إذا كان الطير يرقص مذبوحاً من الألم، فإنّ إيران ترقص منتشية بسرطانها. هكذا يرى جميل الذيابي المشهد الإيراني من منظوره الذي يستشرف المستقبل. وهي مقولة حاول المؤلف أن يبرهن عليها في ثنايا كتابه الموسوم ‹›إيران ورقصة السرطان» الذي صدر عن دار العبيكان للنشر. عرض الذيابي في بداية كتابه مقدمة وافية شاملة ومختصرة عن جمهورية إيران الإسلامية: التاريخ والنشأة ومذهب الدولة والاقتصاد والقوى الدينية المسيطرة على حكم إيران بعد الثورة الخمينية. هذا الكتاب يتضمّن جملة مقالات حول إيران وسياستها التي يراها تتميز ب «النجادية» المحفوفة بالدعم الكامل من خطاب «مرشد الثورة» خامنئي، التي تعد منطقة الخليج وما حولها امتداداً لحلم النفوذ الفارسي البائد منذ سقوط الدولة الصفوية على يد سليم الثالث. يقول في توطئة كتابه: « عندما اعتلى أحمدي نجاد سدة الحكم في إيران في أغسطس عام 2005م كان حدسي ينبئني بأنّ هذا الرجل المتدثر بعباءة الخميني سيقود الشعب الإيراني إلى جحيم جديد» وسيدمر كثيراً من مكتسبات الشعب الإيراني، ورأى أن إيران باستراتيجياتها الرسمية، من خلال نجاد وخامنئي، تنهج منحى العدوانية تجاه دول الخليج . وقد باتت النووية الإيرانية تشكل تهديداً مباشراً للأمن السياسي والاقتصادي والبيئي لدول الخليج كافة. ولهذا دعا الكاتب قادة دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبهم إلى تبنّي موقف موحّد لمواجهة التهديدات الإيرانية، والانتقال من لغة الكلام إلى لغة الفعل. وهو يرى أنّ ‹›الزحف الإيراني تجاه الخليج›› هو استهداف سافر لأمن الخليج وسلامته، داعياً دول الخليج للتحرك بصورة عملية لدرء الخطر الإيراني وحماية المنطقة من آثار المنشآت النووية. ويرى المؤلف أن السياسة الإيرانية، بوضعها الحالي، ستؤدي إلى زوال الوهم الإيراني المتغطرس، وهي سياسة غير مريحة، لأنها مصدر خطر على دول المنطقة الساعية للاستقرار والتنمية وتحقيق السلام. وهي سياسة لا تزال تحكمها «الفكرة التآمرية». لكونها تعُد نفسها دولة إسلامية مسالمة تعرف مصالح المنطقة وتريد الانفراد بها. وتحمل رؤية تزعم أنّ كل من يتدخل في شؤونها فهو صاحب مطامع وسيورثها لإسرائيل. وإيران في السنوات العشر الأخيرة تذكي نار العاطفة الدينية والمذهبية، من أجل إيجاد غطاء شيعي متمدد تستفيد منه. وأن المعركة القائمة على قدم وساق حالياً على المستوى الدولي سياسياً واقتصادياً وديبلوماسياً، بأنهاد تنقلب إلى علاقات مصلحية لإيران مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل على حساب المصالح العربية، لأنها تحمل في طياتها نوعاً من الصراع على الهيمنة على الخليج العربي. ويدلل على ذلك بما ورد في كتاب «التحالف الخائن» عن صفقة سرية بين إسرائيل وإيران وأميركا. وينقل عرض إيران على البيت الأبيض وقف برنامجها النووي والتعاون في العراق مقابل منحها النفوذ الذي تحلم به في المنطقة. ويذكر الذيابي الأحواز وأهميتها في الصراع العربي - الإيراني . فبعد إعدام السلطات الإيرانية 13 من أعضاء جماعة «جند الله» السنية، سارعت القيادة العليا للمنظمة الإسلامية الأحوازية إلى الكشف عن وثيقة وصفتها ب «السرية»، قالت فيها إنّ إيران تجهّز مطاراتها وقواعدها وخلاياها العسكرية والأذرع التابعة لها في المنطقة، لزعزعة أمن دول الخليج العربية واستقرارها. قيادة المنظمة الأحوازية أشارت، بحسب مصادرها، إلى إنشاء الحرس الثوري الإيراني لأربعة معسكرات جديدة، بهدف تدريب عناصر «مواطنة» خليجية «مرتزقة» يعملون لاحقاً، كلٌّ في وطنه، السعودية، الكويت، الإمارات، البحرين، لتنفيذ مخططات إجرامية، وتأكدت أن هناك نحو اثنتي عشرة خلية حتى الآن، تم تدريبها وتجهيزها في هذه المعسكرات، وبدأت بالعمل لمصلحة إيران على تهريب الأسلحة والعتاد والمتفجرات والمخدرات، وبكمية كبيرة، عبر حدود العراق إلى دولتي الكويت والسعودية. وعندما قامت إيران بمناورات عسكرية ، كانت المعلومات تؤكد مشاركة عناصر من «حماس» و «حزب الله» و «الحوثيين»، ومرتزقة من بعض دول الخليج العربية في تلك المناورات، ولا شك أنّ من أهداف تلك الاستعدادات العسكرية إيجاد خطط لضرب أهداف استراتيجية ومنشآت حيوية في دول خليجية معيّنة ليست على وفاق مع السياسة الإيرانية. إن ما ورد في الوثيقة عن وجود مرتزقة عرب في الصف الإيراني لا يمكن نفيه وإنكاره، بعدما اعترف به عدد من الإيرانيين الإصلاحيين خلال قمع المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية، كما أن شعارات رفعت بين المتظاهرين تندد ب «حماس» و «حزب الله»، لذا يتوجب على الحكومات الخليجية تقصّي حقيقة ما ورد في تلك الوثيقة، والحذر التام من هؤلاء المتسللين الحاقدين والمندسين، ولا بد أن يدرك أهل الخليج أن منظمات وحركات عربية تمول وتدعم من إيران، وتعمل لمصالحها، وينصبّ هدفها على ضرب آبار نفط دول الخليج وزعزعة أمن بلدانها واستقرار شعوبها في مقابل أيمن. لا شك أن هذه الخطط الإيرانية «الإجرامية»، هي بمثابة توقع من قِبل الساسة الإيرانيين لضربة عسكرية من إسرائيل أو أميركا، لذا بدأوا الاستعداد لها بتنفيذ مخططات إرهابية في دول الخليج، عبر ضرب الآبار النفطية والمصالح الأميركية أولاً، وهو ما ينسجم مع تصريحات المسؤولين الإيرانيين أخيراً بأنّ عدم استقرار بلادهم سيؤدي إلى عدم الاستقرار في كل منطقة الشرق الأوسط والعالم. ويرى المؤلف أنه يجب الحذر من جحافل العرب المتلونة و «المنبطحة» أمام سياسات إيران وخططها وأموالها، خصوصاً تلك الوجوه التي تأتي إلى عواصم خليجية بوجه، وتذهب إلى إيران بوجه آخر، لتقدم هناك الولاء والسمع والطاعة، وتحيك المخططات ضدنا من قلب طهران. ويعرّف الذيابي بالأحواز فهي، في الأساس، إمارة عربية وعدد سكانها نحو ستة ملايين نسمة، ولم يخضع الأحوازيون للحكومات الإيرانية المتعاقبة، فقد قاموا بثورات ضدها لاستعادة السيادة على أراضيهم، وآخرها ثورة منتصف نيسان (أبريل) عام 2005، التي قتل وجرح فيها المئات واعتقل الآلاف، فلماذا لا يستفاد من «غضب» أهل الأحواز وبلوشستان ضد إيران، طالما هي تتعمّد الرقص بالنار فوق رؤوسنا لزعزعة أمننا واستقرارنا؟ وهكذا تشعر بأنّ الآخرين قادرون على التخطيط أكثر مما تخطط . وأكّد الذيابي أن الصلف والتعنت الإيراني إزاء القرارات الدولية والإصرار على مواصلة بناء المشروع النووي، يهدد ويؤثر في عواصم دول الخليج العربية أكثر من عاصمة بلاده طهران، خصوصاً بعد أن أفشل النظام الإيراني المتربع على العرش كل الدعوات، ومساعي الحوار السلمي ، واصفاً الخطط الإيرانية «التوسعية» بأنها لم تعد خافية على المراقبين، إذ إنها تعمل على تهييج المشاعر الشعبية وصناعة مشكلات طائفية داخلية، حتى يسهل عليها التغلغل داخل البؤر المتوترة، وتمرير مشروعها التوسعي للهيمنة على المنطقة، وإعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية. ورأى الذيابي أنّ مواجهة السياسات الإيرانية واجبة على جميع الشعوب المؤمنة بعدم التدخل في شؤون الجيران والآخرين، ودعا المثقفين العرب إلى فضح الوجه السلبي لسياسات النظام الإيراني.