المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «المرأة السعودية».. كفاءة في العمل ومناصب قيادية عليا    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    فعل لا رد فعل    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    رسالة إنسانية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التضخم..المفاهيم والأسباب والمكافحة
نشر في الرياض يوم 17 - 01 - 2008

يواصل صالح السلطان المتخصص في الاقتصاد الكلي طرحه حول التضخم.. المفاهيم والأسباب والمكافحة ويلقي السلطان الضوء على مسببات التضخم والعلاقة بين البطالة والأجور.. إلى التفاصيل.
الصرف (الاسمية) يعطي بعض الفائدة (11) ومن جهة أخرى، لا توجد جهة حكومية أو خاصة تنشر بيانات عن تكلفة الوحدة من العمل.
@ هذا الانخفاض (في قيمة الدولار) يمثل نفس انخفاض قيمة الريال تجاه تلك العملات، نظرا لثبوت سعر صرف الريال بالدولار خلال هذه الفترة.
المصدر: صندوق النقد الدولي وبنك كندا (بنك كندا المركزي)
المصدر: تقرير سامبا " التضخم في السعودية" 27مارس 2007، وبيانات مصلحة الجمارك.
تبعا لانخفاض قيمة الريال إزاء عملات أهم الدول المصدرة للمملكة (خلاف أمريكا)، ارتفعت أسعار الواردات من تلك الدول. الكلام نفسه ينطبق على عملات بقية دول مجلس التعاون الخليجي، نظرا لتثبيت سعرها إزاء الدولار. القسم التالي يستعرض باقتضاب التضخم في دول المجلس الأخرى.
إطار: (6) العلاقة بين البطالة والأجور: منحنى فيلبس
بعد دراسة متمعنة لبيانات قرن حول البطالة والأجور النقدية في بريطانيا، اكتشف عالم الاقتصاد فيلبس أن هناك علاقة عكسية بين البطالة والتغير في الأجور النقدية، تجنح الأجور إلى الارتفاع حين تكون البطالة منخفضة، والعكس بالعكس.
مع ازدياد البطالة تقل ضغوط العاملين للحصول على زيادات أجرية، كما أن ارتفاع البطالة يعني ضعف الطلب على السلع، وضعف الطلب مؤشر على ضعف النمو الاقتصادي، وهذا بدوره يعني أن الأرباح متدنية، لا تغري بزيادة الأجور.
منحنى فيلبس يوضح شيئا من حساب التضخم. لتسهيل الفهم، افترض أن إنتاجية العاملين تزيد بنسبة 2% سنويا، وأن مستحقاتهم تزيد بنسبة 5% سنويا، وأن أسعار المنتجات تتناسب مع معدل تكاليف اليد العاملة. ماذا يعني ذلك؟ على صاحب العمل رفع أسعار منتجاته بنسبة 3% سنويا للمحافظة على معدل الأرباح نفسه. ماذا لو حدث في سنة من السنوات أن ارتفعت تكاليف اليد العاملة بنسبة 15%؟ سيرفع صاحب العمل أسعار منتجاته بالنسبة نفسها إذا رغب في المحافظة على معدل الأرباح نفسه. طبعا الواقع أعقد من هذا المثال الافتراضي الذي قصد منه تسهيل الفهم.
بينت دراسات قياسية كثيرة أن منحنى فيلبس ينطبق على المدى القصير (سنوات قليلة مثلاً)، وليس على الأمد البعيد، ووجد أن هناك معدل بطالة مستقراً ينسجم مع معدل تضخم ثابت. معدل البطالة هذا يسمى "معدل البطالة الطبيعي"، ومعه يكون منحنى فيلبس عمودياً.
بصفة عامة، يفيد المنحنى في تحليل التحركات قصيرة المدى في البطالة والتضخم، وأبسط تصوير لهذه التحركات يبينها الشكل (5).
شكل (5) منحنى فيلبس بصورته المبسطة
التضخم في دول مجلس التعاون الأخرى
سبق القول أن موجة التضخم الحالية أصابت أيضا دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. لكن دول مجلس التعاون الخليجي تتفاوت في معدلات التضخم، ومن جهة أخرى، ليست هناك أرقام موحدة نهائية لبعض دول مجلس التعاون، إذ هناك اختلافات، وإن كانت ليست كبيرة، في أرقام معدلات التضخم التي تعلنها جهات حكومية داخل الدولة الواحدة. وفي تقرير له، يرى صندوق النقد الدولي أن هناك عيوبا منهجية في طريقة جمع وإخراج الأرقام القياسية في دولة الإمارات. وأتوقع أن الدول الأخرى تعاني من عيوب مشابهة. وإجمالا، يدور التضخم الذي تعلنه جهات رسمية عن عام 2006حول المعدلات التالية، مع وجود زيادة أو نقص في حدود 15%: عمان 3.4%، الإمارات 10%، البحرين 3.3%، قطر 11.9%، الكويت 3.8%.
تلك المعدلات أعلى من المعدل في السعودية (2.2%). وكما تشير الأرقام، الفروقات بين المعدلات في السعودية وكل من البحرين وعمان والكويت ليست عالية بشكل ملحوظ. وكونها كذلك أمراً متوقعاً نظراً لأن مصادر التضخم في المملكة موجودة في تلك الدول بصورة مشابهة. على سبيل المثال، كل هذه الدول تتبنى نظام سعر صرف ثابت تجاه الدولار، كما هو مبين في الجدول 10.وبصفة عامة، ما سبق قوله عن المملكة في تفسير موجة التضخم الحالية يمكن تعميمه على بقية دول المجلس، نظرا للتشابه في الظروف الاقتصادية.
ورغم هذا التشابه، إلا أن هناك فروقات. وتزداد هذه الفروقات حدة في حالتي الإمارات وقطر، اللتين شهدتا معدلات تضخم أعلى مما شهدته السعودية بصورة ملحوظة. أهم هذه الفروقات:
@ حققت هاتان الدولتان أعلى نمو اقتصادي بين دول المجلس، كما تشهدان مشروعات تنموية طموحة جدا، وذات تأثير عميق على الأوضاع الاقتصادية في هاتين الدوليتين، وهي المشروعات الأكبر نسبيا في المنطقة، مأخوذا بعين الاعتبار مساحة وسكان وحجم اقتصاديهما، مقارنة بالمملكة على سبيل الخصوص.
@ معدل نمو السكان في هاتين الدولتين أعلى من المعدل في المملكة من مرتين إلى ثلاث مرات، نظرا لأن القيود على استقدام الأجانب أقل مما هو موجود في المملكة، والسبب الأول هو أن اعتمادهما على الأجانب أكثر من اعتماد المملكة بكثير، وارتفاع النمو السكاني ينعكس إيجابا على الإيجارات.
@ نسبة نمو العرض النقدي في هاتين الدولتين أعلى من المملكة. على سبيل المثال، نما العرض النقدي (M3) في دولة الإمارات بين عامي 2004و 2006بنسبة 55%، بينما نما في المملكة بنسبة 33% للفترة نفسها.
@ صغر مساحة هاتين الدولتين كثيرا مقارنة بالمملكة خاصة، مما يجعل غلاء الأسعار، وخاصة الإيجارات، في جزء من الدولة ينعكس على باقي الدولة بدرجة أكبر مما يحدث في المملكة كثيرا.
مزيد تفاصيل عن تضخم الإمارات في الإطار (7)
هل تبرر تلك الفروقات وجود فرق كبير يتجاوز أربع مرات في معدلات التضخم الرسمية بين المملكة والإمارات وقطر؟
مبدئياً يبدو غير مبرر، لكن من الصعب إعطاء إجابة على هذا السؤال بصورة أكثر موضوعية في هذه العجالة، إذ يتطلب الأمر تمحيصاً أعمق، وقد تتوفر المعلومات الكافية وقد لا تتوفر.
إطار 7تقرير جلوبال عن التضخم والعرض النقدي في الإمارات
أكد تقرير بيت الاستثمار العالمي جلوبال أن الإمارات الإمارات شهدت ارتفاعا غير مسبوق في مستوى التضخم منذ عام 2004جراء ارتفاع السيولة، وتزايد الطلب، والنشاط الاقتصادي إضافة إلى ارتفاع أسعار الأصول، حيث تجاوزت مستويات التضخم ضعف ما كانت عليه خلال الفترة الممتدة بين عامي 2001و 2005إذ بلغت 2ر 6في المائة بنهاية عام 2005مقابل 8، 2في المائة عام 2001.وقد دفعت معدلات التضخم المتزايدة البنك المركزي الإماراتي إلى إجراء بعض التعديلات على سياسته النقدية خلال العامين الماضيين، حيث قام بزيادة إصداراته من شهادات الإيداع بشكل كبير للعامين 2004و 2005وذلك للتقليل من التقلبات في السيولة المحلية، بالإضافة إلى الزيادات المتعاقبة في أسعار الفائدة.
ويدرس بنك الإمارات المركزي حاليا فكرة تحويل جزء من احتياطياته من النقد الأجنبي إلى اليورو كخطوة أولية لربط سعر صرف الدرهم بالعملات الأجنبية بدلا من اقتصار ربطه بالدولار الأمريكي فحسب. ومن الجدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي قد دعا دولة الإمارات إلى فك الارتباط القديم الذي استمر لعقود بين الدرهم والدولار الأمريكي والنظر في مسألة ربطه بسلة من العملات الأجنبية بما فيها اليورو والين. ويعود السبب الرئيسي وراء ذلك إلى إظهار حقيقة أن قرابة 75في المائة من واردات الإمارات تأتي من دول منطقة اليورو وآسيا مما أسهم بارتفاع معدلات التضخم المستورد خلال العامين الماضيين.
وقال التقرير: خلال عام ، 2005نما عرض النقد فئة M2 في سوق الإمارات بنسبة 8، 33في المائة ليصل إلى مستوى جديد بلغ 1، 324مليار درهم. كما حقق عرض النقد فئة M3 نموا بنسبة 6، 36في المائة ليصل إلى 4، 415مليار درهم إماراتي.
وعلى الرغم من ذلك، وبسبب ارتفاع معدلات الفائدة وإصدار الحكومة لشهادات إيداع حدث تباطؤ في نمو السيولة خلال النصف الأول من عام 2006.كما سجلت مستويات مختلفة من عرض النقد انخفاضا في معدل النمو حيث بلغ معدل نمو النقد فئة M2 نسبة 2ر 9في المائة منذ نهاية عام ، 2005في حين سجلت الفئة M3 نموا بنسبة 5في المائة.
المصدر: جريدة الخليج 2007/3/5
المصدر: موقع مجلس التعاون الخليجي
الخلاصة
بعد هذا الاستعراض في تفسير التضخم، فإن الرأي الاقتصادي السائد أنه لا توجد إجابة مؤكدة في تفسيره. لم يعد ينظر للتضخمات على أن لها منابع واحدة، بل هي تتفاوت سواء من جانب الطلب أو من جانب العرض. ولذا تشبه التضخمات بعض الأمراض التي تتفاوت حدة، وتحدث لأسباب كثيرة، وتمتاز بصعوبة إيقافها بعد ابتدائها، ومن ثم فعلاجها ليس بالعلاج الواضح السهل.
نتائج تطبيقية
عمل الدراسات التطبيقية empirical (أي باستعمال أدوات اقتصادية قياسية) للتعرف على مدى قوة تأثير كل عامل مؤثر أمر لازم. ولا أعرف دراسة تطبيقية قياسية منشورة عن موجة التضخم الحالية، خلاف المقارنات الإحصائية البسيطة. ويبدو أن السبب راجع إلى ما يلي:
1- عدم (أو صعوبة) توفر بيانات عن التكلفة، وقد سبقت الإشارة إلى هذه المشكلة. لنأخذ، مثلا، أسعار الصرف. التعرف على نسب التغير في أسعار الصرف خلال فترة قصيرة يعطي حدا أدنى من التعرف على تأثير حركة أسعار الصرف، أما الحصول على صورة أفضل عن هذا التأثير، فيتطلب وجود رقم قياسي يستند على تغيرات أسعار الصرف الاسمية، موزونة حسب الأهمية النسبية لعملات الدول التي تأتيها منها واردات المملكة. ولا توفر مصلحة الإحصاءات في الوقت الحالي هذا الرقم القياسي.
2- ذلك النوع من البحوث يتطلب جهودا بالغة ودوافع للباحث القادر والراغب في عمل الدراسة، ومثل هذه الدوافع غير متوفرة خارج نطاق العمل الأكاديمي. ولعل هذا يفسر كون البحوث التطبيقية على موجه التضخم الأولى عملت في نطاق أكاديمي، وهو بطبيعته يتطلب وقتا. وفي الإطار 8، استعراض لخلاصة واحد من أهمها.
3- صعوبة العلم بكل عناوين ما يكتب في المجلات العلمية ذات الطابع الأكاديمي، على الأقل في المملكة أولا، ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ثانيا، نظرا لعدم وجود جهة تقوم بفهرسة البحوث المنشورة.
وتطبيقا للمثل "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، قام كاتب هذا الملف بتطبيق أدوات اقتصادية قياسية بصورة غير نهائية، وأعطت نتائج أولية أهمها (12)..
@ وجود انسجام قوي بين معدلات التضخم ونمو الأنشطة الاقتصادية في المملكة، وخاصة الإنفاق الحكومي وعرض النقود.
@ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي أفضل من الناتج المحلي الإجمالي (شاملا النفط) في التعبير عن الجذب الطلبي للتضخم.
@ كان لحرب الخليج الثانية عام 1991، والأوامر الملكية في الأعوام 1992و 1995و 2006والمعدلة لأسعار بعض السلع الضرورية كان لها تأثيرات واضحة على معدلات التضخم.
إطار (8) خلاصة دراسة اقتصادية قياسية عن موجة التضخم الأولى باستخدام نموذج نقدي
درس كل من عمر حافظ وعلى الضراط تضخم عقد السبعينات من القرن الميلادي الماضي بعنوان " النموذج النقدي للتضخم في الاقتصاد السعودي دراسة اقتصادية قياسية". وقام مركز البحوث في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبد العزيز بنشر الدراسة عام 1403(1983).
الدراسة لغتها فنية، بدأت بدراسة دالة الطلب على النقود، كمقدمة لمشكلة التضخم، ثم درسا مشكلة التضخم، وعرضا نموذجا قياسيا نقديا monetarist econometric model لتجرى عليه الاختبارات القياسية. وقد غطت دراستهما الفترة من 1963إلى 1979، على أساس ربعي.
صحة النتائج تعتمد على افتراض أن العوامل والمتغيرات المستقلة خارجية endogenous بالمعنى الإحصائي. وقد رأى المؤلفان أن هذه الفرضية متحققة، حيث:
@ الدخل الحقيقي يتحدد بعوامل خارجية طويلة الأمد مثل التقنية ونمو السكان وإيرادات النفط المحرك الأهم للاقتصاد
@ أسعار الفائدة المعتمدة على الخارج
@ التوقعات التضخمية خارجية المنشأ
يفترض النقديون أن عرض النقود خارجي المنشأ بالنسبة للأسعار.
هل هو كذلك؟
استخدم الكاتبان مبدأ سببية قرنقر Granger،
في نظام السلسة الزمنية المتعدد المتغيرات، فإن المتغير (كعرض النقود) سبب في حدوث المتغير (الأسعار مثلا) إذا كنا نستطيع بكفاءة أحسن أن نتوفع القيم الجارية للمتغير باستعمال قيم سابقة لكل من .. وليس فقط باستعمال القيم السابقة ل
لاختبار النشوء الخارجي الإحصائي لعرض النقود، بالنسبة للأسعار طبق المؤلفان طريقة اقترحها سارجنت Sargent، وتوصلا إلى أنه خارجي المنشأ.
أهم النتائج التي توصل إليها الكاتبان:
انطباق النموذج النقدي على الإحصاءات الحقيقية في الاقتصاد السعودي بدرجة مرتفعة.
أهم ثلاثة متغيرات هي معدل نمو العرض النقدي، ومعدل أسعار الفائدة الخارجية، ومعدل نمو الدخل الحقيقي.
زيادة 1% في عرض النقود يتبعها زيادة 0.5% في معدل التضخم بعد مرور سنة.
زيادة 1% في أسعار الفائدة الخارجية يتبعها زيادة 0.28% في معدل التضخم بعد مرور سنة ونصف.
زيادة 1% في معدل نمو الدخل الحقيقي يتبعها انخفاض 0.14% في معدل التضخم بعد مرور سنة.
الجزء الثالث: مكافحة التضخم
الإطار النظري
التضخمات سلوكيات سعرية عالمية مزمنة، تتفاوت بين الدول والمجتمعات قوة وأسبابا، فهي شبيهة، إلى حد كبير، بالأمراض التي تتفاوت حدة، وتحدث لأسباب كثيرة، وعلاجها ليس بالعلاج الواضح السهل.
سبق القول بأن هناك ثلاثة مذاهب رئيسية في تفسير كيفية نشوء التضخم. ورغم اتفاق هذه المذاهب على أصل نشأة التضخم، لكنها تختلف في نظرتها لقوة العوامل. وتبعا لهذه الخلافات كان الخلاف في أنسب وصفة علاجية.
الإطار 9يصف باختصار هذه الوصفات. ولكل وصفة محاسنها وعيوبها.
إطار 9مكافحة التضخم: رؤى حسب المذاهب الاقتصادية الرئيسة
كيف ترى المدارس الاقتصادية علاج التضخم؟
الكينزيون:
يركز هؤلاء على السياسات المالية والنقدية الانكماشية لتهدئة الطلب أو توسع الاقتصاد الزائد. لخفض الطلب، يرون أن على الحكومة رفع الضرائب أو خفض الإنفاق الحكومي، كما أن على السلطات النقدية خفض العرض النقدي وزيادة معدلات الفائدة. خفض التضخم يزيد البطالة.
النقديون:
بما أن النقديين يرون أن التوسع الزائد في العرض النقدي مقابل سلع وخدمات قليلة هو مصدر التضخم، فإن خفضه يستلزم خفض العرض النقدي وجعل النمو النقدي وفق معدلات ثابتة. ستزيد البطالة على المدى القصير، لكنها ستنخفض على المدى البعيد.
مدرسة جانب العرض:
يركز هؤلاء على تحفيز التوسع في عرض السلع والخدمات، خاصة عبر خفض الضرائب على المنشآت وتسهيل القوانين الحكومية المنظمة لأنشطة القطاع الخاص، مما يحفز الاستثمار، ومن ثم يسهم في زيادة الإنتاج. تخفيض الضرائب قد يخلق عجزا كبيرا في الميزانية.
المعضلة
كما هو واضح من الفصل السابق، ما من وصفة إلا ولها آثار جانبية. ذلك لأن الازدهار والتوظيف الكامل يعني وجود عجز في اليد العاملة، وهذا العجز يحد من التوسع في الإنتاج (أي العرض)، مما يوجد ضغوطات تضخمية قد تصل إلى حدود غير مقبولة من المجتمع. وربما كانت عبارة الاقتصادي الشهير آرثر أوكن هي خير معبر عن هذا الأمر العضال:
إن محاولة الجمع بين الازدهار واستقرار الأسعار مشكلة في الأداء الاقتصادي وهي مشكلة كبرى عصية على الحل.
تشهد المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي عامة، موجة ازدهار، وتوظيفا كاملا (أو قريبا من الكامل) في غالبية المهن.
نظريا، بإمكان حكومات هذه الدول خفض التضخم، بتخفيض الإنتاج، وزيادة البطالة لفترة زمنية. ولكن ما التكلفة؟
خفض التضخم بإبطاء النمو الاقتصادي، وزيادة البطالة يعد ثمنا باهظا جدا، وهذا يشبه علاج مرض بدواء يسبب مرضاً آخر قد لا يقل عن المرض الأول سوءا. لهذا اتجهت الدول إلى طرق أقل ضررا بالنمو الاقتصادي، مثل الرقابة على الأجور والأسعار. وعموما فإن المطلوب سياسات احتواء للتضخم منخفضة التكلفة.
سياسات احتواء التضخم
والمقصود باحتواء التضخم خفض معدلاته، سواء بما يؤدي إلى خفض المستوى العام للأسعار أو منع ارتفاعه ارتفاعا بيناً.
تعتمد جهود الحكومات في احتواء التضخم تقليديا على التأثير على السياسات المالية (سياسات ضبط الإنفاق الحكومي، وخاصة في دول مثل المملكة) والنقدية. وقد جرى مؤخرا (أقصد على المستوى العالمي) مزيد اهتمام بسياسات ضبط الأجور ورقابة الأسعار أو التسعير وتشجيع المنافسة ومكافحة الاحتكارات. لكن من الصعب على الناس قبول ضبط الأجور، دون ضبط السياسات المالية والنقدية. أما رفع الأجور فهي سياسة معاكسة لسياسات احتواء التضخم.
من المستبعد أن تلجأ الحكومة إلى خفض الإنفاق الحكومي الجاري خفضاً كبيراً، لآثاره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية غير المرغوب بها، كما أنه ليس من الحكمة خفض الإنفاق الاستثماري (كالانفاق على البنية التحتية)، نظراً لأن هذا الإنفاق يسهم في توسيع الطاقة الإنتاجية للاقتصاد، أي جذب منحنى العرض الكلي إلى اليمين، وخاصة أننا مررنا بسنوات طويلة من تدني الانفاق الاستثماري. لكن من الحكمة عدم التوسع الكبير في الانفاق الحكومي الاستثماري، الذي شهد توسعاً حاداً خلال السنوات 2005- 2007م، ولا شك لدى في أنه عامل رئيس للتضخم.
من الحكمة أيضاً ضبط الإنفاق الجاري بصورة أقوى من الإنفاق الاستثماري، وقد أشار إلى ذلك وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف في كلمة ألقاها في مؤتمر يوروموني المعقود في الرياض يوم الثلاثاء 1428/4/21ه الموافق 2007/5/8م، حيث قال: (نقلاً عن جريدة "الرياض" في عددها الصادر اليوم التالي): "إن السعودية ستقيد الإنفاق الجاري في إطار مساعيها للحد من التضخم وإنها ستبقي على الإنفاق الاستثماري دون تغيير". وإجمالاً، ينبغي على الحكومة ضبط نمو انفاقها بنسبة مئوية لا تزيد عن بضعة أرقام سنوياً.
جذب منحنى العرض إلى اليمين (زيادة العرض) يأخذ وقتاً، ولكنه سيعمل على توسيع طاقة الاقتصاد الاستيعابية، توسيع الاستقدام سيسهم في زيادة العرض، لكن من المهم ان يخطط له جيداً، حتى لا تتكرر أخطاء الاستقدام في الطفرة السابقة.
بغرض زيادة العرض العقاري، ينبغي تضافر جهود القطاعين العام والخاص في بحث وتذليل عقبات الاستثمار العقاري، وتملك السكن، وخاصة لذوي الدخل الأقل من المتوسط. مزيد توضيح في الإطار (10). ولعل الله ان يوفق الهيئة المعنية بالاسكان التي وافق على إنشائها مجلس الوزراء في جلسة 1428/4/22ه (2007/5/9م) لتحقيق الطموحات المرجوة منها.
السياسة النقدية تأثيرها محدود في ظل نظام أسعار صرف ثابتة، مثل سعر صرف الريال بالدولار. وغالباً ما تكون تأثيراتها من خلال تكاليف التمويل الممنوح للمنشآت والأفراد. ومعلوم ان أسعار الفائدة انخفضت خلال السنوات الأخيرة.
سوق رأس المال في المملكة ليست تنافسية تماماً، ولذا قد تتمكن السياسة النقدية من كبح السيولة المحلية المتوفرة للأفراد والمشاريع التجارية الصغيرة ومن ثم كبح جزئي لمعدلات التضخم، ولكن بالمقابل سيكون هناك تثبيط على النشاط الاقتصادي.
اقترح البعض رفع قيمة الريال السعودي تجاه الدولار (رفع سعر الصرف الاسمي) للتعويض عن انخفاض سعر صرف الدولار تجاه عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين للمملكة. هناك محاسن وعيوب للرفع وعدم الرفع، ولكن يبدو لي ان غالبية المحللين يرون ان العيوب تفوق المحاسن، ولذا لا يحبذون الرفع. وقد كتب كثيراً عن الموضوع في وسائل الإعلام، وربما كتب عنه أوراق علمية نشرت في مجلات أو ندوات متخصصة. هذا وقد كتبت مقالة مطولة نسبياً بلغة مبسطة عن أسعار الصرف وأسعار النفط وعلاقة الريال، نشرت في جريدة "الرياض" يوم الأحد 2007/9/23م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.