والدي كيف أرثيك؟ الحمد لله القائل في كتابه الكريم (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور) آل عمران 185. في يوم الخميس الموافق 1433/7/10ه رحلت النفس المتسامحة رحل والدي عبدالمحسن بن محمد التويجري عن هذه الدنيا الفانية مودعاً أحبابه إلى رب عزيز رحيم اللهم ارحمه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناتك يا رب يا كريم. والدي كيف أرثيك؟ هل ارثي أبوتك الحانية أم ارثي سماحتك أم ارثي ابتسامتك وبشاشتك أم ارثي بساطتك وتواضعك أم ارثي عطفك على الصغير قبل الكبير ام ارثي وصلك بالأقارب والأرحام أم ارثي خطابتك ووجاهتك أم ارثي خدمتك للقاصي والداني أم ارثي التربية والتعليم أم ارثي الأدب والأدباء أم.. وأم.. وأم.. وأم.. حقاً تمتلك من الصفات ما يجعلنا نتفاخر بك ونرفع هاماتنا بكل شموخ داعين المولى عز وجل ان يكون ذلك شافعاً لك عند رب غفور رحيم فالحمد لله على قضائه وقدره وإنا على فراقك يا والدي لمحزونون ولا نقول إلاّ ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى (إنا لله وإنا إليه راجعون). والدي.. اسمع بالفراغ ولم أعيه إلاّ بعد مماتك رحمك الله. فقد تركت فينا فراغاً كبيراً لا يمكن سده ولكن سنتحلى بالصبر على فراقك امتثالاً لقوله تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) لإيماننا الكامل بقضاء الله وقدره وسنمضي على ما ربيتنا عليه إن شاء الله ونعدك بتنفيذ ما وجهتنا به من تواد وتراحم وعطف واحترام. والدي.. كنت أظن أنني الوحيد الذي يحبك ولكن جموع المصلين والمعزين الذين قدموا لتوديعك وهم كثر اقتسمونا المحبة لك وأيقنت ان محبيك كثر ولست وحدي من يحبك وعزاؤنا الوحيد ما باح به المعزون من قصص خالدة لأعمالك الجليلة في خدمة الدين والمحتاجين من المسلمين يجعلنا نحمد الله كثيراً مع خالص الدعاء لك بالرحمة والفوز بالجنة. والدي.. لم تكن يوماً تبحث عن الشهرة والمال ففضلت حياة البسطاء على حياة الترف حيث دائماً ما تردد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة) الله أكبر من مثلك يختار هكذا طريق رغم ما تمتلكه من علم وثقافة جعلت منك طالب علم وأديبا ومفكرا بل أنت رائد من رواد العلم والأدب ورغم ذلك تردد عندما نطلب منك جمع خطبك ومقالاتك وأفكارك وأطروحاتك في كتاب ان ليس لدي ما يستحق الجمع. أي تواضع هذا يا أبي!؟ والدي.. في جعبتك الكثير والكثير لأسرده دون توقف فقلمي لم يكل ولن يمل ما دمت اكتب عن خصال رجال اجتمعت في رجل ولكن المقال لا يسمح بالمزيد عزائي لمن افتقدك كثيراً والدتي الغالية أم محمد ولاخواني الأعزاء محمد وجمال وخالد وباسل وياسر ومازن واختي وزوجها وإلى جميع زوجات الاخوان وأبنائهم وإلى عائلتي الصغيرة ممثلة في زوجتي وأبنائي. اللهم اغفر لوالدي وأسكنه فسيح جناتك يا كريم والحمد لله رب العالمين.