فتحت الهيئة المستقلة للانتخابات باب الطعون في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد وفاز فيها الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس بنتيجة 39 بالمائة فاصل 46 يليه المنصف المرزوقي الرئيس الحالي وزعيم حزب المؤتمر بنسبة 33 فاصل 43 بالمائة، فيما تجاوزت نسبة إقبال التونسيين على مراكز الاقتراع 64 بالمائة وهي نسبة جعلت الهيئة تتنفس الصعداء خاصة بعد أن كان النصف الأول من يوم الاقتراع متميزاً بغياب الناخبين وعلى رأسهم الشباب. وصدرت تحاليل الخبراء السياسيين لتؤكد أن أنصار النهضة هم الذين أوصلوا المرزوقي إلى هذه النتيجة التي استقبلها الرئيس الحالي بالكثير من التهليل لأنها تؤكد أنه غير بعيد عن تجديد العهد مع قصر قرطاج، وخصوصاً أن التقديرات الأولية كانت كلها تشير إلى وجود فارق كبير بينه وبين غريمه السبسي. وحال إعلان النتائج الأولية التي كانت مغايرة للنتائج التقديرية التي نشرتها مساء الأحد مؤسسات سبر الآراء، سارع الفائزان بالمرتبتين الأولى والثانية إلى الظهور في وسائل الإعلام لمواصلة مسلسل تبادل التهم والرمي بالنعوت السيئة التي ميزت حملتيهما الإنتخابية طيلة ثلاثة أسابيع كاملة... فقد قال السبسي إنّ الذين صوّتوا للمنصف المرزوقي هم من الإسلاميين والسلفيين الجهاديين، بينما قال المرزوقي أنّ فوز السبسي في الرئاسية سيدخل البلاد في مرحلة رهيبة من عدم الاستقرار، معتبراً أن السبسي ليس رجل ديمقراطية... وكانت هذه التصريحات منطلقاً لحوارات تلفزية وإذاعية متشنجة لقياديي الحزبين الذين تراشقا على المباشر «بما لذ وطاب» من السباب والشتائم التي لا تمت بصلة إلى العمل السياسي وتسيء إلى روح الديمقراطية التي ينشدها التونسيون.. كما أن من شأنها تعميق الهوة بين الشباب التونسي والنخبة السياسية. وأمام ما تعيشه الساحة السياسية من تكهنات وفرضيات بخصوص إمكانيات تحالف بعض القوى الفاشلة في الرئاسية والتي حصدت نسباً مقبولة ومفاجئة في الدور الأول، مع أحد المترشحين، لمح رجل الأعمال سليم الرياحي رئيس الاتحاد الوطني الحر إلى إمكانية دعم حزبه لترشح السبسي، كما يميل أغلب اليساريين من المنتمين للجبهة الشعبية التي فاز مرشحها حمة الهمامي بالمرتبة الثالثة (بنسبة 7 فاصل 82 من جملة الأصوات المصرح بها) إلى مساندة مرشح نداء تونس لعدة اعتبارات مصلحية بالأساس. فالنداء الذي يضم بين دفتيه عدداً غير قليل من اليساريين بإمكانه أن يخطو خطواته الأولى في عالم السلطة إذا ما عرف الهمامي كيف يقايض دعمه للسبسي مقابل حقائب وزارية لحزبه الذي نجح أيضاً في امتلاك مقاعد في البرلمان الجديد. وهو توجه منتظر على الرغم من إرجاء الجبهة الشعبية الإعلان عن موقفها النهائي بالنظر إلى معاداة الجبهة لكل ما يمت بصلة إلى حركة النهضة التي يمثلها بالوكالة، حسب تقديرها، المرزوقي في السباق الرئاسي. في جانب آخر من المشهد السياسي وفيما يتعلق بتطورات الأزمة التي خلفتها دعوة المرزوقي الرئيس الحالي للدولة إلى السبسي باعتباره رئيس الحزب الفائز في التشريعية بتشكيل الحكومة الجديدة، وعلى غثر تمسك الحوار الوطني بوجوب ترحيل هذه الدعوة إلى الرئيس المنتخب قريبا، وبعد التقاء الرباعي الراعي للحوار ببالمرزوقي الذي ابدى استعدادا للتراجع عما طلبه من السبسي، حمل الرباعي شروط المرزوقي إلى زعيم حركة نداء تونس في انتظار الإعلان عن قبوله او رفضه لهذه الشروط التي لم يصدر بشأنها أي توضيح رسمي. ورغم ما أعلنت عنه قيادات المنظمات الوطنية من استبشار بتراجع المرزوقي عن قرار التصعيد والتمسك برسالة التكليف التي بعث بها للسبسي، إلا أنه لم يصدر إلى حد اللحظة أي موقف رسمي عن رئاسة الجمهورية يؤكد الأمر او يدحضه.