يبدو أن الغموض الذي سيطر على المشهد السياسي خلال الأيام القليلة الماضية أخذ طرقه نحو الزوال بعد أن قرر الرئيس الحالي المنصف المرزوقي المترشح للانتخابات الرئاسية عزمه التراجع عن طعونه بشأن نتائج الدورة الأولى للرئاسة التي كان قدمها الى المحكمة الإدارية الجمعة، وأفضت الى إمكانية تأجيل تنظيم الدورة الثانية إلى الشهر القادم. فقد أعلم الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة المشاركين في الحوار الوطني، ان المرزوقي أبدى استعدادا لسحب طعونه الثمانية التي كان تقدم بها مؤخرا، بعد مناقشات دارت بينهما بتكليف من الرباعي الراعي للحوار، كما وافق المرزوقي على قرار الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني بترحيل مسألة تكليف الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس الفائزة في التشريعية بتشكيل الحكومة، الى رئيس الدولة الجديد الذي سينتخبه الشعب قريبا... وذلك بعد أن كان المرزوقي بعث برسالة التكليف الى السبسي وأمهله أسبوعا انقضى بحلول يوم الجمعة الفارط، مما أربك المشهد السياسي وأدخل الكثير من التوتر على علاقات رئاسة الدولة بكافة الأحزاب السياسية وعلى رأسها النداء. وبات من الواضح اليوم أن المفاوضات الجارية بين حركة نداء تونس وحركة النهضة تسير على خط مستقيم بعد أن توفقت النهضة الى حل الأزمة الخانقة التي خلفتها رسالة التكليف للمرزوقي وبعد تراجعه عن الطعون التي كانت ستؤجل موعد إجراء الدورة الثانية للرئاسية، إلا أن بعض المتتبعين للمسار الانتخابي يشككون في ان تثمر هذه المشاورات عن دخول النهضة إلى الحكومة الجديدة على خلفية المعارضة الشرسة التي تلقتها الحركة من القيادات الندائية التي تعتقد ان مواقف المرزوقي الأخيرة ليست سوى مناورات سياسية من النهضة بقصد الضغط على السبسي لتشريكها في الفريق الحكومي الذي ينوي تشكيله قريبا. ويعقد البرلمان الجديد جلسته الافتتاحية يوم غدٍ الثلاثاء فيما قالت مصادر مطلعة إنه من المستبعد أن تمنح حركة نداء تونس منصب رئيس البرلمان إلى أحد قادة النهضة لما لهذا المنصب من ثقل ومكانة على مستوى التشريعات التي سيصدرها البرلمان لاحقا.. ويرى مراقبون أن قبول حركة نداء تونس بتسليم رئاسة البرلمان لحركة النهضة سيضعف حظوظ الباجي قائد السبسي للوصول إلى كرسي الرئاسة بقصر قرطاج بعد أن يدفع بأنصاره للانفضاض من حوله ما يدعم حظوظ منافسه المنصف المرزوقي.. وفي المسار الانتخابي وبعد ان أكد شفيق صرصار انه بالإمكان اليوم الحديث عن تنظيم الدورة الثانية للرئاسية يوم 14 ديسمبر المقبل، تعالت أصوات من هنا وهناك تطالب أنصار المترشحين، السبسي والمرزوقي، الى انتهاج سياسة التهدئة بعد الاضطرابات الشعبية الخطيرة التي خلفتها خطابات الرجلين على أهالي الجنوب التونسي.