اليوم تبكي أُمة.. ويبكي شعب.. اليوم يبكي كل رجل وكل شيخ وكل امرأة وكل طفل.. اليوم.. تحولت كل وسائل التواصل الاجتماعي لسيل من الدعوات للمليك الراحل.. لفقيد وطن... الشعب كله يتلقى التعازي في وفاة ملك صالح لم يترجل يوماً عن مواجهة الصعاب، ولم يترجل يوماً عن مواجهة المواقف التي كانت محكاً صعباً ومنعطفاَ سياسياَ لكثير من حكام ورؤساء العرب، قائد جبل على القيادة، حكيم العصر ورجل المواقف الدولية المشرفة، قائد لا يلين جانبه للظلم فتح قلبه لشعبه فكان الوالد والأخ، زعيم تمرّس الزعامة وتشرّب حب الريادة بالفطرة لا بالاكتساب، ملك قلوب شعبه بعفويته وتلقائيته التي زادت من محبة الشعب له وجعلته أقرب لهم من عروقهم.. نعم إنه حدث جلل ومصاب كبير يهتز له العالم بأسره، ففقيد الأمة كانت له مواقف سيحفظها التاريخ في ذاكرته وستدرسها الأجيال القادمة، مواقف سجلت له منذ توليه الحكم فسياسة خادم الحرمين الشريفين تُعد منهجاً في الحكم ولسياسة الدولة المرنة التي لا تهادن ولا تحارب ولا تحابي ولا تتنازل.. سياسة حفظت للوطن هيبته وجنابه، وجعلت المملكة العربية السعودية دولة ذات ثقل سياسي يحسب لها ألف حساب، وعلى سبيل المثال لا الحصر - موقفه العربي في المصالحة بين فتح وحماس تؤكد أن الوحدة العربية هاجسه الذي ينبئ عن وعيه وإدراكه التام لما في المصالحة العربية العربية من دور في تحقيق السلام في المنطقة العربية. - موقفه الصارم وحربه ضد الإرهاب وإدانته له، ومحاربته لما للإرهاب من خطر على مفهوم الإسلام والسلام اللذين لا ينفصلان عن بعضهما. - موقفه من محاولة تقسيم أبناء الوطن ومحاربة التطرف الديني والتمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم. - إطلاقه للمبادرات الوطنية والدولية التي تدعو للحوار الوطني وحوار الأديان وحرصه على المواطن السعودي والسعي حثيثاً لتحقيق الرفاهية والأمن للوطن و المواطن. - موقفه العربي والقومي المشرف في محاولة تحقيق المصالحة الوطنية في اليمن الشقيق. - موقفة العربي المشرف في قضية الشعب السوري وتصدره لكل ما يهم الشعوب العربية والإسلامية. - موقفه المشرف مع الشعب المصري الشقيق ومحاربته للتطرف بأشكاله وإعلانه الذي حدد موقف المملكة العربية السعودية الذي نص على اعتبار جماعات الإخوان وداعش وجبهة والنصرة من الجماعات المحظورة، لما قامت به هذه الجماعات من عمليات إرهابيه لا تمت للإسلام بصلة. - تبنيه الدائم والمستمر للقضية الفلسطينية في كل محفل دولي وعربي قولاً وفعلاً. - سياسة الإصلاح الداخلي التي انتهجها رحمه الله من استحداث هيئات ومؤسسات لمكافحة الفساد. - إطلاقه لموقع الديوان الملكي تواصل والذي اختصر على المواطن إيصال صوته ومظلمته. - دعمه للمرأة السعودية اللا محدود من خلال إنفاذ قرار إدخال المرأة للمجالس البلدية ومجلس الشورى. - حرصه على تطوير التعليم لإدراكه التام بأن التعليم هو لبنة الأساس لهيكل دولة عظيمة. بهذه النبذة المختصرة عن تاريخ ملك، علينا أن نقر ونسلِّم بأن المليك الراحل غيّر الكثير من ملامح هذا الوطن.. فهذه السياسة الخاصة به وضّحت هوية هذا الوطن وهوية شعبه وتوجهاته تجاه دول العالم ودول الجوار. لذا فهذا الملك الراحل ستطل إنجازاته حاضرة، فقد وضع حجر الأساس لكثير من المشاريع التنموية البشرية والمادية والمعنوية. رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وأسكنه فسيح جناته، فأكف الضراعة ما فتأت تدعو له بالرحمة والمغفرة منذ سماع نبأ رحيله.