عندما يُقصّر الأبناء في أداء واجباتهم على الصعيد الديني والاجتماعي والتحصيل العلمي, يمر في ثنايا حديث الآباء تلك المقارنات بين جيلهم وجيل أبنائهم, حيث يغلب على حديثهم الفخر والاعتزاز بذلك الزمن الجميل. هذه الفجوة الفكرية موجودة في كل عصر وكل زمان, بل هي متوقعة, وذلك لعدة أسباب: - الحكمة, تزيد كلما كُبر الإنسان. - دنو الأجل, تهون الدنيا على الكبير لكثرة الأمراض وضعف الجسم. - الفخر, يفخر الإنسان بنفسه كثيراً وبماضيه, فيظن أن ما سواه لم يعمل شيئاً يستحق التقدير. - التعميم, يكثر عند البسطاء, فكلما رأى أحدهم ما يسوؤه أطلق ألفاظاً عامة مثل: شف جيل النيدو! والأمر كان يُمثل فقط من قام به. الآباء يخشون دائماً من المستقبل وكيف سيكون, خصوصاً في مسألة تربية الأبناء والتكيف مع متغيرات وتحديات المستقبل, فهم يبحثون عن سبر أغوار هذا الهاجس قدر المستطاع. وبالرغم من جهودهم فإن التغيير أمرٌ لازم, ويؤكد ذلك القول المأثور: (خاطبوا أولادكم على قدر عقولهم، فإنهم ولدوا لزمان غير زمانكم). هذه الوصية لك أنت أيها الابن والأب في ذات الوقت, ولكِ أنتِ أيتها الابنة والأم في ذات الوقت. وجد عُلماء آثار في بعض الأحافير وصية مجهول لآخر, ذكرَ فيها أهمية الصدق والعدل وبأن الناس قد اختلفوا وأصبح الفرد منعزلاً لا يزور قريباً ولا يُضيِّف غريباً, ووصاه بأن يتحلى بالأخلاق الفاضلة!. إذا كانت هذه الرسالة قد كُتبت منذ آلاف السنين, فكيف بنا نقسو على أنفسنا وعلى أبنائنا وكأنهم لا يستحقون العيش؟ بلغ عدد المسلمين اليوم ملياراً ونصف المليار نسمة, وهذا بحد ذاته إنجاز لكل من قد عاش وكل من هو يدين الله بهذا الدين العظيم, فلمَ لا يتم الاستغناء عن الجدل والتقزيم بالنظر إلى المنجزات العظيمة التي فعلها أبطال التاريخ الإسلامي ولا يزالون. «عاملوا أولادكم بحب, أنتم تعرفون أنكم تحبونهم, ولكن تأكدوا أنهم يعرفون ذلك أيضاً». توماس مونسون.