فاصلة: (اللهم إني أسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى) -الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)- لطالما أشغلتني فكرة ابتلاء الناس بالفقر والتي تعارض إيماني بعدالة الله في توزيع الرزق. في برنامج «سميها بأساميها « الذي يستضيف يومياً في قناة المحور د. «أحمد عمارة» وتحديداً في حلقة «الحلال والحرام» وجدت الإجابة. الفقر اختيار وليس من الله عز وجل الذي قال لنبيه الكريم: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}.. فكيف بعد ذلك يدعو النبي صلوات الله وسلامه عليه قائلاً: (اللهمَّ أحيني فقيرًا وأمتني فقيرًا واحشُرني في زُمْرَةِ الفقراء). فلما بحثت وجدت أن هذه الروايةَ ليس لها وجود بهذا اللفظِ في كتب الحديثِ ولا أصلَ لها.. وإنما الذي ورد عن رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، قولُه :(اللهمَّ أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشُرني في زُمْرَةِ المساكين). وفي اللغة العربية الفقير هو المحتاج ويختلف في معناه عن المسكين الذي هو الخاضع والمسكنة هي التواضع لله إما الفقر فقد فاحتياج استعاذ الرسول منه. الفكرة التي طرحها د. عمارة وأجدها عميقة جداً هي أن الله لا يبتلي خلقه بالشر وأن أصاب الناس فقراً فعليهم ألا يستعذبوه ويركنوا إلى الفقر باعتبار أنه ابتلاء من الله يوجب الصبر. فالصبر لا يعني الركون إلى الابتلاء بل يعني قبوله وعدم مقاومته بالجزع إنما لابد من السعي لزوال الابتلاء. فكرة أن الفقراء يدخلون الجنة وأن الرسول يود أن يحشر فقيراً جعلت البعض من الذين تواجهم تحديات في حياتهم بسببهم وبما في أنفسهم يركنون إلى عدم السعي لتغيير أحوالهم سواء كان الفقر مالاً أو سعادة أو نجاحاً. نفس الفكرة وجدتها في موقع الدكتور «سفر الحوالي» الإليكتروني فالآية التي نستشهد بها على أن الله من يبتلينا بالشر إذ يقول تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}.. هي دلالة على اختيارنا لهذا الابتلاء حين يكون هو جزاء لما ارتكبناه من أخطاء في حياتنا فاستحققنا الابتلاء. فما أصاب الإنسان من الحسنات فهو فضل من الله وأما الشر فعدل من الله يقول تعالى: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ}. ولما ابتلوا المسلمين يوم أحد قال الله عز وجل: {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}، أي بسبب ذنوبهم وليس مجرد أن الله أراد لهم الخسارة في الحرب. إذن فكرة الركون وعدم السعي لتغيير الحال ومواجهة أي من التحديات التي تواجهنا في الحياة بحجة إنها ابتلاء من الله يستوجب الصبر السلبي ليست من إسلامنا في شيء والله أعلم.