تحظى الزيارة التي شرع فيها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى فرنسا أمس الاثنين باهتمام وسائل الإعلام الفرنسية لعدة أسباب من أهمها خصوصية العلاقة الاستراتيجية التي يقيمها البلدان منذ عام 1996 والملفات الساخنة العديدة المطروحة اليوم في المنطقتين العربية والمتوسطية وتطابق وجهات النظر بين القيادتين السياسيتين في كلا البلدين بشأن غالبية هذه الملفات وطرق تسويتها. ومما يدل على هذا الاهتمام أن كثيرا من وسائل الإعلام الفرنسية المكتوبة والمسموعة والمرئية حرصت على إدراج هذه الزيارة في أجندة أهم الأحداث التي كانت متوقعة هذا الأسبوع لاسيما من خلال مواقعها الإلكترونية. وهو مثلا حال صحيفة "لوجورنال دي ديمانش" التي نشرت صورة لولي العهد مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال الزيارة الرسمية التي قام بها هولاند إلى المملكة في شهر ديسمبر الماضي. وقد نشرت إذاعة "فرنسا الدولية" على موقعها الإلكتروني هي الأخرى صورة ثانية للأمير سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس الفرنسي خلال الزيارة ذاتها. ونشر الموقع مقالا تحليليا عن الزيارة تم التأكيد فيه على أن الزيارة تتم في ظرف "تتراكم فيه الأزمات في الشرق الأدنى والأوسط" وعلى أن جانبا هاما من محادثات ولي العهد مع المسؤولين الفرنسيين يبحث في سبل تسوية المشاكل المطروحة وفي مقدمتها مشكلة تنظيم "الدولة الإسلامية". بل إن كاتب المقال التحليلي في موقع "إذاعة فرنسا الدولية" عن زيارة ولي العهد إلى فرنسا استهله بسؤال صيغ على النحو التالي: "كيف التصدي لجهاديي الدولة الإسلامية والذين يسيطرون على جزء كبير من الأراضي السورية والعراقية؟ وذكر كاتب المقال بأن للملكة حدودا مع العراق. وأكدت عدة صحف فرنسية أن المخاطر المحدقة بالشرق الأوسط ومنطقة الخليج جراء تنامي خطر "داعش" دفعت السلطات السعودية إلى اتخاذ موقف واضح من هذا الخطر. وفي هذا الإطار توقفت وسائل الإعلام الفرنسية خلال الأيام الأخيرة مرارا عديدة عند الفتوى التي صدرت الشهر الماضي عن الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء والتي اعتبر فيها "داعش" و"القاعدة" في مقدمة أعداء الإسلام. كما لفتت وسائل الإعلام الفرنسية في سياق مساعي المملكة إلى التصدي للإرهاب إلى حرصها على تعزيز علاقاتها الدفاعية مع الدول الكبرى التي تربطها معها علاقات استراتيجية. وذكرت أن جزءا هاما من محادثات ولي العهد مع القيادة السياسية الفرنسية يتركز على سبل تطوير منظومة الدفاع السعودية ولاسيما في مجال التعزيزات البحرية المتعددة الاستخدام. مساعدة لبنان على التصدي للإرهاب في السياق عينه، تطرقت وسائل الإعلام الفرنسية إلى جهود المملكة الرامية إلى مساعدة لبنان على التصدي للجماعات المتطرفة وذكرت بأن المملكة كانت قد تعهدت خلال زيارة الرئيس الفرنسي إليها في ديسمبر الجاري بدفع نفقات أسلحة فرنسية يقتنيها الجيش اللبناني ويستخدمها للتصدي لهذه المجموعات. وتوقفت عدة صحف فرنسية عند البعد الاقتصادي في زيارة ولي العهد إلى فرنسا، واستدلت على ذلك بحرص ولي العهد اليوم الثلاثاء على ترؤس اجتماع خاص لمجلس الأعمال السعودي الفرنسي. وكانت صحيفة "ليزيكو" اليومية الاقتصادية قد أشارت إلى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كان قد استقبل يوم التاسع والعشرين من الشهر الماضي صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بطلب من هذا الأخير وإلى أن المباحثات بينهما تناولت سبل تعزيز الاستثمارات بين البلدين. وقالت الصحيفة إن اهتمام المملكة وفرنسا بالبعد الاقتصادي في التعاون بين البلدين يتجلى بوضوح من خلال دعوة عدد كبير من أصحاب المؤسسات الاقتصادية ورجال الأعمال في كلا البلدين إلى حضور مأدبة العشاء التي أقامها الليلة الماضية الرئيس الفرنسي على شرف ولي العهد والوفد المرافق له في زيارته إلى فرنسا. وأشارت الصحيفة إلى أن الأمير الوليد بن طلال يعد أحد الرعاة الأساسيين لمتحف "اللوفر" الفرنسي مذكرة بأنه شارك إلى جانب الرئيس الفرنسي في تدشين عملية افتتاح الجناح الإسلامي التابع للمتحف في شهر سبتمبر من العام قبل الماضي.