أحببت في هذا المقال أن أخاطب العقل الشبابي. فمثل هذه الذكرى العزيزة على الجميع لا يجب أن تمر دون التذكير ببعض الأمور. أيها الشاب: بعد التحية والتقدير لك، هل من الممكن أن تستقطع من وقتك 5 دقائق، وتختلي بنفسك لتنظر لجغرافية المنطقة من حولك وما يعتريها من أحداث مؤلمة، أو تشاهد النشرات الإخبارية اليومية في القنوات التلفزيونية وتغطيتها للأحداث في محيط بلدك؟ هل ذهبت لأقرب بقالة في حارتكم لتعرف ما فيها من خيرات جلبت من شتى بقاع الأرض {....يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ..}؟ هل فكرت بالأمن الذي تعيشه ويعيشه أهلك؟ هل تلاحظ ما يعيشه بلدك من نهضة عمرانية وبنية تحتية جبارة وتطور يسابق الزمن وتنمية بشرية في كل المجالات؟ كل هذا ومن حولك يعيش في شظف العيش وفقد الأمن بالرغم من أن ما لديهم من الثروات والإمكانيات لو قيض الله لهم قيادة صالحة لعاشوا مثلك أو أفضل، هل من متعظ؟! أيها الشاب.. غالبكم اليوم هم مواليد بعد عام 1400ه، وبنسبة تتجاوز 60 % من عدد سكان المملكة اليوم، وقد قطفتم ثمرة الطفرة النفطية الأولى دون معرفة أو اطلاع كافٍ على الفترة التي سبقت تلك الطفرة، إلا من خلال كبار السن أو وسائل الإعلام بشكل مقتضب. ففي تلك الطفرة وُفرت عوائد ضخمة، ومُكنت المملكة من وضع خطط تنموية طويلة المدى، وتم إنجاز أكبر مشاريع البنى التحتية والتأسيسية المهمة التي ساهمت في رفع المستوى المعيشي لمواطنيها، وحققت رفاهية المواطن والمقيم، ونقلت المواطن إلى حياة التحضر. أيها الشاب.. في وقتنا الحاضر أنت تعايش الانفتاح الإعلامي والتواصل الاجتماعي المذهل والتطور المتقدم في الاتصالات وتقنية المعلومات، فمثلاً في شبكات التواصل الاجتماعي تجد من يحاول أن يعبث بأمنكم ورفاهكم بحجج واهية، لا تصدر عن مواطن عاقل، فهل يعقل أن تجد في تلك الشبكات ممن يتعاطف مع دول أخرى، ويلمز بوطنكم وبسياسته، ويعتبر نفسه مواطناً صالحاً يخدم بلده؟ وهل يعقل أن رجلاً أو شاباً وطنياً صالحاً يريد أن يعيد عجلة التاريخ لمرحلة الجهل والفقر وعدم الأمان التي عاشتها هذه البلاد قبل توحيدها؟ وهل وهل... أسئلة كثيرة دارت بخلدي، تجعل العاقل حيران. أيها الشاب.. دولتكم حريصة عليكم وعلى مستقبلكم بمنهجية إصلاح مدروسة، تطور الإنسان السعودي، وتحصنه من المؤثرات السلبية التي لا شك أن تبنيها ينعكس سلباً على أمنكم وعيشكم وتنميتكم منذ تأسيس هذا الكيان (المملكة العربية السعودية)، وما الاستراتيجية الوطنية للشباب التي أقرها مجلس الشورى في وقت سابق، والتي ينتظر اعتمادها من الجهات العليا قريباً، إلا خير دليل على ذلك. هذه الاستراتيجية تضمنت عدداً من الفصول والمحاور الرئيسية التي تشمل مجموعة من القضايا ذات العلاقة بالشباب في المملكة. ومن هذه المحاور محور المواطنة الصالحة والمشاركة المجتمعية الذي ركز على قضية الحفاظ على الهوية الدينية والوطنية وترسيخها من خلال تحقيق الانتماء للوطن، وتأصيل مفاهيم الوطنية والمواطنة في نفوسكم، والبعد عن الغلو والتطرف.. هذه الاستراتيجية هي جزء من خطة طويلة المدى، بدأت منذ تأسيس هذا الكيان، وتهدف لتشجيعكم على المشاركة المجتمعية وتنمية قدراتكم وإمكاناتكم وإكسابكم الخبرات المهمة في حياتكم؛ لتساهموا بفاعلية في تنمية وطنكم، وتحقق العيش الرغيد لكم. أيها الشاب.. إن هذه الذكرى هي تذكير للعاقل، في ظل تجاذبات مذهبية وفكرية وغلو وإرهاب وتخلخل في أمن وعيشة دول من حولنا، كانت تعيش رغد العيش والأمن، بما تعيشه مملكتكم من خير ورفاهية وأمن واستقرار وتقدم وتطبيق للشريعة السمحة الوسطية بعد أن كانت تعيش البلاد في انعدام الأمن، وتشتت وفقر وجهل في أرجائها. فالحمد لله، والشكر له أن قيض الله لكم مؤسس وموحد هذا الكيان المعطاء الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ومن بعده أبناؤه الأوفياء، وحقق لكم ما يتمناه غالب شباب المعمورة، ولنتذكر سوياً أن الأمم لا تبنى إلا بسواعد أبنائها المخلصين والحفاظ على مكتسباتها. نسأل الله أن يديم علينا خيره وأمنه في ظل قيادتنا الرشيدة، إنه سميع مجيب.