هنيئًا لنا بمليكنا وقائد مسيرتنا المباركة، بل وقائد الأمتين العربية والإسلامية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي عهدنا منه مصداقية الرأي وشجاعته مرارًا خلال أحداث تاريخية كثيرة مرّت؛ عربية أو خليجية أو إقليمية، فضلاً عن سياسته المتزنة التي تتسم بمنتهى الحكمة والنضج السياسي وقول الحق، تجاه المواقف والصراعات التي تعصف بالأمة العربية والإسلامية. إن خادم الحرمين الشريفين وقد توجّه بكلمته المفصلية إلى مصر والعالم في الظروف الحالية التي تواجهها أرض الكنانة، إنما يتوجّه بصدق نواياه وحبّه للسلام والإخاء، ونبذ العنف والتطرف والصراعات التي لا تخدم البشرية. وفي هذه اللحظة التاريخية والعصيبة، التي تواجه فيها مصر مخططًا إرهابيًّا متطرفًا شرسًا مدفوعًا بتدخلات خارجية، تؤكد كلمته -حفظه الله- دعم المملكة شعبًا وقيادةً وحكومةً وتمثل منعطفًا سعوديًّا تاريخيًّا أصيلاً في مواجهة المؤامرة لزعزعة استقرار وأمن مصر، وتؤكد ريادة المملكة في دعم الأشقاء العرب، خاصة مصر بتاريخها الكبير وشعبها العريق، وهي كلمة أثلجت صدور المصريين والعرب والمسلمين، وتُعدُّ وقوفًا تاريخيًّا معهم ضد مخططات إرهابية ودولية، تحاول استنزافهم والإيقاع بهم في مستنقع الفتنة. كلمة تنطلق من ثوابت المملكة في تعاملاتها مع القضايا، واحترامها سياسة الدول الداخلية، وما يحدث في مصر وعدد من الدول العربية يُؤلم كل مسلم حريص على وحدة الأمتين الإسلامية والعربية، وهذا ما نجده يحرص عليه مليكنا في مواقفه الثابتة والشجاعة التي تتسم بالعقلانية والحكمة حيال ما يحدث، حيث يتضح في كلماته مدى حرصه على أن يعم الأمن والسلام كافة دول العالم، وأن يحل الرخاء والازدهار بدلاً من العنف والدمار والإرهاب، وهنا نجده -رعاه الله- يتوجّه إلى الشعب المصري ووسائل الإعلام والمفكرين وكل من يهتم بترسيخ السلم والسلام أن يساعدوا مصر أن يعم في أرجائها الحب والسلام والرخاء، ويحذر -حفظه الله- من التدخل في الشأن المصري الداخلي. كلمة تؤكد أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز رجل حكمة ومواقف، يعرفه العرب والمسلمون، بل ويعرفه العالم أجمع في الأوقات العصيبة، وهو يمتلك سجلاً حافلاً بالإنجازات والمواقف النبيلة التى تظهر وقت الأزمات، خاصة وأن العلاقة بين المملكة ومصر علاقة أخوية أزلية، وهي علاقة قوية ومتينة، وتزداد رسوخًا وتألقًا وتقدمًا يومًا بعد يوم، مؤكدًا أن مصر تعول على المملكة كثيرًا في مواصلة الدعمين السياسي والاقتصادي حتى تستطيع مصر الخروج من الأزمة الراهنة. موقف تاريخي للسعودية ليس غريبًا، وهو يجيء ردًّا على مواقف غربية، استباحت لنفسها التدخل في الشؤون الداخلية لمصر وتحاول اختطافها لصالح جماعات إرهابية، وفي توقيتٍ حاسم يمثل رسالة قوية، وغطاءً إقليميًّا مهمًّا للحكومة في مصر في مواجهة الفوضى والتطرف والإرهاب، وأن هناك من العرب من يستطيع الوقوف في وجه الضغوط الدخيلة شرقية كانت أم غربية، ومؤكدًا على أن المملكة تحرص دائمًا على نهضة وتقدم مصر. هذا الموقف ترك تأثيرًا قويًّا إيجابيًّا على الرأي العام الدولي، وأن رسالة خادم الحرمين جعلت العالم أمام اختبار حقيقي لمنع تقسيم المنطقة كما ترغب بعض القوى العالمية، فالمملكة حكومة وشعبًا دائمًا تساند مصر في الأوقات الصعبة، وهي من أولى الدول العربية التي وقفت بجانب ثورة المصريين في 30 يونيو، ممّا يعكس ذلك حرصها على مواجهة الإرهاب وأعمال العنف والتطرف التي تقوم بها الجماعات الإرهابية. وأيضًا سوف يربك حسابات البعض الذي يقف -مع الأسف- ضد شرعية النظام الجديد بمصر، لما تحظى به المملكة من مكانة دولية وإقليمية وتأثير كبير في المنطقة. وأيضًا يؤكد هذا الموقف أن المملكة تقف دائمًا مع إرادة الشعب المصري بما يحقق تطلعاته نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهي خطوة تتعدّى إطارها السياسي إلى أطر اقتصادية واجتماعية، فمصر والمملكة شعبان كانا على قلب رجل واحد فى مواجهة مواقف مصيرية كثيرة. ولا شك أن ما عبَّر عنه الملك عبدالله يجسد قراءة واقعية لما تتعرض له مصر من مؤامرات على سيادتها واستقلالها الوطني، وإرادة شعبها في الخلاص من الإرهاب ورفض التدخلات الأجنبية. إن كلمة خادم الحرمين الشريفين تؤكد إدراكه وحكمته المعهودة لطبيعة الدور المصري فى هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر، وأن موقفه من تطورات الأحداث في مصر موقف نبيل، ودعوة للدول العربية لدعم مصر في الظروف الراهنة التي تمر بها، ولمجلس التعاون الخليجي لبحث الأوضاع في مصر وتبنّيه خطوات رامية بتقديم العون لمصر واستعادة استقرارها وأمنها وخيارات شعبها. ومن ذلك أمره -حفظه الله- فورًا بإرسال ثلاثة مستشفيات ميدانية بكامل أطقمها الطبية لمساعدة الشعب المصري الشقيق في تضميد جراحه. حقًّا هنيئًا للأمة العربية بقائدها الفذ خادم الحرمين الشريفين الحريص دومًا على وحدتها، والمهتم أبدًا بسلامها وأمنها واستقرارها. [email protected]