ما إن تخفق «ناوية الخميس» وهي موجة من الأمطار تهطل في مطلع مايو حتى يبدأ ملاك المواشي ومربو الأغنام بموسم (القصاص وجز الصوف)، ويتكرر ذلك سنوياً. ويساعد جز صوف الأغنام في التخفيف من حرارة أجسامها وتنظيفها من الطفيليات العالقة طوال موسم الشتاء والربيع، إلا أن هذا العام صادف عجزًا كبيرًا في توفر العمالة المختصة بالقصاص حتى أصبح الحجز لدى القواصيص حاجة، ومطلباً ملحاً مما ساهم في تأخير قصاص الأغنام لهذا العام وارتفاع في قيمة أجور العمالة، فيما لا يزال بعض أصحاب الحظائر ومربو الماشية على قائمة الانتظار. في السابق كان لهذا الموسم عند أهل البادية طقوساً خاصة وأعرافاً تم توارثها. ففي موسم القصاص يجتمع أهالي (النزل) بعدما (ينخاهم صاحب الشلية) لمساعدته ومعونته بعدما يكون قد أعد لهم بيتاً خاصاً يطلق عليه «بيت القصاص»، يقدم فيه في نهاية عملية جز الصوف وليمة دسمة وقت الظهيرة (غداء العونة)، وذلك عرفانًا منه لمساعدتهم له في عملية قص صوف أغنامه هذا العمل الذي يتسم بالطابع الجماعي حيث يتميز بنشاط حماسي يرافقه الغناء وإنشاد الأشعار الغزلية والتراثية مثل الحداء والهجيني فيقضون وقتهم وهم يرددون بعد إنجاز جز كل خاروف: «قري واستقري بالكرباز الزيني..... يستاهل راعايك ذباح السميني». ويرافق هذا العمل الكثير من التعب والنصب والعناء والمشقة من شروق الشمس حتى المغيب، ثم يتم جمع الصوف الذي يستخدم لأغراض تجارية وشخصية وحياتية. وعن الأجواء المصاحبة لعملية القصاص يتحدث فايز الزيمه، فيقول: إنه عادة يكون هناك نوع من السباق بين اثنين من القواصيص وعندما يسبق أحدهما الآخر بسرعة القص وإنجاز العمل يحمل الصوف ويرميه على رأس الآخر دلالة على فوزه وخسارة منافسه وهو يردد (طلوقها) فيرد عليه البقية (يعيش اللي فوقها) ككلمة تشجيعية ومحفزة. وأضاف إن هناك أوضاعاً خاصة تستخدم لربط الأغنام قبل قصها فالمضاريع (الرغث) تربط يدها ورجلها من جهة واحدة، ولها معاملة خاصة للإسراع بجزها، أما (الجلد) والخراف فتربط جميع أيديها وأرجلها وتقص (بالزو) وهو مقص كبير الحجم يستخدم يدوياً، وهناك أيضاً مقصات كهربائية ولكنها غير عملية ولا تستخدم كثيراً على حد قوله. وعن القصاص في وقتنا الحالي يقول: إن الطرق السابقة في القصاص لم تعد متاحة بسبب وجود العمالة الأجنبية التي تقوم بالقصاص بمبلغ مالي يتراوح بين «4-7» ريالات للرأس، كما تقوم بعض العمالة بتصدير الصوف إلى تركيا وبلاد الشام لعدم وجود مصانع مختصة رغم جدوى ذلك وكثافة الثروة الحيوانية في بلادنا.