتذكيرهم بتاريخهم المجيد؛ ليكون باعثاً لهم إلى مزيد من المثابرة والاجتهاد. وقد كان لعنصر الشباب حضور فعال في المؤتمر؛ إذْ نسبة المشاركين منهم نسبة لا بأس بها، حيث قدّم الأستاذ أحمد بن خلف المالكي بحثاً تحت عنوان «الابتعاث العلمي في عهد الملك عبدالعزيز». كما أنَّ غالبية المشاركين في المؤتمر هم من الشباب إما فكراً أو حيويةً. * ذكرتم في أوّل اللقاء أنكم وضعتم أهدافاً محدَّدةً ترجون تحقيقها من خلال انعقاد المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز، فهل تعتقدون أنكم حققتم هذه الأهداف؟ - نعم، بنسبةٍ كبيرة أجزم أنها تحققت؛ حيث أبرَزَ المؤتمر من خلال الدراسات المشاركة الأهداف سعينا لتحقيقها. فقد قدمنا دراسات وافية وشاملة وفق الرؤية التي عملنا من خلالها. إذ أضاءت الدراسات جوانب حياة الملك عبدالعزيز كافة وتاريخ المملكة العربية السعودية في عهده منذ التأسيس وضمن المراحل المتلاحقة في بناء الدولة، فكان المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز بحقٍّ استكمالا لما بُدئ به في المؤتمر العالمي الأول. وجميع أبحاث المؤتمر ودراساته قد تمَّ جمعها وطباعتها في عدة مجلّدات لتكون عوناً ومعيناً للدارسين في مجال تاريخ الملك عبدالعزيز وتاريخ نشوء المملكة العربية السعودية وبخاصة طلاب الدراسات العليا وطالباتها. * لماذا اخترتم أن يكون المؤتمر عن الملك عبدالعزيز على وجه الخصوص؟ ولماذا وصفتم المؤتمر بالعالمي؟ - لا يمكن أن نذكر المملكة العربية السعودية إلا ونذكر معها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود، حيث ارتبط نشوء الدولة وبناؤها به. صحيحٌ أنَّ الدولة السعودية موجودةٌ قبل الملك عبدالعزيز في منطقة نجد ومحيطها، غير أنَّ الملك الراحل استطاع أن يوحد أجزاء الوطن المترامية، ويجمع قبائلها ومراكزها الحضارية في دولة واحدة تحت راية واحدة، وهو من أول من رسّخ مبدأ المواطنة في هذه الديار، لذلك فإن الملك عبدالعزيز له كلُّ الفضل بعد الله تعالى في تأسيس المملكة العربية السعودية، وبالتالي لابدّ من عقد المؤتمرات التي تتناول تاريخه وتاريخ المملكة العربية السعودية معاً. وأما وصفنا لهذا المؤتمر بالعالمية فهو لسببين: الأول يتعلق بشخص الملك عبدالعزيز، فقد كان شخصيةً عالمية بامتياز، أثرت على العديد من الدول، وتغير في عهده مجرى التاريخ، حيث انهارت دول عظمى، وقامت دول عظمى أخرى. وقد تناول الكثير من الرحالة المستشرقين الذين أتوا إلى الجزيرة العربية سيرة الملك عبدالعزيز، وأشادوا بدوره في بناء الدولة وفي صنع التاريخ. والسبب الثاني يرتبط بالأول فمثل تلك الشخصية العالمية شخصية الملك عبدالعزيز لابدَّ أن تكون الدراسات والأبحاث والمشاركات عالميةً أي من دول العالم المختلفة، وهذا ما تحقق في المؤتمر؛ حيث كان عالمياً بامتياز، فالمشاركون فيه جاؤوا من أكثر من خمس عشرة دولةً. * ذكرتم أنَّ فكرة المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز جاءت بناءً على توصيات المؤتمر العالمي الأول، فهل ستوصون بهذا المؤتمر بعقد مؤتمر عالمي ثالث؟ - ما دام هناك مؤتمر عالمي أول ومؤتمر عالمي ثانٍ، فلابدَّ من عقد مؤتمر عالمي ثالثٍ، وربما رابعٍ إن شاء الله تعالى عن تاريخ الملك عبدالعزيز. فالإحاطة بجميع جوانب حياة الملك عبدالعزيز ونشوء المملكة العربية السعودية لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال الإلمام بها جميعاً. فعملنا في هذا المؤتمر كان بنطاق محاور محدّدة، ومن الأكيد أنَّ هناك محاور أخرى لم نتطرّق إليها. كما أنَّ الأبحاث المقدّمة كانت ضمن رؤية الباحثين أنفسهم؛ أي لم يفرض المؤتمر على الباحثين بحثاً محدداً كما يحدث في رسائل الدكتوراة والماجستير، وبالتالي كنا محكومين بموضوعات المشاركين، ومن الأكيد أنّ هناك موضوعات ضمن المحاور التي طرحناها لم تُبحَث في هذا المؤتمر وربما ستُطرَح في مؤتمرات عالمية قادمة بحول الله تعالى. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنَّ الحياة تتطور، وهناك الكثير من الوثائق التي تُنشر عن تلك المرحلة التي عاشها الملك عبدالعزيز، وذلك مع تطور وسائل البحث المختلفة، وأرشفة تلك الوثائق من قبل أصحابها الأصليين على مواقع الإنترنت، وهذا يسِّهل عمل الباحثين، ويكشف المزيد من تلك الوثائق التي تتناول تلك الحقبة. كما أنَّ رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لهذا المؤتمر أضاف عليه مزيداً من الأهمية والعالمية. * برأيك الشخصي ماذا تقدِّم تلك المؤتمرات؟ أو ما أهمية انعقاد مثل هذه المؤتمرات؟ - إنَّ مؤتمراً مثل المؤتمر العالي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز هو مؤتمر عظيمٌ بلا شك، ومشاركة باحثين من أكثر من خمس عشرة دولةً لخير دليل على ذلك، من خلاله تعرّفنا على نبذة ممتازة من الباحثين والدارسين، وتبادلنا الآراء حول محاور هذا المؤتمر، وغيرها من الآراء خارج سياق أعمال المؤتمر، فبمثل هذه المؤتمرات ينتشر العلم، وتسود المعرفة بين شرائح المجتمع المختلفة، وما أشدَّ الحاجة للتعرّف على تاريخ الأجداد وتراثهم، حتى تقتدي الأجيال الحالية بهم، وتتمثل نهجهم وأفكارهم. وهذه المؤتمرات تشكل مصادر خير بحيث تكون باعثة للانطلاقات والنشاطات العلمية والفكرية والثقافية التي تسهم في بناء المجتمع وتطوره. إنَّ مستقبل الأمة مرتبط بتاريخها، فإذا كان حاضر الأمة هو الجسد فإن التاريخ هو الروح، ولا يمكن للجسد أن يحيا من دون روحه، فحريٌّ بنا من خلال هذه المؤتمرات أن نردَّ للأمة روحها. وتبقى هذه المؤتمرات أداة تعريف وتطوير ودراسة وبحث، وعن طريقها تقوى سبل الاتصال بين المؤسسات العلمية والأكاديمية والجامعية وتنظم سبل التعاون الإيجابي فيما بينها، فتتعزز المتابعة العلمية، وعن طريقها تُقوَّم النتائج فتتصحح مسار الأبحاث لتصل إلى أهداف صحيحة.