في أكتوبر عام 73م كان الطالب مرسي يشرح للمشاغبين الأربعة ضمن مسرحية (مدرسة المشاغبين) الشهيرة، كيف أن إذاعة ال BBC كانت تقوم فجأة ببث آيات من (القرآن الكريم) و(منشات عسكرية)، وبشكل مستمر ولافت، حتى انضمت إليها جميع الإذاعات المحلية، وفجأة خرج المذيع ليقول: هنا (لندن)، مرسي ابن المعلم الزناتي (أتهزم) يا رجاله، ومن باب التأكيد أنه قال (يا رجاله) بالإنجليزي!. أما في أغسطس عام 2014م وبعد الشهرة الواسعة لكل أبطال هذه المسرحية (عادل إمام، وسعيد صالح، وأحمد زكي، ويونس شلبي)، فقد مات بالفعل (مرسي ابن المعلم الزناتي)، ولكن لم تخرج منشات عسكرية، ولم (تنتن تنظمُ) الإذاعات المحلية لنقل الخبر كما كان يردد مرسي في المسرحية؟!. لأن غياب المشاهير والفنانين وأصدقاء الراحل (سعيد صالح) عن المشاركة في تشييع جثمانه يوم الجمعة الماضي في قرية (مجريا) بالمنوفية، شكل صدمة لأهل وأقرباء وأصدقاء الفنان الراحل، وكأنها علامة عدم جدية أهل الفن والثقافة في العالم العربي في مساندة ومؤازرة بعضهم البعض في الشدائد؟!. حيث يبدو ذلك واضحاً، مع غياب رفاق دربه ممن بقوا من فناني جيله خصوصاً (عادل إمام) وهو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من المشاغبين (الأربعة)، والذي شكل غيابه صدمة لكل المتابعين!. أعتقد أن فناناً مثل سعيد صالح شارك في 30 % من مجمل الأعمال السينمائية والفنية في مصر يستحق الوقوف إلى جانبه في (يوم وداعه)، فكم هو مؤلم منظر الجثمان، دون وجود رسمي أو فني رغم محاولات وكيل نقابة المهن التمثيلية في مصر الفنان (سامح الصريطي)، التبرير أن الغياب كان بسبب إجازة العيد، وأنه يمكن أن يكون هناك عزاء فني في القاهرة هذا (اليوم الاثنين) في حال توفر مكان مناسب؟!. هذه الحالة لا تخص (سعيد صالح) لوحده، فمعظم الفنانين في الخليج والعالم العربي من راسمي البسمة على الشفاه، يتم نسيانهم وتناسيهم من البعض في هذه الأوقات العصيبة، وغالباً ما تسجل أوقات رحيلهم (مواقف مُحزنة) في تخلي وغياب أقرب الناس إليهم في حياتهم، والأمثلة على ذلك كثيرة! رحم الله (سعيد صالح)، وتقبل (توبته) التي أعلنها قبل وفاته، وجعلها صادقة، ليكون ما أصابه تكفير عن سيئاته!. وعلى دروب الخير نلتقي.