قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في كلمته التي ألقاها في قصره بجدة مساء يوم السبت 30 شعبان 1435ه أثناء استقباله أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ ودولة رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري وأصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين وجمعاً من المواطنين الذين قدموا للسلام عليه - أيده الله - وتهنئته بشهر رمضان المبارك: «حسبنا الله حسبنا الله على من دلّ أولادنا وأرشدهم إلى بلاد الدمار.. نشفق على أبنائنا الذين طغى عليهم الشيطان.. وآباؤهم وأمهاتهم همهم النحيب والدعاء.. الصبر الذي يصبرونه آباؤهم وأمهاتهم المساكين.. كل واحدة تنتحب على ابنها إما أن يكون مخطوفاً أو غائباً». ما قاله (حبيب الشعب) خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - أيّده الله - كان وصْفاً دقيقاً لحال الفئة القليلة الضالة التي لا زالت تحصد الأرواح البريئة، وتشوّه صورةَ وحقيقة الإسلام النيّرة القائمة على التسامح والمحبة.. والتي تُمْنَى يوماً بعد يوم خسائر فادحة.. وتلحُّ علينا حادثةً بعد حادثة أنْ نبادر إلى الالتفاف حول الوحدة الوطنية، والتصدّي لمحاولات الذين جيّشوا هؤلاء الشباب لمحاربة دينهم وبث الرعب والفزع في مجتمعاتهم حتى إلحاق الأذى بأهليهم وأسرهم!!. إنَّ الذين عاشوا مع تفاصيل العملية الإرهابية الفاشلة والتي انتهكت حرمة شهر رمضان الفضيل التي تصدّت لها قوات الأمن السعودية ببسالة ظهر يوم الجمعة الفائت في شرورة، وقتلت ثلاثة من منفذيها وأصابت رابعاً وقبضت عليه ولا تزال تبحث عن اثنين فارين من المعتدين؛ وهي العملية التي استشهد فيها رجل الأمن العريف فهد بن هزاع الدوسري، لم تكن إلا تفصيلاً من التفاصيل ومشهداً من المشاهد في مشوار طويل شاق، خاضه رجال أمن الوطن البواسل مع وطنهم في سبيل تجذير بقائه وترجمة أهدافه. وهذه إحدى جوانب العظمة لهذا الوطن الذي وحّده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - مع رجاله الأبطال الأشاوس الذين استطاعوا بشجاعتهم وإقدامهم أن ينتزعوا النصر من بين أنياب المخاطر ووسط أهوال التحديات.. ولعله ليس جديداً حين نقول: إنّ الكثير من هذه الفئة الممجوجة ثقافياً وفكرياً ونفسياً، وكذلك أعداء هذا الوطن المتوحِّد الآحِد، ما زالوا يغرقون في أمانيهم وأحلامهم في أنْ تعود عجلة الزمن إلى الوراء ثانية.. وهذا هو التحدي الكبير الذي يبرز عظمة توحيد هذا الوطن وقوته إلى اليوم! ومِثْلُ هؤلاء وغيرهم، ينسون أنَّ هذا الوطن سيظلّ آمناً بحفظه ورعايته ثم ارتباط أهله الوثيق بتعاليم الشريعة السمحة وبوحدته الوطنية التي تتعالى فوق الصغائر وتقوى بالتلاحم والتعاون والتعاضد. صحيح أنّ العمليات التي تقوم بها الفئة الضالة تضرب وتؤلم، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ المؤمن القوي قادر على تجاوز الألم بعمق إيمانه، حينما يحاول دون استسلامه للأوهام التي تحاول الفئة الضالة فرضها على المجتمعات بأفكارها المريضة ووسائلها المجرمة بقتل الأبرياء وترويع الآمنين. وخلال السنوات الماضية تعرّض هذا الوطن لهجمات الفئة الضالة، لكنه تجاوز آثارها بكل حكمة واقتدار. ولتسأل الفئة الضالة نفسها عما أفرزته جرائمها السابقة قبل أنْ تقدم على ارتكاب حماقات أخرى. لقد فشلت الفئة الضالة في تعطيل هذه المسيرة الخيرة كما فشل في الإخلال بعلاقات المملكة المزدهرة مع العالم من حولنا. لقد تتابعت تدفُّقات الخير والنماء على هذه الأرض رغم تلك المؤامرات الدنيئة، حيث إنّ القناعة راسخة بأن المولى عز وجل يحفظ أمن هذا الوطن.. فهو القائل: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}. فهذا الوطن لن يكون أسيراً لهجمات التطرف ودوافع الانتقام، ولن يركن إلى الخنوع ، ولن يتصرف خارج حدود الشرع أو يستجيب للاستفزاز ، فهو يسلك وفقاً للشرع الذي يؤمن به دروب السلام ويستبين في ظله مواطن الحق والعدل. أما أنت أيها الشهيد البطل الصائم فهد بن هزاع الدوسري، يا من مشيت على خطى أقرانك المناضلين الذين آمنوا بوطنهم ، لقد أعطيت درس الفداء عظيماً.. اصطبغ بلون الدم الفواح.. وأشلاء الجسد الغض التي تناثرت على مساحات هذا الوطن كله، واختلطت مع حبات رمله، فكان عقداً من الأزهار طوّق الأرض التي طالها الفخر كثيراً مما فعلتَ في سبيلها. ولتهنأ روحك يا فهد.. ولتغمرها ظلال الطمأنينة والسلام، ولك أيها العظيم البطل كل المجد والفخر والخلود بأن روحك سيتوحّد عليها السعوديون شعباً وقيادة لمواجهة أي اعتداء وعبث بأمنهم الوطني. تُرى.. هل حان الوقت لأنْ تفهم الفئة الضالة وكل أعداء هذا الوطن الرسالة؟!