يُحكى أن الماء انحدر يوماً صوب الجبل متجهاً إلى الوادي، وفي طريقه وقفت أمامه صخرة كبيرة، فابتسم الماء وتحيز عن يمين الصخرة وواصل سيره إلى الوادي، غضبت الصخرة وقالت: غداً سأغلق الجهة اليمنى عن الماء، وفي الغد انحدر الماء كعادته، فلما وصل إلى الصخرة ابتسم فأخذ عن يسار الصخرة وواصل سيره، فكرت الصخرة أن تغلق الجهة اليسرى عن الماء، وفي الغد انحدر الماء حتى وصل إلى الصخرة فابتسم! ولكن الصخرة قالت: هيهات أيها الماء، لقد أغلقت كل المنافذ التي توصلك إلى الوادي فانصرف إلى حيث جئت! ولكن الماء لم يستسلم بل ابتسم ابتسامة كبيرة وأخذ يغوص في قاع الأرض حتى خرج كالينبوع من خلف الصخرة وواصل سيره إلى الوادي، فغضبت الصخرة غضباً شديداً وقالت: ما أقوى حيلتك أيها الماء! ولكن موعدنا في الغد! فأخذت الصخرة أحجاراً كبيرة ووضعتها في قاع الأرض، وسدت كل نافذة توصل الماء إلى الأرض، وفي الغد جاء الماء في رقراقة ينحدر من صبب فوقف أمام الصخرة وتبسم، فابتسمت الصخرة للماء وقالت: اليوم فقط سأنتصر عليك أيها الماء! فابتسم الماء ابتسامة عريضة ثم أخذ يتبخر في السماء لينشئ سحاباً ركامياً حتى سارت به الرياح إلى الوادي رويداً... رويداً... فتساقطت حبات المطر في السهول والقيعان! هنا انهارت الصخرة وسقطت صريعة. نعم... إنها الإرادة والإصرار والصمود والصبر والتفاؤل، وقبل ذلك الإيمان بالله تعالى والتوكل عليه، والرضا بقضائه، وقدرة شمسها وضيائها. نريد أشخاصاً يعطون للحياة أجمل معاني الفرح، يشاركون الطير في تغريده، يبدؤون يومهم بتفاؤل وثقة بأن كل ما في اليوم رائع... سيلتقون أشخاصاً رائعين... سيعطون عطاءً مميزاً، يتخطون العقبات... لن تنال منهم المصاعب، ولن تحطمهم أُمنية تاهت في دروب الحياة الكثيرة. يقول أحد الحكماء: «سقيت زهرة في حديقتي فلم تشكرني، ولكنها انتعشت فانتعشت حياتي معها». وخير من ذلك قول الحبيب محمد «صلى الله عليه وسلم»: «تفاءلوا بالخير تجدوه». وكذلك قول الله تعالى في قرآنه الكريم: (وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم)، صدق الله العظيم. إنني أهمس في إذنك أيها الإنسان الكريم قائلة لك: «جدد عطاءك». [email protected]