تلك الصخرة المسماة بوابة الحياة في كتب الأولين التي يسميها -تجنيًا على كل ما يقدسه الآباء- أبناء هذا الجيل باسم صخرة الموت. بابها السفلي المُشْرع لكل سفن الدنيا لينعموا من لبن هذه الأرض، لكن سفن الغزاة لا يمكن لها أن تعيش ولو يومًا واحدًا على شاطئ هذه الأرض لأن البوابة المرصودة تحيلها حطامًا وركامًا. صيادو -هذا- الشاطئ هم أغنى أهل البلاد، ليس لأنهم يغنمون ما في سفن الأعداء المتكسرة، بل ثمة كنزٌ من أرجوان الذهب يخبئه لهم قاع البحر، فلا يقتنصه أحد في الوجود سواهم. قرب الصخرة وعلى شاطئها الأدنى وقف على السياج الحديدي يتنشق هواء البحر القادم من زفيرها، فعل ذلك ويداه ممدودتان في حركة تجعل رئتيه تأخذان أكبر قدرٍ من هذا الأكسجين الذي يريد أن يملأ روحه منه قبل أن يكون غذاءً لجسده الهزيل.أخذ يسير على رمال الشاطئ بعد أن تخطى الحاجز الصناعي صوب مركب صغير ليطلب منه أن ينقله إليها.. حينما وصل أخذ يجاهد نفسه في الصعود أعلاها إلى أن وصل قمتها. أخذ يتأمل الجبال المكسوة بالبياض التي أعطت الشواطئ اسمها، ابتسم لها وأخذ يلوح بكل جذلٍ لكل ما فيها من بياض واخضرار، ثم قفز صوب البوابة المرصودة أسفل الصخرة وهو يبتسم ابتسامة لا شيء يتسع لها سوى بوابة الصخرة وهي تبادله ذات الابتسامة، لكن بشيء من غموض السحر المسبوك على مائها.