أوجه رسالة إلى جميع الموظفين: حب الوطن لا يعبر عنه بملصق أو كلمة وإنما بالإخلاص في العمل.كلما تقابلت مع بعض أصحاب الخبرة من موظفي الدولة وقيادييها خصوصا العصاميين منهم فإني دائما أسألهم: هل تتمنون العودة للعمل في الوقت الحالي؟ وهل تتحسرون على الأيام الماضية عندما كنتم تعملون بهمة ونشاط وتباشرون أعمالكم قبيل الموعد المحدد؟ وكانت إجابتهم بالإجماع انهم لا يتمنون العودة لوظائفهم ليس بسبب الأعباء والضغوط او المحسوبية وإنما بسبب استشراء داء الإهمال بين صفوف غالبية الموظفين وتثاقلهم في الذهاب لأعمالهم الامر الذي عطل مصالح الدولة. والواقع ان بعض مؤسسات الدولة ووزاراتها تعاني ظاهرة تأخر الموظفين (رجالا ونساء) عن الموعد الرسمي لمباشرة العمل صباحا الذي حدده نظام وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل وخروجهم المبكر من العمل تحت ذريعة جلب أبنائهم من المدارس التي ينتهي دوامها قبيل انتهاء دوام العمل الرسمي! ويقول بعض القياديين: إن أسباب تأخر الموظفين عن أعمالهم لاتعود لازدحام الشوارع بالسيارات وإنما لأنهم لا ينامون مبكرين مساء، وبالتالي لا يصحون مبكرين خوفا من تأخرهم عن أعمالهم بل يتأخرون في السهر الذي ينعكس على شكل ارهاق وتعب ورغبة في النوم واحمرار العيون وتثاؤب. ويشير هؤلاء القياديون الى أن العقوبات الادارية والمالية لم تنفع مع أمثال هؤلاء الموظفين وأصبح الامر مزعجا بالنسبة لهم، ولاسيما ان الاسطوانة التي يعيدونها على المسامع عن اسباب تأخرهم عن الدوام لم تتغير وإزاء ذلك أصبح من العسير الاستمرار في محاسبة الموظفين غير الملتزمين بساعات العمل على الرغم من محاولة إفهامهم ان حب الوطن ليس بالتعبير عنه بملصق او بكلمة وانما بالالتزام بالواجبات الوظيفية ومنها احترام الدوام الرسمي ومصالح المواطنين. إن مناسبة كلامي هذا عن الدوام والالتزام الوظيفي إن بلدة ألمانية واسمها (فيتشا) وجدت ان النوم أثناء العمل لفترات محدودة يعزز كفاءة العاملين الذين زادت عليهم أعباء العمل ولم يعودوا ينتجون في ضوء نقص عدد الموظفين في الدوائر الرسمية. ووجدت البلدة ان هذا الحل يرفع عنها عبء تعيين موظفين جدد لمواجهة زيادة الاعباء بل إن شركة التأمين الصحي المحلية قامت بإعطاء العاملين تدريبات على النوم فترات قصيرة يعود بعدها الموظفون إلى ممارسة أعمالهم بهمة ونشاط علما أنه محظور على الموظفين تناول الشاي أو القهوة او أي طعام أثناء الدوام ولديهم (بريك) لمدة ربع ساعة عند العاشرة صباحا في كافتيريا الإدارة او المؤسسة. لا أعتقد ان بإمكاننا تطبيق الحل الذي أقدمت عليه البلدة الالمانية لأن الموظفين في دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية لا تكفيهم عشرون دقيقة للنوم أثناء العمل بل يحتاجون الى أكثر من خمس ساعات وهي ساعات العمل الرسمية وربما أكثر! ومعلوم ان ساعات العمل الرسمية في الدول الأجنبية سبع ساعات بالتمام والكمال عدا ساعة الغداء التي غالبا ما يقضيها الموظفون في المطاعم القريبة من أعمالهم تحسبا لأي تأخير قد يتعرضون له لو أنهم فكروا في تناول طعام الغداء في منازلهم خصوصا أن وجبة الظهيرة عندهم هي سندويتش أو وجبة سريعة. ذات مرة سألت بعض الموظفين: ماذا لو أصبح بدء الدوام عندنا في التاسعة صباحا وانتهى في الخامسة مساء فأجابوا بصوت واحد: الله لا يغير علينا نعمة النوم وسماحة قياديينا وطيبة قلوبهم حين يرفضون إصدار قرارالخصومات المالية من مرتباتنا عندما نتأخر عن العمل أو نخرج بلا استئذان! هذا الموضوع أضعه بين أيدي المسؤولين في كل من: وزارة الخدمة المدنية، وزارة العمل، ديوان المراقبة العامة، هيئة الرقابة والتحقيق، وكل الجهات الرقابية والمسؤولة عن تعطيل مصالح المواطنين والدولة، ونوما هادئا وأحلاما سعيدة للموظفين مدمني السهر والفضائيات!! وتقبلوا خالص تحياتي وتقديري.