استراتيجية ونهج بدأه خادم الحرمين الشريفين؛ إذ خط مبدأ تنويع العلاقات السياسية الاستراتيجية مع الدول الكبرى والدول الناشئة التي بدأت تبرز على المستوى الدولي؛ فبدأ بزيارة دول مهمة في الغرب والشرق، وبخاصة في أوروبا وآسيا. ويستكمل سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز هذا التحرك الفعّال الذي سانده بزيارة شملت العديد من المحطات الاستراتيجية مع فرنسا الدولة المؤثرة عالمياً، ليس فقط لأنها إحدى الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، بل أيضاً لدورها القيادي في أوروبا والعالم؛ كونها تتميز بسياسة تساند العديد من القضايا العربية؛ جعلها أقرب للشريك الاستراتيجي. وهي بهذه السياسة المميزة والإيجابية تمكنت من صياغة شراكة استراتيجية، استهدفت الأنشطة السياسية والاقتصادية والثقافية والاستراتيجية؛ إذ إن باريس خطت في الآونة الأخيرة خطوات داعمة للأمن والسلم الدوليين، وتعاونت بالذات مع المملكة والدول العربية المناهضة للإرهاب في الكثير من القضايا، خاصة في الملفين السوري والعراقي؛ ولهذا فإن زيارة سمو ولي العهد الحالية لفرنسا تُعد تتويجاً وتواصلاً للعلاقة المتميزة بين البلدين، وتعزز الشراكة الاستراتيجية وتقويها، وتزيد من التعاون الاقتصادي الذي شهد في العامين الأخيرين تطوراً لافتاً من خلال الحضور القوي للشركات الفرنسية التي تقدم خبرتها التكنولوجية، وتساعد في نقل التقنية للمملكة. وقد أظهر الاستقبال الاستثنائي والجدول المكثف لزيارة سمو ولي العهد الأهمية الخاصة لهذه الزيارة، ومدى الاهتمام الكبير الذي يوليه كبار المسؤولين الفرنسيين والدوائر السياسية والاقتصادية لهذه الزيارة، وما ستسفر عنه من دعم وتطوير للعلاقات بين البلدين، خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. فقد وضح منذ اللحظة الأولى لهذه الزيارة التقدير الكبير لسمو ولي العهد؛ إذ حرص الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على ترؤس مراسم استقبال سموه لدى وصوله إلى مطار باريس، كما لاحظ المتابعون لهذه الزيارة احتفال الرئيس الفرنسي بسمو ولي العهد بإقامة حفل عشاء رسمي في قصر الإليزيه، الذي عادة لا يتم إلا لرؤساء الدول. وفي هذا الحفل تحدث الرئيس الفرنسي عن العلاقة المتميزة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، وقال إن المملكة تمثل شريكاً متميزاً لفرنسا. ولاحظ المراقبون الذين يرصدون هذه الزيارة أن هولاند أشار إلى دعم باريس لمبادرة السلام العربية التي بلورتها المملكة العربية السعودية عام 2002م متطلعاً إلى العمل معاً لإنعاشها. والشيء الذي لفت أنظار هؤلاء المراقبين قوله «إن تعاوننا السياسي وطيد إلى حد بعيد، وتم تعزيزه بتعاون عسكري قيم للغاية». أيضاً يلاحظ المتابعون لهذه العلاقة أن هناك تفاهماً وتناغماً في سياسة البلدين في التصدي لمكافحة الإرهاب، سواء في المنطقة العربية.. ودورها الفاعل في التصدي للمنظمات والأنظمة الإرهابية في المنطقة. كل هذا التلاقي والتوافق يجعل من زيارة سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى فرنسا، التي ستستمر أربعة أيام، زيارة مهمة بكل معنى الكلمة، وستنقل العلاقة الاستراتيجية بين البلدين إلى آفاق متقدمة، خاصة في المجالات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية.