تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبرا - تم نفيه فيما بعد - عن صدور عقوبة ضرب الزوجة التي قدرت ب(خمسين ألف ريال) وهذا ما جعل الكثير من الزوجات والنساء بشكل عام يستبشرن خيرا؛ حيث إن تلك العقوبة ستحد من بعض ممارسات العنف التي يمارسها بعض أشباه الرجال ضد النساء عموما، فكم من زوجة تقاسي الويلات بسبب سوء أخلاق زوجها وضربه المستمر لها وكم من امرأة قاست الويلات بسبب تسلط وليها وممارسته الضرب والتعنيف لها، ولا شك أن صدور مثل هذه العقوبة وإقرارها يجعل مثل هؤلاء يحجمون عن تلك الممارسات البغيضة تجاه المرأة، ذلك المخلوق الضعيف الذي يحتاج إلى العطف والحنان والاحتواء لا إلى الضرب والتعنيف بأشكاله المختلفة؛ حيث إن الأصل في العلاقات الزوجية المودة والرحمة وهذا هو الوضع الطبيعي، وحدوث مشاحنة أو بغضاء بين الزوجين يعتبر حالة مرضية تقتضي المعالجة. إن من مظاهر اكتمال الخلق ونمو الإيمان أن يكون المرء رفيقا رقيقا مع أهله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم» فإكرام المرأة دليل على كمال الشخصية، وإهانتها علامة على الخسة واللؤم، ومن إكرامها التلطف معها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن من حق المرأة على الرجل أن يصبر على أذاها، وأن يعفو عما يكون منها من زلات؛ حيث قال بعض السلف: اعلم أنه ليس حسن الخلق مع المرأة كف الأذى عنها، بل تحمل الأذى منها، والحلم على طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت نساؤه يراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل ومع ذلك يقول خير البشر صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» (متفق عليه) ومعنى (استوصوا): تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن، وذهب بعضهم إلى أن المقصود بأعلى الضلع : اللسان، أو الخلق، أو الفكر، فلو حاولت أن تجعله مستقيما تاما وأصررت على ذلك كسرته، وكسره طلاقها كما في حديث صحيح مسلم: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا» لذا يجب أن نتعامل مع النساء بمبدأ الرحمة ولا مانع من سن بعض العقوبات الملزمة التي تلجم من يحاول التطاول على المرأة أو يقلل من شانها. فما ضرب رسول الله امرأة ولا أهانها، فإياك أخي أن تتعامل مع أختك أو أمك أو ابنتك أو زوجتك بمنطق «اللا رحمة» فمن يتعامل هكذا فليغير معاملته من فوره، وليقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان آخر كلامه: «أوصيكم بالنساء خيراً».