بماذا أرثيك يا أبا محمد، بدمعي، بألمي، بحنيني، لا الدموع تفيك حقك ولا الآلام تصوِّر ما بداخلنا. مصابنا جلل وفجيعتنا عظيمة. سنبكيك ونظل نبكيك، كلما وقفنا على إنجازاتك، كلما قرأنا مؤلفاتك، كلما تذكّرنا الدرر التي تسكبها نصحاً وتوجيهاً، كلما نشدنا النزاهة والشرف اللذين هما جزء منك وأنت جزء منهما. كنت كتلة من القيم تنتقل من جيل إلى جيل حملت عبقها ونثرته أمانة وإخلاصاً وحكمة وجدية وعدلاً ونزاهة وشرفاً.. غرست هذه القيم في كل المقربين من حولك، أسرتك، أقاربك، أصدقاءك، زملاءك، وأبناء هذا الشعب المحب لشخصكم. وها هو الغرس جنيت ثماره قبل رحيلك، هذا أحد أعمالك الباقية لك بعد أن قابلت المولى سبحانه وتعالى وأنت طاهر، نزيه، شريف. نعم ما عملته هو صناعة جيل تمثّل قيماً غرستها بيديك الكريمتين. وها هو الغرس تقلّد مناصب عديدة في الدولة ويرجع الفضل لله ثم لمعاليكم - رحمكم الله - في كل القيم والمبادئ التي اكتسبوها. نعم، ندين لك - بعد الله - بالفضل في قيمنا ومبادئنا وأخلاقياتنا المهنية والعلمية والحياتية. ونعدك حتى بعد أن رحلت عنا أن يظل كل ما تعلمناه منك، هو نهجنا في هذه الحياة. أوصيتني قبل وفاتك بعدة أشهر بأمور كثيرة تتعلق بالقيم والمبادئ وأسلوب التعامل مع الآخرين في حياتنا العامة وحياتنا العملية.. ولكن ركزت على ثلاثة كلمات وكررتها بصوتك الهادئ قائلاً: الدين - الضمير - الوطن سأعمل بها ولها ومن أجلها. ويحق لي بمثلك أن أفخر - بل ويفخر بك أبناء وطنك - فكنت فعلاً فخراً لهذا الوطن - رحمك الله يا وزير الوزارات. - رحمك الله يا عميد الوزراء السابقين. - رحمك الله يا رمز العلم والتعليم. - رحمك الله يا رجل المعاني والمعالي.