بسبب سياسة الطاقة الرخيصة في المملكة منذ سنوات طويلة والتي استفاد منها شريحة كبيرة من المواطنين و المقيمين و الكيانات التجارية من مؤسسات و شركات سعودية و أجنبية، ظهرت لدينا بعض السلبيات الخطيرة و المتمثلة بتهريب الطاقة إلى الخارج (بسبب الفروقات السعرية مع دول الجوار) إلى جانب إنشاء مشاريع تجارية تعتمد في الأساس على استنزاف الطاقة، و كانت محصلة كل ذلك زيادة غير طبيعية في الاستهلاك المحلي بمعدلات نمو سنوي تفوق معدلات النمو الاقتصادي و لو استمر الوضع على ما هو عليه فإننا حتماً لن نجد ما سنصدره من طاقة بعد أقل من 20 عاما فقط!! هذا يدل على أننا بحاجة ماسة إلى رفع أسعار الطاقة محلياً وأعتقد أن هذا سيحدث إن عاجلاً أم آجلاً، إلا أن رفع أسعار الطاقة يستلزم أولاً وجود بدائل لوسائل النقل داخل المملكة (و هذا ما نفتقده حالياً و تعمل عليه الحكومة) كما أن رفع الأسعار ستكون له انعكاسات سلبية على معدلات التضخم و لذلك يكون الحل دائماً هو ضرورة رفع رواتب موظفي الدولة بنسب تفوق نسب نمو أسعار الطاقة لتعويض المواطنين من الضرر المتوقع عليهم نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة، بينما من المتوقع أن يجد القطاع الخاص نفسه مضطراً لرفع رواتب موظفيه أيضاً في وضع مشابه تماماً لما حصل قبل ثلاث سنوات تقريباً. هنا يجب أن نضع في الاعتبار أن رفع رواتب موظفي الدولة سيثقل عبء الميزانية العامة بسبب اعتمادها الكبير على الإيرادات النفطية كما يعلم الجميع، ولذلك يكون الحل بإيجاد مصادر إضافية و مستدامة للإيرادات الحكومية ومن أهم هذه المصادر على الإطلاق هو فرض الرسوم (أو الغرامات) على الأراضي البيضاء في المملكة والذي من المتوقع في حال تطبيقه بالشكل الصحيح (أكرر بالشكل الصحيح) فإنه سيضخ أموالاً ضخمة لخزينة الدولة كل عام، تكفيها لتحمل أي أعباء مالية جديدة، كما أنه سيقلل من اعتمادها التاريخي على النفط كمصدر رئيسي للدخل و هو ما عجزت عن تحقيقه جميع الموازنات الخمسية منذ إطلاقها عام 1390ه. الأهم أن فرض الرسوم أو الغرامات على الأراضي البيضاء سيؤدي حتماً إلى خفض كبير في أسعار العقارات و هذا بدوره سيؤدي إلى خفض كبير لمعدلات التضخم، و تكون النتيجة النهائية استفادة مباشرة للمواطنين إلى جانب إيجاد حل لمشكلة اقتصادية معقدة تشكل إحدى أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة حالياً أو مستقبلاً و المتمثلة بمشكلة «الإسكان» آخذين في الحسبان أن تخفيض أسعار العقارات سينشط هذا القطاع الحيوي و هذا بدوره سيوجد فرص عمل كبيرة للشباب السعودي قد تساهم هي الأخرى في حل جزء من مشكلة اقتصادية لا تقل أهمية عن الإسكان و المتمثلة بمشكلة «البطالة» و الله أعلم.