قال تعالى: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) الحياة حق والموت حق وكلمة الموت بغيضة وأصعب شيء على الإنسان وكلنا راحلون ولكن قد يطول الانتظار، وقد يقصر كلنا سنسير في طريق الرحلة تحت الانتظار الذي أيضاً قد يطول وقد يقصر في محطة الموت لنستقل قطاراً يرحل بنا إلى البعيد إلى اللارجوع إلى رب العالمين. جئتكم اليوم لأكتب لكم والكلم في قلبي رطب يثعب دماً والعين دمعها ينهمر مع كل نبضة ينبضها قلبي وقلمي ينعي بكل حرف يخطه كلمات تتحشرج في صدري على فراق الروح الطاهرة والصدر الحنون والبسلم الشافي والصرح الشامخ (أبي) الذي رحل عن هذه الحياة بعد أن اختاره الموت بدون تردد أوقفته تلك المحطة ليستقل قطار الموت ويرحل بعيداً ويتركنا. (أبي) لقد تهيأت روحك للموت وسكراته قبل شهر من وفاتك حينما أدخلت المستشفى ومعاناتك مع المرض الذي توالت أحداثه مسرعة، كان الكل يجلس من حولك دون أن تشعر بهم كُنت دائما أدعو الله أن يشفيك وأن يطيل في عمرك وتخرج من المستشفى لتعود إلينا سالماً وأنا أجهل أنك كنت تتألم مع الموت بعد أن تزايد المرض عليك وبعد فشل التدخل الجراحي لإنقاذك وساءت حالتك قبل وفاتك بساعات كنت تحتضر ولا أحد يعلم وأنت على ذلك السرير الأبيض مسجى جثة هامدة بلا حراك كنت تمسك بأيدي بناتك وأحفادك وتحتضنها وكأنك تقول بهذا الاحتضان الدافئ: أنا مفارق. والدي يرحمك الله... أأبكيك.. أم أبكي على حال افتقدتك يا من كان قلبك أنقى من الذهب ولسانك أعذب من الماء الزلال، يا من سكنت روحي وجرى حبك في دمي الذي يجري في عروقي وشرايين قلبي. لقد زرعت الخير في أرض خصبة أخضرت وازهرت فأثمرت وأينعت ببناتك اللاتي أحسنت تربيتهن إلى أن شققن طريقهن في الحياة. لن ننساك أبداً وسندعو لك دائماً فحبك متغلغل في جوارحنا وقلوبنا سنظل نتوق شوقاً إليك، اللهم ثبت قلبي وقلوب أخواتي وصبرنا اللهم أنت أعلم بحاله في لحده اللهم اخرجه من ضيق اللحود إلى جنات الخلود، اللهم وسع مدخله وآنس وحدته وأنر عليه ظلمته وأجمعنا به في الفردوس الأعلى .. آمين.