هذه قصة تبيّن لنا عادات البادية إذا احتاج بعضهم الورد على موارد الآخرين حسب المرعى، فإنَّ أصحاب المورد وإن كانوا أعداء لهم من قبل يرحبون بهم ويقدمونهم على أنفسهم وماشيتهم لأنهم ربما احتاجوا إلى موارد غيرهم. وهذا سمير بن فرحان سيحاني من الروقة حداهم الوقت على ديار مطير ونزل على صالح بن هدباء من الهدابين، قوم الشيخ ابن سقيان على الماء المعروف بالدجاني وهو قليل الماء، فلما سمع صالح من بعض قومه أنهم سيشاركون العتيبي في الماء ولحرصه على جاره، تقدم بسلاحه للبئر يرصدها بسلاحه عن قومه وحين رآه سمير شك أنه يرصدها عنه، حيث إنه لم يكن من العادة رصد البئر فقال بنفس الوقت هذه الأبيات: لقيت جاري حارس جمة البيرْ لا وا هلاكي كان جاري حداني تجملوا بي يا الوجيه المسافير حنا حدانا الوقت من ها الزمان لابد ما نقفي ونذكرك بالخير كل ذكر ما شاف سرّ وعلان نرعى لقطعانٍ تقز المقاهير ترعى مشاهيها بليا عواني (1) من النجج لا بُدَّ نشمخ على النير على النظا ومكاظمات العنان فسمعه صالح وأجابه بقوله: يا سمير ماني حارسٍ جمة البير ذي مقعدي يا سمير من ها الزمان ابشر بدراج وزين النواعير انا انفهق وانت تصير بمكاني ثم ابتهج ولها على الله تعابير لا تشتحن يا سمير فوق الدجاني عاداتنا نسقي ركاب الخطاطير لا ترَّك الماجوب خطو الهداني ترى الخوي والجار نعطيه تقدير يقدم على عرباننا ما يهان ولابد من يوم افتراق المظاهير متفرقين بين قاصي وداني ما همني يا سمير زين الغنادير ما ولعني جاليات الثمان انا هواي مرافقي للمناعير وكسب الجمالة مع طوال الايمان وعاداتنا يا سمير نطح الطوابير من فوق سِرْدٍ كاظمات العنان انشد وتخبرك العواريف بمطير في اللي مضى واليوم شوف العيان ** ** ** * من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية تأليف منديل الفهيد. (1) تقز: الأصل تقزى.. المقاهير: صغار الإبل