في العراق الكل يدّعي أنه يحارب التطرف والإرهاب: نوري المالكي، بشار الأسد، إيران، داعش، القاعدة، إسرائيل، الأكراد. الكل يحارب تحت مظلة تصفية الإرهاب الذي جعلوه خالصاً في عرب السنَّة بالعراق والشام، رغم أن عرب السنَّة هم سكان الديار الأصليين وليسوا قيادات وافدة وهجينة جاءت من شرق الخليج العربي من بلاد فارس وأطراف أوروبا ومن بقايا الهجرات الآسيوية. الحرب بالعراق تشن على القبائل والعشائر والشعوب العربية السنية التي كانت تحكم العالم الإسلامي بما فيها الأراضي العراقية والشامية زمن الخلافة الإسلامية منذ فجر الإسلام منتصف القرن السابع الميلادي حتى أعلنت تركيا نهاية الدولة العثمانية ونهاية الخلافة أوائل القرن العشرين. فقد أحدثت أمريكا خللاً بالعراق عندما احتلته عام 2003م حين سلَّمت العراقلإيران وقيادات شيعية متطرفة ولاءها إلى شيعة إيران مدعية أن الأغلبية للطائفة الشيعية بعد إرضاء الأكراد بمنحهم سيطرة على أراضيهم, وقصر السنَّة على الأصول العربية رغم أن جماعة أهل السنَّة هي الأكثرية المطلقة في العراق إذا انضم إليهم الأكراد والعرقيات الأخرى التي تدين بالمذهب السني مذهب الخلافة الإسلامية طوال تاريخها, فالشيعة بالعراق في فرزهم الأخير يقولون إن الأكراد سنَّة لكنهم ليسوا بعرب أي أنهم يخلطون المذهبية بالعرقية إذا أرادوا حتى لا تتبيّن أقليتهم, لذا عندما تحركت الأكثرية قبائل الموصل والشمال استعان المالكي بشيعة الفرس. تنبهت أو اضطرت بعض القنوات الإعلامية إلى أن تغيّر من سياساتها وتتعامل مع الواقع واعتبرت ما يحدث في العراق هي ثورة قبائل الشمال ضد الظلم والهيمنة المذهبية في بغداد، وأصبح الإعلام يعترف بأنها حرب على القبائل والعشائر والجماعات السنية في العراق والشام بعد التضليل الطويل باعتبارها جماعات متطرفة. إذا استمرت الحرب بهذه الصورة ستتكشف الأوراق للرأي العالمي: بأن الحرب في العراق صراع مذهبي صرف تغذيه القوميات. فالحرب العراقيةالإيرانية في الثمانينات كانت مواجهة بين السنة والشيعة تغذّت بوهج العرقية: العرب والفرس. والحرب التي تدور منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003م هي حرب على السنَّة تحت غطاء محاربة الإرهاب، لكن إيران تخشى المواجهة المذهبية لأنها ستجد نفسها بين كماشة المحيط السني الواسع، ففي شرقها دول شرق العالم الإسلامي السني - آسيا الوسطى - دول سنية انفصلت عن الاتحاد السوفييتي السابق، أما غرب إيران فالعالم العربي بمحيطة السني الكبير ومن خلفه المحيط الأوسع إفريقيا بكل دوله وشعوبه السنية، لذا تتلافى إيران وصف الحرب بالمذهبية لأنها ستكون معزولة ومحاصرة في دائرة ضيقة مع حكوماتها المالكي وبشار الأسد، لذلك يبقى الحديث عن الإرهاب هو الحديث الناجح لتقاطعه مع الغرب. أهم ما كشفته حرب ربيع الموصل أنها عرَّت تماماً المذهبية الشيعية وكشفت عن أنها مواجهات: فارسية شيعية - عربية سنية.