بدهشة كبيرة يتابع المهتمون بالشأن العراقي انهيار الجيش العراقي وتقهقره أمام مليشيات «داعش»، فبعد اجتياح محافظة نينوى والسيطرة عليها من قبل هذه العصابات التي لا يمكن أن تضاهي في أعدادها وتسليحها الجيش العراقي الذي وصل تعداده إلى أكثر من مليون جندي، وامتلاكه الأسلحة المتنوعة. «داعش» الآن سيطرت على نينوى وألحقتها بمحافظة الأنبار التي تعد من الناحية العسكرية ساقطة عسكرياً، فالفلوجة تحت سيطرة «داعش» ونصف الرمادي، كما سيطرت على الحدود مع سوريا، وأخذت عناصر «داعش» تنتقل بين الأراضي السورية والعراقية، والآن تحتل «داعش» قرابة أربعين بالمئة من العراق، فعناصرها القتالية تتنقل من الحدود السورية العراقية حتى أقرب نقطة من العاصمة العراقيةبغداد، إذ أقضية سامراء وبيجي المحاذيين لبغداد والتابعين لمحافظة صلاح الدين تحت سيطرة «داعش»، كما أن الجيش العراقي انسحب من محافظة كركوك حيث كانت الفرقة الثانية عشرة ترابط هناك، وهو ما دفع قوات البشمركة الكردية لدخول المدينة للدفاع عن الكرد الموجودين هناك. والسؤال الذي يتداوله العراقيون والذين يتابعون الأوضاع هناك من المراقبين: كيف أمكن لتنظيم مليشياوي أن يدحر جيشاً منظماً حتى وإن كان تحت قيادة غير محترفة! لأن الجميع يعرف أن قادة جيش العراق تحت إدارة نوري المالكي قد نصبت على رأس قطاعاته بما فيهم قادة الفرق والألوية «أمراء المليشيات الطائفية»، وهم لا خبرة لهم ولا كفاءة رغم حمل أكتافهم للنجوم والسيوف. أما تنظيم «داعش» وخصوصاً في العراق، فتذكر بعض المصادر معلومات وإن لم تتأكد بعد بأن هناك تحالفاً بين «داعش» وتنظيمات معارضة مسلحة تتبع النظام السابق، إذ تتحدث معلومات عن تحالف بين الجماعة النقشبندية، وهي جماعة متصوفة تضم عشرات الآلاف من المقاتلين الذين يدينون بالولاء لنائب الرئيس العراقي السابق إبراهيم عزة الدوري، كما أن العديد من ضباط الجيش العراقي السابق وخصوصاً من البعثيين السابقين يقودون القوات المختلطة من «داعش» والنقشبندية وسرايا من الجيش العراقي السابق، وأن هذا الخليط يحظى بكفاءة قتالية، ويقود وحداته العسكرية ضباط محترفون من الجيش العراقي السابق خصوصاً من أصحاب الرتب المتوسطة «من رتبتة عقيد حتى نقيب»، وأن هؤلاء يتميزون على قادة الجيش العراقي الحالي بالكفاءة والخبرة التي اكتسبوها في المعارك التي خاضوها إبان عهد صدام حسين، وهؤلاء الذين سرحهم المحتل الأمريكي يغذيهم حقد على نوري المالكي وجيشه وضباطه الذين جاء أكثرهم من المليشيات الطائفية، ولهذا فإنهم يصرون على اجتياح المحافظات الغربية، وأنهم يعزمون على دخول بغداد والسيطرة عليها، أو على الأقل نصف بغداد من جهة الكرخ وحزام بغداد، بل وحتى السيطرة على محافظة بابل، وبهذا يرسمون الكيان الفدرالي الثالث، فإلى جانب إقليم كردستان تحصر المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط في إقليم، وتفرز المحافظات الغربية الشمالية في إقليم ثالث، لتتجسد خطة جون بايدن نائب الرئيس الأمريكي الذي اقترح قبل أعوام تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم، وهو ما يجري تنفيذه الآن على أرض الواقع.