بُنَيَّ التوحدي أقف على أعتاب غرفتك، غارقاً في عالمك الخاص، تحتضن دميتك كعادتك منذ خمسة عشر عاماً، لم تمتص يوماً من رحيق حبي قطرة!! كنت كفراشة بانت عن فصيلتها!!، لم يحدث بيننا أن ضحكنا سوياً أو حتى بكينا، عشنا منفردين في بيت يفترشه الظلام كسجادة سوداء. حدثتك مرة عن حبي، ويوم أن تعثرت قدماك وسقطت على الأرض، ركضت إليك وارتميتُ عليك أتحسس أنفاسك، نظرتَ إليّ دون أن تفقه سر عناقي وتقبيلي لك واحمرار وجهي ؟!، لم تعرف سر تلك الدموع التي سالت من عيني على وجنتك بدفء، بل اكتفيت بنظراتك الخالية من المعنى !! و قمت عائداً إلى غرفتك حيث وطنك. واحتضنت دميتك القطنية , عندها بكيت كثيراً، حاولت إيقاظ مشاعرك نحوي عندما أخفيت عنك تلك الدمية فانتابتك نوبة صراخ مستمرة، مما جعلني استسلم وأعيدها إليك، منذ أن قال لي الأخصائي بأنك غير قادر على محبتي، أصبت بالصدمة، جئت بمعلم أخبرته أن يعلمك نطق كلمة واحدة فقط)ماما )، دفعتُ له مبلغاً طائلاً، وحين نطقتَ بالميم ازددتُ فرحاً لأنه حرف الأمومة المقدس، وبعد شهور، نطقتها. خرجت من فمك ،كيوم خروج أصحاب الكهف من فم الكهف، رقصتُ فرحاً، غنيتُ، باتت الكلمة تملأ قلبي، عشت أياماً سعيدة، إلى أن جاء ذلك اليوم واكتشفت ما حطّم قلبي، إذ فوجئتُ بأنك تخاطب الدمية ( ماما ) حينها ثرت، وددت لو أمزّق الدمية القطنية إلى قطع، كدتُ أن أغرز في قلبي سكيناً فينزف دمي القاني حتى تجف عروقي وأصبح دمية بلا حراك. هدأت نفسي عندما خطر لي أن أجلس بجانب دميتك، في ذلك اليوم سحبتُ الكرسي إلى جانب المقعد الذي تجلس فيه دميتك البيضاء، وجلستُ بلا حراك أكتم أنفاسي حد الاختناق لعلك تسرق نظرة حانية إلي ...