خاضت دول العالم في السنوات الأخيرة لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر حرباً طويلة على الإرهاب مليئة بالتجارب والجهد والعمل بعد أن ضربت هذه الآفة في أنحاء مختلفة من قارات العالم.. وكانت للمملكة أدوار واضحة على خريطة العالم لا يمكن لأي مراقب تجاهلها في طريق هذه الحرب الطويلة على داء العصر إن جاز التعبير. وأشادت دول العالم أجمع بالحرب التي خاضتها المملكة ونجحت في تجاوزها بفضل الحنكة وبُعد النظر والمعالجة الشاملة التي انتهجتها الدولة بقيادتها الحكيمة وعبر أجهزتها المختلفة في هذه الحرب بل إن دولاً عدة استفادت من هذه التجربة. وكان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - جهوداً بارزة في هذا الإطار ليس داخلياً فحسب بل حتى على مستوى المجتمع الدولي.. وعلى مختلف الأصعدة والمجالات حيث أدرك - رعاه الله - أن المملكة أو أي دولة من دول العالم لا يمكن لها أن تواصل مسيرة التنمية والعطاء والازدهار الاقتصادي وتحقيق تطلعات شعوبها في الوقت الذي يعاني فيه الوطن من هذا الداء الخطر. ولا ينسى العالم أجمع مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدى افتتاحه أعمال المؤتمر (الدولي) لمكافحة الإرهاب الذي استضافته بنجاح الرياض في فبراير الماضي التي دعا فيها إلى إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب من أجل تبادل وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث وتجنبها إن شاء الله قبل وقوعها. وقال - يحفظه الله - في كلمته إن انعقاد هذا المؤتمر الذي يضم دولاً تنتمي إلى حضارات مختلفة وأديان مختلفة وأنظمة مختلفة لهو البرهان الأكيد على أن الإرهاب عندما يختار ضحاياه لا يفرق بين الحضارات أو الأديان أو الأنظمة والسبب هو أن الإرهاب لا ينتمي إلى حضارة ولا ينتسب إلى دين ولا يعرف ولاءً لنظام الإرهاب شبكة إجرامية عالمية صنعتها عقولٌ شريرة مملوءة بالحقد على الإنسانية ومشحونة بالرغبة العمياء في القتل والتدمير. ويضيف خادم الحرمين الشريفين في كلمته أمام وفود أكثر من (50) دولة شاركت في المؤتمر الذي دعت إليه الرياض: إن هذا المؤتمر يمثل عزم الأسرة الدولية على التصدي لهذه الشبكة الإجرامية في كل ميدان مكافحة سلاح الغدر بسلاح العدالة ومحاربة الفكرة الفاسدة بالفكرة الصالحة ومواجهة خطاب التطرف بخطاب الاعتدال والتسامح. ويؤكد خادم الحرمين في أن خطر الإرهاب لا يمكن أن يزول بين يوم وليلة وأن الحرب ضده ستكون مريرة وطويلة وأن الإرهاب يزداد شراسة عندما يضيق الخناق عليه إلا أنه أكد على ثقته من النتيجة النهائية وهي انتصار قوى المحبة والتسامح والسلام على قوى الحقد والتطرف والإجرام. هذا ولاقت دعوة الملك عبدالله تأييداً دولياً واسعاً من رؤساء وكبار المسؤولين في الدول العربية والإسلامية والدولية، وأكدوا أن هذه الفكرة رائدة وجاءت في الوقت المناسب. وقال الرئيس الأفغاني حامد قرضاي إن فكرة خادم الحرمين الملك عبدالله بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب فكرة رائدة وتحظى بالاحترام والقبول لعدم وجود مركز يتم من خلاله تبادل المعلومات وتنسيق الجهود الدولية لمواجهته، فيما اعتبر رئيس الوزراء الماليزي عبدالله بدوي اقتراح الملك عبدالله إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب بأنه اقتراح هام. وتوالت الأصداء العالمية الايجابية والمؤيدة لفكرة الملك عبدالله، كما أبدت توصيات المؤتمر الختامية دعوته - يحفظه الله -. وأعرب جميع أعضاء الوفود عن تأييدهم لهذه الفكرة، ودعت التوصيات إلى دراسة ودعم هذه الفكرة. وتواصل اهتمام ودعم الملك عبدالله لرجال الأمن البواسل الذين يقفون في وجه الإرهاب إلى جانب دعمه واهتمامه بكل الجهود المحلية والدولية لمكافحة هذه الآفة وفي كلمته - رعاه الله - للمواطنين ورجال الأمن والقطاعات العسكرية في شهر جمادى الثاني لعام 24 ه عندما كانت المملكة تخوض حرباً حاسمة ضد الفئات الضالة من الإرهابيين قدّر - يحفظه الله - جهود رجال الأمن والقطاعات العسكرية في المعركة ضد القتلة المجرمين، وأكد أن الوطن لن ينسى شهيداً مات يدافع عن العقيدة. وقال خادم الحرمين في كلمته:ايها الاخوة المواطنون.. في هذه الايام التي يخوض فيها شعبنا السعودي النبيل معركته الحاسمة ضد قوى الشر والدمار والمتمثلة في الفئة الضالة الباغية من الارهابيين يطيب لي باسم اخي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - وباسم كل المواطنين ان اتوجه الى رجال الامن البواسل خاصة ورجال القطاعات العسكرية عامة خط الدفاع الاول في المعركة ضد القتلة المجرمين لاقول لهم ان الشعب السعودي كله يفخر بانتمائكم اليه ويعتز بشجاعتكم ويحيي روح الشهامة التي نلمسها منكم كل يوم اقول لهم لولا الله ثم عيونكم الساهرة ما ذاقت العيون النوم ولولا ما تلقونه من المشقة ما عرف احد طعم الراحة ولولا تضحياتكم ما لقيت الفئة الباغية ما لقيته من هزائم اقول لرجال الامن الشجعان ان اولاد شهدائكم ابناؤنا جميعاً وان جراحكم تنزف في كل قلب من قلوبنا وان دماءكم وسام شرف يعطر تربة الوطن الغالي اقول لهم ان هذا الوطن الوفي لن ينسى شهيدا مات وهو يدافع عن العقيدة والوطن ولن ينسى بطلاً جرح وهو يؤدي واجبه ولن يهمل يتيماً سقط والده في معركة الحق ضد الباطل. ايها الاخوة المواطنون.. في الصراع بين قوى الخير وقوى الشر لا مكان للمحايدين ولا مجال للمترددين وليس هناك امام المؤمنين الشرفاء سوى الوقوف صفاً واحداً ضد البغاة المفسدين في اقدس بقاع الدنيا مكةالمكرمة والمدينة المنورة مستذكرين قوله تعالى {ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} انني اهيب بكل مواطن ان يكون رجل امن وان يكون سندا لرجال الامن وان يكون اذنا وعينا ويدا لرجال الامن وأحذر كل مخدوع او ضال فأقول بوضوح ان الذي يتستر على الارهابي ارهابي مثله وان الذي يتعاطف مع الارهابي ارهابي مثله وسوف يلقى المتسترون والمتعاطفون مع الارهاب جزاءهم العادل الرادع. ايها الاخوة.. ادعو الله جلت قدرته ان يتغمد برحمته الواسعة شهداءنا الابرار قال عز وجل {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون} وقال صلى الله عليه وسلم «ما من احد يدخل الجنة يحب ان يرجع الى الدنيا وله ما على الأرض من شيء الا الشهيد يتمنى ان يرجع الى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة» وسوف نمضي في طريقنا مؤمنين بالله متكلين عليه واثقين من النصر - إن شاء الله - مرددين قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وتواصل اهتمام خادم الحرمين الشريفين بكل السبل الرامية الى استئصال شأفة الارهاب والمضي قدماً في طريق القضاء على هذه الآفة ودعم وتقدير كل مواطن يقف ضد الفئات الضالة، الى جانب الاهتمام بكل الجهود المؤدية الى تعزيز الامن وتطهير العقول من هذه الافكار الدخيلة على مجتمعنا وكانت تلك الجهود وذلك الاهتمام على صعيدين وفي اتجاهين داخلي وخارجي حيث حرص يحفظه الله على ان تكون المملكة سباقة وفي كل تجمع او عمل دولي ضد الارهاب ومكافحته من اكثر الدول تعاوناً مع غيرها في هذا المجال. وداخلياً كانت ابواب مجالس الملك عبدالله مفتوحة دائماً لابناء الوطن ورؤساء القبائل الذين يمتلئ بهم مجلسه رعاه الله كل يوم قدموا من كافة انحاء المملكة بعد الاحداث الارهابية التي تعرضت لها المملكة لشجب واستنكار تلك الاعمال الاجرامية التي قامت بها تلك الفئات الضالة، وكان الملك عبدالله يفتح قلبه لكل مواطن يقف بين يديه مندداً ومستنكراً لتلك الاعمال رغم كل مشاغله وكانت كلماته - ايده الله - للمواطنين ولتلك الوفود خلال استقبالاته لهم البلسم الشافي لكل جرح والرد القوي من الراعي لرعيته ضد كل مشكك في ولاء واخلاص المواطن لولاة امره في تلك الفترة التي شهدت فيها مملكتنا احداثاً ارهابية، حيث كان يؤكد لتلك الوفود على ثقته فيهم ويجدد التأكيد على استمرار المملكة وعزمها الأكيد على ملاحقة تلك الفئات حتى القضاء عليها مهما طال الزمن وهو ما بدى يتحقق الآن بفضل الايمان والعمل والصبر وهي التي كان دائماً ما يؤكد عليها الملك عبدالله في احاديثه. وقال خادم الحرمين في احدى كلماته لدى استقباله وفوداً قبلية ان رجال الامن ادوا واجبهم الديني والوطني والاخلاقي، مؤكداً - يحفظه الله - ان شعب المملكة لن ينسى رجال الامن لانهم يستحقون ما يرفع رؤوسهم.ويستمر اهتمام خادم الحرمين برجال الأمن البواسل في كل محفل ومناسبة حيث تأتي كلماته لهم تجسيداً لذلك الاهتمام الكبير... ويقول في لقائه بأصحاب السمو الملكي الأمراء والعلماء والمشائخ والوزراء وضيوف المملكة وقاده وضباط ومنسوبي أمن الحج في قصر منى ذي الحجة الماضي مخاطباً الحضور: اسمحوا لي بهذه المناسبة المباركة أن أصافح بكل معاني العزة والكرامة كل إنسان من رجال قواتنا المسلحة بكل قطاعاته لما يبذلونه من جهد منبعه الولاء لله ثم الوطن والإخلاص ورثوه عن آبائهم وأجدادهم فلهم جميعاً ومنهم رجال الأمن البواسل من أخيهم عبدالله بن عبدالعزيز كل احترام وتقدير.ولعل ما يحز في نفس خادم الحرمين دائماً أن الفئة الضالة أساءت إلى العقيدة الاسلامية وشوهتها أمام العالم كله، وهذا دائماً ما يشير إليه في خطاباته وكلماته..ويقول يحفظه الله في احدى استقبالاته للمواطنين إن المسألة ليست هينة فهذه الفئة الضالة أساءت إلى عقيدتكم الإسلامية وشوهتها أمام العالم كله وهذا الأمر لابد أن تحاربوه ونحاربه ويحاربه كل مسلم لأن عقيدتكم ولله الحمد برئيه بيضاء ناصعة ليس عليها غبار وليس فيها غش ولا انحراف، مشيراً يرعاه الله - إلى أن الفئة الضالة سينتقم الله لهذا البلد ولشعب المملكة منهم لأنهم عملوا أعمالا لايعملها إلا عدو للدين والوطن والأخلاق والعقيدة. ومما يحزن الملك عبدالله كذلك ويظهر ذلك دائماً من خلال أحاديثه في هذا المجال هو أن من يقوم بتلك الأعمال الإجرامية هم من أبنائنا، حيث دائماً ما يؤكد خادم الحرمين أن ذلك هو ما يؤلمه ويؤلم كل مواطن من أبناء هذا الوطن أن من يقوم بتلك الأعمال من أبنائنا. وعلى نفس النهج والإطار الذي يسير فيه خادم الحرمين في التصدي لهذا الفكر وهذه الآفة كانت نظرته أشمل من كل ما قد يتصوره البعض حيث يأتي في نفس الوقت الذي تحارب فيه أجهزة الأمن الإرهاب التقدير والدعم اللامحدود لرجال الأمن على جهودهم وكذلك محاربة كل الأفكار المؤدية إلى الانحراف عن جادة الصواب إلى مسالك الارهاب وفي نفس الوقت كذلك السيرقدماً في طريق الاصلاح والتطوير والذي من النادر أن تستمر فيه أي دولة في نفس الوقت الذي تتعرض فيه لخطر الارهاب إلا أن خادم الحرمين كان يدرك أهمية السير في هذا الطريق وتحقيق المزيد من الإصلاح والرفاهية والمشاريع لخدمة الوطن والمواطن دون النظر لأي شيء آخر وفي نفس الوقت الذي تحارب فيه أجهزة الدولة الأخرى المختصة هذه الآفة الشريرة. وكان خادم الحرمين يؤكد دائماً على هذه السياسة وهذا النهج وفي قراءة لأحد أحاديثه يحفظه الله العام الماضي يقول الملك عبدالله : إننا اجتزنا مراحل الإرهاب وكل ما ترونه أمامكم هو عبارة عن تصفيه آخر الجيوب فنحن ذهبنا إلى رؤوس الثعابين مباشرة لنقطعها ونعلم أن ذيولها عبارة عن مضللين من أبنائنا نعرف كيف نتعامل معهم ونعيدهم إلى صوابهم. وفي نفس الوقت يؤكد رعاه الله في حديثه مضي المملكة في الفكر الاصلاحي ضمن خصوصيتنا وتقاليد شعبنا وضوابط عقيدتنا. وختاماً يتجلى ويظهر نتاج كل تلك الجهود وتلك السياسة والنظرة الثاقبه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في سياق مكافحة الارهاب والحرب عليه داخلياً وخارجياً فيما نلمسه جميعاً من انحسار تلك الأعمال الإجرامية في بلادنا ونجاح الأمن السعودي والمواطن السعودي في التصدي لكل تلك الافكار الشريرة التي تحاول زعزعة استقرار بلادنا.. فتحققت النجاحات تلو النجاحات بفضل الله أولاً ثم بفضل الحنكة وبعد النظرة والمعالجه السليمة لذلك، وأشاد العالم أجمع بقدرة المملكة ونجاحها في هذه الحرب وحزمها في التصدي لهذه الآفة طوال الفترة الماضية وشاهد العالم كيف كان رجال الأمن البواسل يقدمون أرواحهم في سبيل حماية الوطن والتصدي للفئة الضالة بكل شجاعة.